الوسطاء الأوروبيون يحذرون من انزلاق أوكرانيا إلى مهاوي الحرب الأهلية

وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبولندا «حريصون على إبقاء حبل التواصل» مع روسيا

TT

بدت باريس ومعها برلين أمس متأخرتين كثيرا بالنسبة لتسارع الأحداث في أوكرانيا. فبينما كان البرلمان الأوكراني يصوت على قرار إطلاق سراح المعارضة يوليا تيموشينكو ويقر موعدا جديدا للانتخابات الرئاسية قبل نهاية مايو (أيار) المقبل وتنحية الرئيس الحالي فيكتور يانوكوفيتش، كانت باريس وبرلين، وهما الطرفان الرئيسان مع بولندا اللذان دفعا باتجاه تسوية بين النظام والمعارضة، يدعوان إلى «احترام» نصوص الاتفاق والابتعاد عن اللجوء إلى العنف.

وقالت الخارجية الفرنسية، في بيان لها بعد ظهر أمس، إن الوزير لوران فابيوس تواصل مع نظرائه الأوروبيين، وخصوصا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بشأن تطورات الوضع الأوكراني وهو «يدعو الطرفين (النظام والمعارضة) لتحاشي العنف واحترام بنود الاتفاق الموقع». وطلب فابيوس من السفير الفرنسي في كييف، بالاتفاق مع الوزير الألماني فرانك فالتر شتاينماير والبولندي رادوسلاف سيكورسكي، الاتصال برئيس البرلمان الجديد لإيصال رسالة التهدئة واحترام الاتفاق الموقع يوم الجمعة.

بيد أن الموقف المشترك الفرنسي - الألماني -ـ البولندي، وهي الأطراف الثلاثة التي ساعدت على التوفيق بين الطرفين الأوكرانيين المتنازعين ووضعت حدا للصدامات، بدا منقطعا عما هو حاصل في كييف وفي بقية المدن الأوكرانية. ومن الواضح أن العواصم الثلاث، وفق ما قالته مصادر فرنسية، «تحرص على إبقاء حبل التواصل مع روسيا قائما» عبر الدفاع عن اتفاق الجمعة رغم أن موسكو انتقدته بقوة. وبدا هذا الحرص في بيان وزير الخارجية الألماني الذي صدر متزامنا مع بيان وزارة الخارجية الفرنسية، إذ حث الحكومة والمعارضة على «التقيد» بمضمون الاتفاق الذي رأى فيه سبيلا «لإعادة الثقة» بين الطرفين. وفي المقابل، اتخذت لندن موقفا متقدما، إذ أعرب وزير الخارجية وليام هيغ عن استعداد بلاده للعمل مع حكومة جديدة، ملتصقا بذلك بالتطورات الميدانية.

وينضح الموقف الثلاثي المشترك بـ«الرغبة في تحاشي الأسوأ»، أي استثارة الطرف الروسي من جهة والوقوع في مهاوي الحرب الأهلية، خصوصا أن الرئيس يانوكوفيتش رفض الاستقالة من منصبه، عادا ما حصل «انقلابا» على الشرعية التي يمثلها. وجاء البيانان، الفرنسي والألماني، عقب اتصال مع لافروف الذي عبر عن «قلقه العميق لعجز الموقعين على اتفاق 21 فبراير (شباط) الالتزام ببنوده»، وفق ما نقل عن مقربين منه. وطلب لافروف من الوزراء الغربيين «استخدام نفوذهم» لوضع الاتفاق موضع التنفيذ «سريعا»، مشيرا إلى أن الوزراء الأوروبيين «وعدوا باتخاذ تدابير طارئة من أجل تنفيذ الاتفاق». بيد أن البيانين، الألماني والفرنسي، لا يشيران إلى النقطة الأخيرة بتاتا.

وبدا التخوف من انزلاق أوكرانيا إلى الحرب الأهلية واضحا في تحذيرات شتاينماير الذي عد تنفيذ الاتفاق بمثابة «الفرصة الأخيرة» لضمان انتقال سلمي للسلطة ولمستقبل آمن لأوكرانيا. لكن الواضح أن رفض المعارضة الالتزام ببنود الاتفاق يلقي بظلاله على مصداقية البلدان الأوروبية الثلاثة التي يحمل الاتفاق توقيعها والتي هي الضامن المعنوي لتنفيذه. ونبه الوزير شتاينماير إلى أن الوضع في أوكرانيا «يبقى بالغ الهشاشة»، بينما قرع فابيوس ناقوس الإنذار بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور لأوكرانيا الذي يقترب من حافة الإفلاس.

وكانت الصحافة الفرنسية التي أعربت عن تأييدها ودعمها المطلقين للمعارضة في سعيها للتخلص من حكم يانوكوفيتش، قد نبهت إلى انقساماتها وإلى عجز الأطراف الموقعة منها على اتفاق الجمعة على التزام تنفيذه، ومن ثم صعوبة القراءة المسبقة للتطورات المتلاحقة.