مجلس الأمن يوافق بالإجماع على قرار لتوصيل المساعدات الإنسانية للسوريين

بريطانيا وفرنسا وأميركا تهدد باتخاذ «خطوات أخرى».. ودبلوماسيون يشككون في فاعليته

الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي يصوتون بالإجماع على قرار لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا في نيويورك أمس (إ.ب.أ)
TT

وافق مجلس الأمن الدولي بإجماع تصويت أعضائه الـ15 على القرار رقم 2139 الخاص بتعزيز وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا. وشدد سفراء كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة على ضرورة التزام النظام السوري بشكل أساسي والمعارضة السورية بتنفيذ هذا القرار، مهددين باتخاذ خطوات أخرى في حالة عدم الالتزام والامتثال بتنفيذ القرار.

وينص القرار على مطالبة جميع الأطراف، لا سيما السلطات السورية، بالسماح فورا بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، إلى المحتاجين داخل سوريا، والسماح للوكالات الإنسانية للأمم المتحدة بتوصيل المساعدات عند خطوط الصراع وفي المدن المحاصرة وعبر الحدود الدولية، ويطالب جميع الأطراف بالوقف الفوري للهجمات ضد المدنيين ووقف القصف العشوائي للمناطق السكانية.

ويطالب القرار بأن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تقرير لمجلس الأمن في غضون 30 يوما، ويحدد فيه مدى التزام أطراف النزاع في سوريا بتنفيذ القرار.

وفاجأت روسيا المجتمع الدولي بموافقتها على القرار، وأوضح السفير الروسي أن موافقة بلاده تأتي بعد أن أخذ القرار في اعتباره التعديلات التي طالبت بها روسيا. وعدلت روسيا بعض النصوص في مسودة القرار التي كانت تنص على فرض عقوبات اقتصادية على الأفراد الذين ينتهكون تنفيذ القرار. وبعد مفاوضات أجرتها وفود الأردن ولوكسمبورغ وأستراليا (وهي الدول التي قدمت مشروع القرار) وافقت روسيا على تعديل ينص على «النية لاتخاذ مزيد من الخطوات في حال عدم الامتثال».

وقال كي مون في جلسة التصويت صباح أمس إن تطبيق القرار بشكل سريع سيؤدي إلى تخفيف معاناة السوريين، مشيرا إلى القصف العشوائي للمدنيين وإلقاء البراميل المتفجرة وتفجير السيارات في الأحياء السكنية والتعذيب على نطاق واسع.

وقال كي مون في كلمته أمام المجلس «هذا القرار لم تكن له ضرورة لو كان هناك التزام بالقانون الدولي لتوصيل المساعدات الإنسانية. وتقديم المساعدات الإنسانية هو شيء لا يمكن التفاوض عليه». وأضاف «إنه أمر صادم للغاية أن كلا الطرفين المتصارعين في سوريا يحاصر المدنيين كأسلوب وتكتيك من تكتيكات الحرب». وتعهد بالعمل على القيام بما يلزم لإنهاء العنف وتوفير الحماية والإغاثة للشعب السوري.

ورحب المندوب الأردني الأمير زيد بن رعد باعتماد المجلس للقرار، مشيرا إلى تفاقم معاناة السوريين وارتفاع أعداد المحتاجين للإغاثة إلى 9.3 مليون سوري، وارتفاع أعداد اللاجئين إلى دول الجوار إلى 2.9 مليون سوري. وأكد السفير الأردني أن «القرار لن يؤثر سلبيا على المسار السياسي لحل الأزمة السورية بل يدعمه». وطالب أطراف الأزمة بالتقيد بتنفيذ القرار وفك الحصار على المدن ووقف كل أشكال الاعتداء على المدنيين.

من جانبه، قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار ارو إن هذا القرار كان ملحا وضروريا بعد تجاهل النظام السوري للطلبات المتكررة لتسهيل عمل منظمات الإغاثة الإنسانية. وأشار إلى «قيام النظام السوري بالقتل العشوائي للمدنيين وإلقاء البراميل المتفجرة والقنابل الدموية التي ليس لها مبرر عسكري إلا قتل المدنيين»، مطالبا المجلس باتخاذ قرارات أخرى في حال عدم الالتزام بتنفيذ القرار.

وهاجمت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور وحشية النظام السوري وسياسته في تجويع المدنيين المحاصرين في مدن مثل الغوطة، والقيام بأعمال عنف واعتقال وتعذيب واغتصاب للأطفال. وقالت «إن استمرار المعاناة هو نتيجة لأفعال يمارسها أفراد لديهم السلطة لوقفها، وأشير هنا إلى نظام بشار الأسد وإلى قواته العسكرية وقناصته الذين يستهدفون الأطفال، وأشير أيضا إلى جماعة النصرة التي تروج باسم الثورة لفرض الإرهاب». وشددت باور على أن قرار مجلس الأمن «ليس مسيسا أو آيديولوجيا، وإنما يستهدف مساعدة السوريين».

وانتقدت السفيرة الأميركية أن يأخذ المجلس ثلاث سنوات حتى يصدر هذا القرار. وقالت «هدفنا وصول المساعدات وألا يموت المدنيون خلال انتظارهم وصولها، وعلى المجتمع الدولي الضغط على دمشق لتنفيذ هذا القرار وضمان ألا يوجد مزيد من التعطيل أو الخروقات للقرار».

بدوره، قال السفير الروسي فيتالي تشوركين إن هدف بلاده من دعم القرار هو تخفيف الوضع الإنساني المتدهور وتوصيل المساعدات، مطالبا بأن تعمل كل وكالات الإغاثة الإنسانية بالتعاون والتنسيق مع السلطات السورية. وأشار إلى جهود لإعادة المهجرين السوريين وإعادة إعمار المناطق السكنية، وإلى المساعدات التي قدمتها موسكو لفتح المطارات وتطعيم الأطفال وإرسال قوافل المساعدات الإنسانية إلى مناطق دير الزور والرقة. واتهم السفير الروسي «المتمردين» بنهب قوافل المساعدات ومهاجمة العاملين من وكالات الإغاثة الإنسانية الدولية و«شن هجمات إرهابية تقوض جهود توصيل المساعدات للسوريين في حلب وضواحي دمشق».

وطالب بضرورة توصيل المساعدات الإنسانية بنهج «غير مسيس»، وشدد على أن بلاده مقتنعة بأن تحسين الوضع الإنساني في سوريا يتطلب تحقيق تسوية سياسية شاملة من خلال المفاوضات، وأن يقرر السوريون بأنفسهم مستقبلهم واتخاذ إجراءات مهمة في مكافحة الإرهاب. كما طالب السفير الروسي باستصدار قرار آخر يتعلق بمكافحة الإرهاب في سوريا.

وألقى السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة مارك ليال غرانت مسؤولية الأزمة الإنسانية في سوريا على عاتق الأسد. وقال «الأسد هو المسؤول عن أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم، وهذا القرار يرسل رسالة واضحة من المجلس للنظام السوري ويقول للأسد أوقف قتل شعبك وارفع الحصار ودع المساعدات تصل إلى السوريين».

وأشاد السفير الصيني بإجماع المجلس على القرار، وطالب بأن تكون إجراءات تنفيذ القرار موضوعية ومتزنة، وأن تحترم مبادئ سيادة واستقلال سوريا ووحدة أراضيها. وشدد على أن المساعدات الإنسانية توفر حلا مؤقتا للمعاناة التي يعيشها السوريون، وأن التسوية السياسية هي الحل الأشمل.