تورتشينوف رئيس أوكرانيا بالوكالة.. وجهود لتشكيل حكومة «ثقة وطنية»

تنسيق ألماني ـ روسي حول «الحفاظ على وحدة البلاد».. وواشنطن تحذر موسكو من تدخل عسكري

ألكسندر تورتشينوف، و زهور تحيط بحواجز أقامها المتظاهرون في ميدان الاستقلال بكييف أمس (أ.ب)
TT

تولى رئيس البرلمان الأوكراني ألكسندر تورتشينوف أمس منصب الرئيس الانتقالي للبلاد، ليدعو النواب للعمل على تشكيل «حكومة ثقة وطنية» قبل يوم غد الثلاثاء. وتورتشينوف، وهو حليف لرئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، قد انتخب رئيسا في خطوة ينظر إليها على أنها أول خطوة في تشكيل حكومة جديدة بعد إقالة الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش أول من أمس. وفي جلسة البرلمان الصاخبة قرر النواب عزل يانوكوفيتش الذي ما زال هاربا من قصره الريفي الخالي في الوقت الذي ظل فيه المحتجون معتصمين في الميدان الرئيسي في كييف على مسافة قريبة من البرلمان. وما زالت المخاوف حول هذا البلد الذي به 46 مليون نسمة، قائمة في الخارج؛ لأن أوكرانيا تبدو بالفعل منقسمة بعمق بين الشرق الناطق بالروسية والموالي لروسيا وهو يشكل الغالبية، وبين الغرب القومي الناطق بالأوكرانية.

وأعلن المسؤولون الأمنيون الذين عينهم البرلمان عن اتخاذ إجراءات قانونية ضد أعضاء الإدارة المخلوعة والمسؤولين عن أعمال القنص والهجمات الأخرى التي قامت بها الشرطة على المتظاهرين والتي خلفت 82 قتيلا في كييف الأسبوع الماضي. واستعاد وسط كييف أمس هدوءا حذرا وتجمع في ساحة ميدان عشرات آلاف الأشخاص من شبان وأطفال ومناصرين للمعارضة، فحمل بعضهم الأزهار تكريما للذين قتلوا، وقام بعضهم الآخر بتصوير المتاريس وآثار الرصاص على الأبنية الناتجة عن أعمال العنف خلال الأيام القليلة الأخيرة. وفي الوقت نفسه قام متظاهرون بتخريب مقر الحزب الشيوعي المتحالف مع حزب يانوكوفيتش وكتبوا على جدرانه عبارات «قتلة.. مجرمون». ومنذ مطلع الأسبوع جرى تخريب وتدمير نحو 40 تمثالا للزعيم الشيوعي فلاديمير لينين خصوصا في شرق البلاد، حسبما أفادت وسائل الإعلام الأوكرانية.

وقال فيتالي كليتشكو بطل العالم السابق للملاكمة وأحد الشخصيات البارزة في الانتفاضة: «الشيء الأهم في هذه الأيام هو تشكيل حكومة فعالة»، مضيفا: «علينا اتخاذ كل الخطوات المهمة من أجل الحفاظ على الاقتصاد الذي بات في حالة سيئة للغاية». ونفى تصوير ما حدث في أوكرانيا على أنه انقلاب، موضحا: «البرلمان آخر مؤسسة شرعية رسمية في أوكرانيا.. لا أحد يعرف مكان رئيس أوكرانيا.. حاولنا أن نعثر عليه طوال أمس. موقعه غير معلوم. لقد ترك بلدا بلا رئيس».

وبينما تتواصل المشاورات الداخلية حول تشكيل الحكومة الأوكرانية، كانت هناك مشاورات دولية حول ضرورة منع تدهور أمني في البلاد. وتوافقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس على ضرورة الحفاظ على «وحدة أراضي» أوكرانيا، وذلك أثناء محادثة هاتفية بينهما. وأعلنت المستشارية الألمانية في بيان: «إنهما (المسؤولين السياسيين) متفقان على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة في أوكرانيا قادرة على التحرك مع وجوب الحفاظ على وحدة أراضي» هذا البلد. وشددا أيضا على أن استقرار أوكرانيا «يصب في مصلحتهما المشتركة سواء على الصعيد السياسي والاقتصادي».

وبدأ الاتحاد الأوروبي وروسيا اللذان يتنافسان على النفوذ على الجمهورية السوفياتية السابقة الواقعة على حدودهما يبحثان خطواتهما القادمة. وقال مسؤولون بالاتحاد الأوروبي إنهم مستعدون لمساعدة أوكرانيا في حين قالت روسيا التي انهارت استراتيجيتها لتمويل يانوكوفيتش ماديا إنها ستوقف مساعداتها المالية إلى أن يتبين لها من المسؤول عن السلطة في البلاد.

وبينما المشادة بين روسيا والغرب مستمرة لبسط النفوذ على أوكرانيا، حذرت واشنطن موسكو من التدخل العسكري في جارتها. وقال سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي إن روسيا سترتكب «خطأ جسيما» إذا أرسلت قوات عسكرية إلى أوكرانيا، لافتة إلى أن انقسام أوكرانيا لن يكون في مصلحة روسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة. وسئلت رايس في مقابلة مع برنامج تبثه قناة «إن بي سي» التلفزيونية بشأن احتمال أن ترسل روسيا قوات إلى أوكرانيا لتعيد إلى السلطة الحكومة التي كانت أكثر قربا من موسكو، وردت رايس قائلة: «سيكون ذلك خطأ جسيما. إن انقسام البلاد ليس في مصلحة أوكرانيا أو روسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة. عودة العنف وتصاعد الموقف لن يصب في مصلحة أحد».

وقالت رايس بعد الاضطراب السياسي في أوكرانيا: «لا يوجد تناقض متأصل.. بين علاقات أوكرانيا الثقافية والتاريخية الطويلة مع روسيا وبين أوكرانيا الحديثة التي تريد اندماجا أوثق مع أوروبا».

وسئلت عما إذا كان الرئيس الروسي ينظر لنطاق نفوذ روسيا في أوكرانيا بمفهوم الحرب الباردة، فأجابت: «ربما.. لكن حتى إذا كان الأمر كذلك فسيكون هذا منظورا قديما لا يعكس رؤية الشعب الأوكراني. الأمر ليس متعلقا بالولايات المتحدة أو روسيا».