حكومة الببلاوي تغادر جسر المرحلة الانتقالية في مصر

223 يوما قضتها في مواجهة «الإرهاب» والأزمات الاقتصادية

TT

223 يوميا (نحو سبعة أشهر ونصف)، قضتها حكومة الدكتور حازم الببلاوي في مصر، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي وحكومته في يوليو (تموز) الماضي، باعتبارها جسرا لعبور البلاد من المرحلة الانتقالية، وتحقيق أهداف ثورة 30 يونيو، ومن قبلها ثورة «25 يناير»، لكنها غادرته أمس فجأة قبل استكمال استحقاقات «خارطة المستقبل» في مصر.

وقدمت حكومة الببلاوي استقالتها بالكامل أمس، وسط جدل كبير حول مدى نجاحها في تحقيق الأهداف المنوطة بها، والمتعلقة بتطلعات المواطنين الذين خرجوا في مظاهرات غاضبة ضد حكم الإخوان المسلمين السابق.

وعين الرئيس المؤقت عدلي منصور، الببلاوي، في 16 يوليو الماضي، على رأس حكومة واسعة الصلاحيات، وفقا لخارطة الطريق التي جرى وضعها عقب عزل مرسي، بعد جدل حول شخصية رئيس الحكومة، وما إذا كان سياسيا أم رجل اقتصاد، حيث كان مرشحا لها الدكتور محمد البرادعي، قبل أن يتولى منصب نائب رئيس الجمهورية؛ ثم استقالته لاحقا.

كما شهد تشكيل حكومة الببلاوي صعوبات كثيرة من أبرزها رفض وتراجع بعض المرشحين للحقائب الوزارية في اللحظات الأخيرة عن قبول المنصب نظرا للأزمات الاقتصادية الكبيرة التي تعيشها البلاد. وقال الببلاوي في خطاب استقالته أمس إن «الحكومة عندما قبلت المسؤولية لم تقبلها لأنها أفضل من في البلد قدرة وكفاءة؛ إنما لأنها من القلائل الذين قبلوا أن يتحملوا المسؤولية في هذا الوقت».

بالإضافة إلى الانتقادات التي وجهها حزب «النور» السلفي (أحد قوى 30 يونيو)، وهدد حينها بالانسحاب من العملية السياسية، حيث رفض تشكيل الحكومة مطالبا بتشكيل حكومة «تكنوقراط». لكن تشكيل الحكومة جاء وفقا لتوازنات سياسية سائدة، فجرى تعيين سبعة وزراء محسوبين على جبهة الإنقاذ الوطني (تجمع لأحزاب مدنية مناوئة لـ«الإخوان»)، والتي لعبت دورا كبيرا في عزل مرسي، في حين جرى الإبقاء على خمسة وزراء من حكومة هشام قنديل السابقة.

عقب تعيينها، أوكل لهذه الحكومة محاولة استعادة الأمن في الشارع المصري، وتجاوز التحديات الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وتسويق الإدارة الجديدة للبلاد خارجيا، باعتبار أن ما حدث في 30 يونيو كان استجابة لإرادة شعبية وليس انقلابا على السلطة كما يدعي أنصار مرسي، في ظل تحفظ بعض الدول على ما حدث في مصر.

بدأت الحكومة عملها وسط احتجاجات واعتصامات لأنصار الإخوان المسلمين، وأعمال عنف متزايدة خاصة في منطقة سيناء. فاتخذت قرارا حاسما بفض اعتصامي «رابعة والنهضة» لأنصار مرسي في 14 أغسطس (آب) الماضي. وووجهت بانتقادات حقوقية ودولية كبيرة بعد مقتل نحو 578 خلال عمليات الفض.

خلال تلك الفترة، كثفت الحكومة حملتها على جماعة الإخوان، فقامت بحملات أمنية على بؤر إرهابية في قرى دلجا وناهيا وكرداسة في نطاق العاصمة. ونفذت حكما بشطب جمعية الإخوان المسلمين من سجل الجمعيات الأهلية. كما أعلنتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي رسميا «جماعة إرهابية» بعد أن اتهمتها بتنفيذ هجوم انتحاري أدى لسقوط 16 قتيلا ونحو 140 مصابا على مديرية أمن الدقهلية شمال القاهرة.

وقتل نحو 200 من رجال الشرطة في هجمات لمتشددين منذ عزل مرسي، كما تعرض وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم لمحاولة اغتيال بتفجير سيارة استهدفت موكبه في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وفي مسعى منها لوقف أنصار مرسي، أصدرت الحكومة قانونا لتنظيم «حق التظاهر» يشترط موافقة وزارة الداخلية قبل التظاهر بثلاثة أيام، كما يعطيها الحق؛ إذا ما توافرت لديها معلومات جدية على وجود ما يهدد الأمن والسلم، إصدار قرار مسبب بمنع المظاهرة أو إرجائها. لكنها بذلك دخلت في مواجهة مع عناصر تنتمي للثورة ترفض تقييد حق التظاهر أو الحريات العامة.

على الصعيد الاقتصادي، ورثت حكومة الببلاوي أزمات كبيرة من الحكومات السابقة، على رأسها نقص المواد البترولية والكهرباء، وتدهور مستوى الخدمات العامة. ورغم نجاحها في حل أزمة البنزين، ومنح العاملين بالدولة علاوة خاصة بواقع 10 في المائة، فإنها وقعت في أزمات أخرى. حيث فشلت حتى الآن في تنفيذ وعدها بتطبيق الحد الأدنى للأجور وهو 1200 جنيه (ما يوازي نحو 200 دولار) من أول يناير (كانون الثاني) الماضي. وسط احتجاجات عمالية ضخمة.

ورصد المركز المصري لحقوق الإنسان 54 إضرابا مهنيا منذ مطلع العام الحالي. وقال المركز المصري في بيان له مطلع الأسبوع إن «حكومة الببلاوي تتحمل نتيجة تصاعد الأحداث، وإنها غير قادرة على التفاعل مع الظروف المحيطة واحتواء غضب الداعين لهذه المظاهرات».

وتعرضت الحكومة لضغوط لتغيير بعض وزرائها المحسوبين على تيار ثورة 25 يناير، بعدما تردد عن أنهم أكثر ميلا للمصالحة مع جماعة الإخوان. ومنهم الدكتور زياد بهاء الدين، وزير التعاون الدولي، والذي قدم استقالته أواخر يناير الماضي، وحسام عيسى وزير التعاون الدولي.