القاهرة تستقبل جثامين المسيحيين المقتولين في ليبيا.. والرئاسة تدعو للتحقيق

شاهد عيان: ثلاثة ملثمين مسلحين وراء اغتيال المصريين السبعة في بنغازي

سيارات إسعاف تنقل في القاهرة أمس جثامين المسيحيين المصريين السبعة الذين قتلوا في مدينة بنغازي الليبية (إ.ب.أ)
TT

وسط إدانات واسعة ومطالبات حقوقية وقبطية بسرعة الكشف عن الجناة، شيع المصريون من مطار القاهرة الدولي أمس جثامين سبعة عمال مسيحيين قتلوا بالرصاص في مدينة بنغازي (شرق ليبيا). وأصدرت مؤسسة الرئاسة المصرية بيانا رسميا نعت فيه الحادث، وطالبت السلطات الليبية بتوفير الأمن والحماية للمواطنين المصريين على الأراضي الليبية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لتوقيف الجناة وتقديمهم للعدالة؛ إنفاذا للقصاص العادل.

وقال مصدر أمني مسؤول في مطار القاهرة إن «المشير عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش، وافق على نقل الجثامين بطائرة عسكرية من مطار ألماظة (شرق القاهرة) إلى محافظة سوهاج (بصعيد مصر) لدفنهم في مقابر أسرهم».

واستقبل الدكتور عبد العزيز فاضل، وزير الطيران المدني في حكومة تسيير الأعمال، وعلي الرشيدي، سفير مصر لدى ليبيا، جثامين المصريين في مطار القاهرة أمس، وقال الرشيدي عقب تشييع الجثامين إن «العلاقات المصرية الليبية متينة وقوية»، في حين قالت مصادر دبلوماسية إن «الحادث موجه لكل شعب مصر، وليس لدين معين أو أشخاص بعينهم».

وأدانت منظمات حقوقية الحادث، وأشادت بالخطوة الإنسانية التي قام بها المشير السيسي، مطالبة بتشكيل لجنة من وزارة الخارجية والعدل ومنظمات حقوق الإنسان للتوجه إلى ليبيا للوقوف على أسباب الحادث وتقصي الحقائق بشأنه، وإلزام الحكومة الليبية بتعويض أسر الضحايا وتقديم المتورطين من المسؤولين الليبيين إلى المحاكمة.

من جانبه أدان المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر الحادث، وقال جورج إسحاق، عضو المجلس، إن «المجلس قرر تشكيل بعثة تقصي حقائق للوقوف على الأسباب الحقيقية للحادث والمسؤول عنها»، موضحا أن المجلس سيرسل بعثة إلى محافظة سوهاج لمقابلة أهالي الضحايا فضلا عن التواصل مع الجهات المعنية.

واستنكر صفوت جرجس، مدير المركز المصري لحقوق الإنسان، الحادث ووصفه بـ«المفزع»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نطالب السلطات الليبية بتحمل مسؤوليتها تجاه الحادث، وأن تتعهد بضمان أن لا يتكرر هذا الحادث ومكافحة الجماعات الإرهابية». وأضاف جرجس، وهو ناشط مسيحي، أن «حقوق المصريين لا تختلف بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو الموقع أو المكان الذي يعلمون فيه، وكلهم مواطنون مصريون لهم نفس الحقوق».

وأكد رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، نجيب جبرائيل، في مؤتمر صحافي أمس أن الضحايا لم يقترفوا ذنبا ولم يكن لهم خلاف سياسي أو عداء مع السلطات الليبية، وإنما كانت جريمتهم فقط أنهم يدينون بالمسيحية. وأضاف أن رواية أحد الناجين من هذه المذبحة تؤكد أنهم لم يكونوا يبحثون عن أحد للقتل سوى المسيحيين، لافتا إلى أن هذه الجريمة لم تكن الأولى أو الوحيدة التي حدثت لأقباط مصر في ليبيا.

من جهته، طالب أمجد مراد، عضو ائتلاف أقباط مصر، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأقباط يتعرضون لاعتداءات وانتهاكات كثيرة داخل الأراضي الليبية بشكل يومي وممنهج».

وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن عدد المصريين الموجودين بليبيا يناهز 1.6 مليون، غالبيتهم من العمال، وأن هناك تداخلا شديدا بين المصريين والليبيين. وقالت المصادر الدبلوماسية نفسها إن «وزارة الخارجية تبحث إعادة تطوير أنظمة وآليات اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على أرواح المصريين العاملين بالخارج».

في ذات السياق، أكد مساعد وزير الخارجية علي العشيري أن كافة مؤسسات الدولة المصرية، وفي مقدمتها الأزهر الشريف، أدانت هذا العمل الإجرامي.. وأن هناك لجنة في الخارجية المصرية بالتعاون مع السفارة المصرية في ليبيا تتابع ملف القضية والتطورات التي ستطرأ عليها.

وأوضح العشيري أن هناك تعاونا من جانب السلطات الليبية وقدمت مساعدات في سرعة إنهاء إجراءات المتوفين، حيث نقل أعضاء السفارة المصرية بالغ أسفهم وتعاطفهم للشعب المصري، بينما أجرى وزير الخارجية الليبي اتصالات هاتفية مع نظيره المصري في ما يتعلق بالحادث.

وخيمت حالة من الحزن والغضب على الأقباط في مصر، خصوصا في سوهاج أمس، وقال عادل شكري، 35 عاما، أحد شهود عيان الحادث، إن «ثلاثة من الجماعات التكفيرية أخذوا الضحايا من بيننا بعد علمهم أن كل المقيمين بالسكن مسيحيون».

وقال شكري إنهم كانوا 20 مسيحيا مصريا يقيمون بغرفة واحدة في فناء كبير (حوش)، وإن الملثمين الثلاثة المسلحين طرقوا الباب في ساعة متأخرة من الليل، وعندما سألهم صاحب السكن عن هويتهم، قالوا «إنهم لجنة من الصحة جاءوا لعمل تحاليل للعمالة المقيمة لديه لفحص فيروس سي (الالتهاب الكبدي الوبائي)».

وأضاف شاهد العيان: «فوجئنا بعد فتح الباب بأنهم ملثمون مسلحون، وبعدها دخلوا علينا الغرفة وسألونا عن أسمائنا، ولما علموا أننا مسيحيون أخذوا الضحايا السبعة تحت تهديد السلاح في سيارة.. وبعد بحثنا عن الضحايا في اليوم التالي فوجئنا بهم قتلى على بعد 60 كيلومترا على طريق بنغازي ليبيا».