بوادر انشقاق جديد في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي

بعد إقالة أمينه العام لزعيم تيار معارض له من رئاسة الفريق النيابي للحزب

إدريس لشكر و أحمد الزايدي
TT

قرر إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي المعارض، إعفاء أحمد الزايدي، زعيم التيار المعارض، من مهمته كرئيس للفريق النيابي للحزب، في خطوة عدها بعض المراقبين تهييئا لطرد الزايدي وأعضاء آخرين من الحزب.

وجاء قرار الإعفاء كردّ قوي من لشكر على دعوة «تيار الديمقراطية والانفتاح» إلى تنظيم وقفات احتجاجية ضده أمام مقر الحزب.

وعرفت الأوضاع الداخلية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تصعيدا في الآونة الأخيرة إثر ارتفاع حدة الانتقادات الموجهة إلى أمينه العام، ورده عليها بالتلويح باتخاذ إجراءات تأديبية صارمة ضد معارضيه الذين وصفهم بعدم الانضباط والإساءة للحزب ومؤسساته.

وبرز الصراع بين القياديين الحزبيين خلال انعقاد المؤتمر الأخير للحزب في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، حيث تنافس المحامي إدريس لشكر والإعلامي أحمد الزايدي بشراسة على منصب الأمانة العامة للحزب، التي فاز بها لشكر بحصوله على 848 صوتا مقابل 650 صوتا للزايدي. ومنذ ذلك الحين توصل القياديان إلى هدنة هشة ومتقطعة بعد اتفاقهما على ضرورة وضع ضوابط تنظيمية تسمح بتعايش التيارات داخل الحزب وانتعاشها وممارسة نشاطها في حدود متطلبات الحفاظ على وحدة الحزب كخط أحمر لا يجوز تجاوزه. غير أن التوازن الهش عرف بعض الاهتزازات خلال الأسابيع الأخيرة مع تصاعد حدة انتقادات المعارضين للأمين العام للحزب.

واتهم تيار «الديمقراطية والانفتاح» لشكر بمحاولة تكميم أفواه معارضيه، وعدم الوفاء بالتزاماته، خصوصا منها المتعلقة بتنظيم التيارات داخل الحزب كوسيلة لتدبير الاختلاف في ظل الوحدة الحزبية، ووصفوا تسييره شؤون الحزب بـ«الارتجالية».

وفي غضون ذلك قام التيار المعارض للشكر بتنظيم اجتماع لمناصريه يوم السبت الماضي في مدينة بوزنيقة (جنوب الرباط)، وذلك رغم معارضة الأمين العام للحزب لعقد ذلك الاجتماع ورفضه السماح بتنظيمه تحت اسم الحزب. ورخصت السلطات لتنظيم اجتماع التيار باسم الزايدي باعتباره نائبا برلمانيا عن مدينة بوزنيقة. ولم تتضمن وثائق الاجتماع ولافتاته أية إشارة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي. وخلال الاجتماع الذي حضره نحو 300 عضو ضمنهم قياديون حزبيون ونقابيون، تقرر هيكلة تيار الديمقراطية والانفتاح على الصعيد الوطني وفتح أبوابه أمام كل الغاضبين من قيادة الحزب والداعين إلى «إصلاحه وتغيير مساره».

ووجه المشاركون انتقادات لاذعة للأمين العام للاتحاد الاشتراكي، وقرروا تنظيم وقفات احتجاجية أمام المقر المركزي للحزب في الرباط احتجاجا على أسلوب قيادته للاتحاد، الذي وصفوه بـ«الارتجالية والتعسف وإقصاء من يخالفه الرأي».

ورغم أن المكتب السياسي للحزب اجتمع الاثنين الماضي برئاسة لشكر، فإنه لم يُشِر في البيان الصادر عنه إلى إعفاء الزايدي من رئاسة الفريق النيابي للحزب.

واكتفى البيان في إشارة إلى تحركات المعارضين بالدعوة إلى «ضرورة احترام جميع المناضلين للقوانين الداخلية للحزب». وفي اليوم التالي لاجتماع المكتب السياسي (الهيئة التنفيذية للحزب) جاء قرار لشكر بإعفاء الزايدي أول من أمس مفاجئا.

وفي اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، رفض الزايدي التعليق على قرار الأمين العام. وقال: «لست مستعدا للحديث حاليا في هذا الأمر»، بينما تعذر الاتصال بلشكر، غير أن قرار إقالة الزايدي من رئاسة الفريق البرلماني للحزب خلف ردود فعل مختلفة وسط أعضاء الحزب بين مؤيد ومعارض. فأتباع الزايدي عدوا القرار انفراديا وغير مشروع، مشيرين إلى أن إعفاء رئيس الفريق النيابي من اختصاص الفريق النيابي نفسه، ولا يحق للأمين العام للحزب التدخل فيه، بينما يرى أنصار لشكر أن إعفاء رئيس الفريق البرلماني من صلب اختصاصات الأمين العام للحزب، وأن بإمكان هذا الأخير إقالة رئيس الفريق النيابي بمجرد توجيه رسالة إلى رئيس مجلس النواب يسحب فيها الثقة من رئيس الفريق النيابي لحزبه.

ويرى المراقبون أن التطورات الأخيرة تعد مؤشرا على تعمق الشرخ بين الأمين العام للحزب والتيار المعارض له، ما ينذر بإمكانية حدوث انشقاق جديد في الحزب.