«التعاون الإسلامي» تحتضن اجتماعا ناقش أسباب تفشي فيروس شلل الأطفال في أربع دول إسلامية

دراسة: 17 في المائة من المسلمين يقطنون في أماكن موبوءة

TT

حذرت منظمة الصحة العالمية من انتشار فيروس شلل الأطفال لعدد من دول العالم، ما لم تتخذ الخطوات العملية وتكثف الجهود لإيصال اللقاح لسكان المناطق الشمالية في باكستان، التي تعد وشمال نيجيريا مصدرا لانتشار الفيروس.

وجاءت تحذيرات منظمة الصحة العالمية متزامنة مع اجتماع علماء المسلمين والمرجعيات الدينية في العالم الإسلامي، في مقر الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة، الذي يناقش الأسباب الدينية والاجتماعية في تأخر تفشي فيروس شلل الأطفال في أربع دول إسلامية وفي مقدمتها باكستان، ونيجيريا، وأفغانستان، والصومال، فيما يترقب أن يصدر عن الاجتماع «إعلان جدة» الملزم للأطراف المعنية بدعم الدول الأربع.

ووفقا للتقرير الصادر من منظمة التعاون الإسلامي، فإن عدد الأطفال المصابين الذين يعيشون في الدول الأعضاء يصل إلى 95 في المائة، أي ما يعادل 389 حالة مصابة سجلت العام الماضي تعرضت للإصابة بالفيروس وتتمركز في ثماني دول، في حين يعيش نحو 17 في المائة من إجمالي عدد المسلمين البالغ تعدداهم نحو 1.6 مليار مسلم في مناطق موبوءة بشلل الأطفال.

وقال الدكتور علاء الدين العلوان المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط لـ«الشرق الأوسط» إن هناك حالات جيدة لفيروس شلل الأطفال جرى الكشف عنها أخيرا في مواقع مختلف، ويكون مصدر انتشارها المناطق الجبلية في باكستان.

وحذر العلوان من مغبة استمرار الوضع الراهن وصعوبة إيصال لقاح شلل الأطفال إلى عدد من القرى والمناطق الباكستانية، وأثر التأخر في الوصول إلى الكثير من الأطفال في تلك المناطق على الصحة العالمية من خلال انتشار الفيروس للكثير من دول العالم.

وأشار إلى أن المساعي الجادة من مختلف الجهات حدت من انتشار المرض في 2012، إلا أن هذا التقدم تراجع بشكل كبير في 2013 في المناطق الباكستانية ليصل عدد الحالات التي يكشف عنها إلى نحو 90 حالة مصابة بمرض شلل الأطفال، يقابله تحسن في نيجيريا وأفغانستان اللتين تراجعت حالات الإصابة فيهما.

ولفت المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط إلى أن شلل الأطفال كان «مسؤولا عن إصابة ما يقدر بألف طفل يوميا بالشلل في مختلف أرجاء العالم، ومع ابتكار لقاح آمن وبفضل الجهود التي بذلت في جميع أنحاء العالم لضمان إيصال اللقاح إلى جميع الأطفال، أصبحنا على مشارف استئصال هذا المرض، إذ انخفضت حالات الإصابة بشلل الأطفال بالفعل بمقدار 99.9 في المائة».

وبالعودة إلى الاجتماع المنعقد في جدة، شدد المجتمعون في اليوم الأول على ضرورة توفير اللقاح المضاد لشلل الأطفال وسائر التدخلات الصحية بتجرد، وأن لا تستخدم هذه التدخلات لأغراض سياسية، وينبغي أن تتوقف الاعتداءات على العاملين في المجال الصحي وعلى المنشآت الصحية، خاصة أن صحة الأطفال ستظل معرضة للخطر إذا استمر الاعتداء على العاملين والمنشآت الصحية.

وأعد الفريق التشاوري الإسلامي العالمي خطة عمل تستمر لستة أشهر للتصدي لوضع شلل الأطفال في العالم الإسلامي، والتركيز بصفة خاصة على تحديد الواجب الديني للقادة والوالدين في حماية الأطفال والسماح للعاملين في المجال الصحي بالقيام بواجباتهم.

فيما قال الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، رئيس مجمع الفقه الإسلامي وإمام وخطيب المسجد الحرام، في كلمته الرئيسية أمام المؤتمر: «إنه طالما كانت الغاية من التطعيم (هي مصلحة الإنسان وكانت المادة المستخدمة فيها طاهرة وليست من الخبائث) فهي موضع قبول في حكم الشرع».

من جهته أدان الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف «الحملات التي يشنها بعض المتطفلين على موائد التشريع من غير المؤهلين شرعا للإفتاء وإصدارهم الفتاوى بتحريم التطعيم وتحرض ضد القائمين به، وتعدي بعض الجهلاء على جنود الإنسانية وملائكة الرحمة بأبشع صور الاعتداء وصلت إلى القتل».

وطالب الدكتور شومان بتشكيل حملات للتوعية بالمناطق الموبوءة تتكون من الأطباء المتخصصين وفي صحبتهم شيوخ وعلماء من الأزهر للمشاركة في التوعية بضرورة التطعيم ضد هذا المرض ودحض الاعتقادات الفاسدة التي تعوق ذلك.

وتعد واقعة استغلال أحد العاملين في حملة تطعيم، من قبل الاستخبارات الأميركية لجمع معلومات عن زعيم حركة طالبان في 2011، أحد الدوافع الرئيسية لقاطني تلك المدن لعدم التجاوب مع حملات التطعيم ضد شلل الأطفال للمنظمات الدولية والمحلية، وتعمل الحكومة الباكستانية مع الكثير من الشخصيات لتوضيح المخاطر الناتجة عن عدم الاستجابة للحملات على الأطفال.

وفي هذا الصدد قال الدكتور إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إن استئصال شلل الأطفال «يشكل تحديا جسيما» للمنظمة حيث إن «خمسا وتسعين في المائة من حالات شلل الأطفال التي أبلغ عنها عام 2013 سجلت في دول أعضاء في المنظمة».

وفي إطار الدعم المالي قال الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، إن البنك خصص تمويلا بمبلغ 227 مليون دولار أميركي لحكومة باكستان لدعم جهودها في تطعيم الأطفال ضد مرض شلل الأطفال، مؤكدا على تعزيز حملة التطعيم للأطفال كونه «واجبا دينيا».