«أناشيد معركة يبرود» تشعل «حربا افتراضية» في لبنان.. ومساع سياسية للتهدئة

الردود عليها وصلت إلى حد التهديد بعد ربطها بمقتل شاب في ظروف غامضة

TT

تحوّل الشاب اللبناني مروان دمشقية (31 عاما) بين ليلة وضحاها إلى حديث مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان ومحور اهتمام الصفحات التابعة للمعارضة السورية، بعدما وجد مقتولا صباح الثلاثاء الماضي، برصاص مجهولين في منطقة نهر الكلب، شمال بيروت.

وفي حين لا تزال التحقيقات جارية حول ظروف مقتله، عكست ردود الفعل الصادرة، لا سيما المتطرفة منها، حجم الانقسام الطائفي والمذهبي في أوساط المجتمع اللبناني على خلفية الأزمة السورية، على خلفية أنباء ربطت بين مقتل دمشقية الذي شيّع بعد ظهر أمس، وبين «حرب الأناشيد» الأخيرة التي انطلقت على موقع «يوتيوب» ومحورها «معركة يبرود»، التي يشارك فيها حزب الله إلى جانب النظام السوري. فبعد أن أطلق المنشد اللبناني علي بركات أنشودة موجهة إلى حزب الله بعنوان «احسم نصرك في يبرود» في وقت سابق، تناقلت صفحات المعارضة السورية والداعمين لها أنشودة مقابلة بعنوان «احفر قبرك في يبرود» تضاربت الأنباء حول علاقة دمشقية بها، فيما بذلت جهود سياسية، من قبل «حزب الله» و«الجماعة الإسلامية» التي ينتمي إليها دمشقية، لتهدئة المناصرين، خوفا من تفاقم الوضع.

وفي حين لم يتردد داعمو المعارضة السورية في الإشارة إلى خلفية سياسية وراء مقتل دمشقية، الذي يسكن في منطقة طريق الجديدة في بيروت، تضاربت المعلومات حول علاقته بأنشودة «احفر قبرك». إذ قال البعض إنه منشدها، وأشار آخرون إلى أنه هو من كتب كلامها، لكن مدير المركز الإعلامي في القلمون، عامر القلموني قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا معلومات دقيقة حول هوية كاتبها ومنشدها، على الرغم من أنّ البعض أشار إلى أنّ كاتبها هو حسام اللّباد ومنشدها هو شاب فلسطيني اسمه إبراهيم الأحمد، معروف بـ(منشد الثورة) وسبق له أن أطلق أناشيد عدّة». وأفادت مصادر أخرى بأنّ الأحمد من مواليد مدينة طرابلس في شمال لبنان.

في المقابل، نفت «الجماعة الإسلامية» التي ينتمي إليها دمشقية، هذه المعلومات مؤكّدة أنه «لا صلة للراحل مروان دمشقية بأنشودة، (احفر قبرك في يبرود) لا من حيث الإنشاد ولا الكلمات»، ردا على «ما ورد في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث نسبوا الأنشودة للراحل دمشقية».

وقالت، في بيان أصدرته أمس، إنها «لا تتّهم أحدا بالقيام بعملية القتل ولا تجزم بأي فرضية حولها»، وطالبت «جمهورها وعناصرها بالانضباط وعدم الانسياق وراء الشائعات»، مؤكدة «متابعة التحقيقات للوصول إلى جلاء الحقيقة».

وجاء بيان «الجماعة» بعد انطلاق حرب كلامية على مواقع التواصل الاجتماعي ووعود بالثأر وصلت إلى حد تهديد «الجيش السوري الحر» بالانتقام لمروان، الذي أطلق عليه الناشطون لقب «قاشوش لبنان»، مشبّهين إياه بالسوري إبراهيم القاشوش، صاحب «سوريا بدها حرية» و«يللا إرحل يا بشار»، والذي كان قد عُثر عليه مقتولا وقد اقتلعت حنجرته، في بدايات الحراك الشعبي ضد النظام السوري عام 2011.

من جهته، جدد النائب عن «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت، تأكيده لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا علاقة لدمشقية، من قريب أو بعيد بالأنشودة»، معتبرا أنّ «ردود الفعل كانت نتيجة ما صدر قبل ذلك من قبل أحد مناصري حزب الله، في أنشودة (احسم نصرك في يبرود)». وقال إن «التطرف يولّد ردود فعل سلبية»، معتبرا أنّ «الجو اللبناني المذهبي المشحون هو الذي أدّى إلى رد الفعل في أوساط الشباب اللبناني».

وكانت أنشودة «احسم نصرك في يبرود»، لمنشدها علي بركات، وهو مناصر لحزب الله ينتج أناشيده على نفقته الخاصة، أثارت ردود فعل في الأوساط اللبنانية بعد إطلاقها قبل أسبوعين. ووصفت بأنّها «تثير النعرات الطائفية»، ليأتي الرد عليها بأنشودة «احفر قبرك في يبرود»، والتي لا تقلّ «قسوة» عن الأولى في كلماتها وتهديدها لأبناء الضاحية الجنوبية. وفي هذا الإطار، ذكر موقع «جنوبية» الإلكتروني بعد أيام قليلة على إطلاق أنشودة «احسم نصرك» أنّ أمين عام حزب الله حسن نصر الله تدخل شخصيا لسحب الأنشودة من التداول، علما أن قناة «المنار» الناطقة باسم حزب الله لم تبثها على شاشتها، وهي غالبا ما تكتفي ببث أناشيد من إنتاجها الخاص.