صور السيسي وحفتر في مظاهرات ليبية رافضة لـ«الإخوان» وتمديد ولاية البرلمان

طرابلس تنفي اقتحام عناصر من ميليشيات مسلحة لوزارة الداخلية

متظاهرون ليبيون يرفعون صورا للمشير السيسي واللواء حفتر في بعض المدن الليبية («الشرق الأوسط»)
TT

في إشارة ذات مغزى، رفع أمس آلاف المتظاهرين في بعض المدن الليبية صور المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري، واللواء خليفة حفتر القائد العام السابق للقوات البرية في الجيش الليبي، في مظاهرات حاشدة ضد جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية المتطرفة، وقرار المؤتمر الوطني العام (البرلمان) تمديد ولايته التي انتهت رسميا في السابع من الشهر الحالي، إلى نهاية العام الحالي.

وفي مشهد يعكس الانقسام السياسي في البلاد، نظم الإخوان والتيار الإسلامي مظاهرات مضادة لحفتر، ورفعوا شعارات تؤكد تضامنهم مع الشرعية التي يمثلها المؤتمر الوطني.

وحذرت دار الإفتاء الليبية في بيان رسمي من وقوع مواجهات مسلحة، وقالت إنها «تتابع ما يجري في البلاد من انفلات أمني، وغياب لمظاهر الدولة ومؤسساتها، وتستنكر ما يجري من قتل واغتيالات، سواء تعلق ذلك بأبناء الوطن، أو بغيرهم من الوافدين على بلادنا»، في إشارة إلى الأقباط المصريين السبعة الذين قتلوا رميا بالرصاص في مدينة بنغازي مؤخرا. وبعدما دعت جميع المواطنين إلى الوقوف صفا واحدا، في سبيل حفظ أمن الوطن ووحدة ترابه والتمكن من مقدراته، فقد حملت دار الإفتاء الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان وأجهزتها مسؤولية ما يحدث «لتقصيرها في حفظ أمن الوطن والمواطن، وحفظ مقدرات البلاد، رغم عشرات المليارات التي أنفقت دون أن يُرى لها أثر في حياة الناس أو صورة البلاد». وطالبت دار الإفتاء في البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه بالكشف عن كل الأحداث التي وقعت في البلاد ليتبين الناس حقيقة ما يجري بها، على حد تعبيرها.

ويأتي هذا البيان بعد يوم واحد فقط من مطالبة جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا عبر ذراعها السياسية، حزب العدالة والبناء، لزيدان بالتحلي بالشجاعة والتخلي طواعية عن منصبه كرئيس للحكومة منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2012.

وعلى الرغم من إعلان السلطات الليبية التي تطارد حفتر عن صدور قرار رسمي من المدعي العام العسكري باعتقال حفتر بتهمة الدعوة لقلب نظام الحكم بالقوة وتنفيذ انقلاب عسكري للاستيلاء على السلطة، فقد رفع مئات المتظاهرين خاصة في مدن بنغازي وطبرق ودرنة والشحات والبيضاء في المنطقة الشرقية صورا لحفتر إلى جانب المشير السيسي، كما رددوا الهتافات المناوئة للإخوان وللمتطرفين.

لكن أنصار التيار الإسلامي نظموا في المقابل مظاهرة أخرى مناوئة لحفتر في ميدان الحرية بشمال وسط مدينة بنغازي، حيث رفعوا شعارات رافضة لدعوته الشارع الليبي لمساندة تحركه العسكري لتغيير الأوضاع الراهنة في البلاد.

وبينما ركز المتظاهرون في بنغازي على التنديد بعجز السلطات المحلية عن وقف ما وصفوه بالتردي الأمني وعمليات الاغتيال والتفجيرات المتكررة التي طالت مئات الناشطين السياسيين والمسؤولين العسكريين والأمنيين، فقد لاحظت وكالة الأنباء المحلية أن المظاهرات التي تواصلت أمس في العاصمة طرابلس للجمعة الرابعة على التوالي، والتي وصفتها بالحضارية والديمقراطية، قد اتسمت بالسلمية، وعدم الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مشيرة إلى أن هذه المظاهرات طالبت بعدم التمديد للمؤتمر الوطني وأعلنت رفضها لخارطة الطريق التي أقرّها للخروج من الأزمة السياسية في البلاد.

ورغم الأمطار والمناخ السيئ فقد تجمّع المئات مساء أمس بمنطقة باب بن غشير وسط العاصمة طرابلس، حاملين أعلام الاستقلال والشعارات المناوئة للمؤتمر الذي يعتبر أعلى سلطة سياسية ودستورية في البلاد، في ما سمي بـ«جمعة الخلاص». وعبر المتظاهرون عن تضامنهم الكامل والتام مع أهالي مدينة بنغازي ضد ما تتعرض له من عمليات اغتيال وقتل، كما طالبوا بتجميد عمل كل الأحزاب السياسية إلى حين الانتهاء من صياغة دستور للبلاد، وتفعيل الجيش الوطني والشرطة.

وكتب المتظاهرون على حائط مقر المؤتمر الوطني شعارات تطالب برحيله والتحرك السريع لنجدة بنغازي التي تشهد انفلاتا أمنيا مستمرا منذ بضعة شهور.

وكشف بيان لمكتب علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية عما وصفه بإجراءات عاجلة تم اتخاذها عقب اجتماع عقدته أول من أمس لجنة الأزمة بالحكومة برئاسة زيدان ومشاركة رئيس أركان الجيش الليبي وعدد من الوزراء لضبط الوضع الأمني في مدينة بنغازي. وأوضح البيان أنه «تقرر إعلان حالة الاستنفار في المدينة، كما تم الاتفاق على تحديد وحدات للجيش تكون تابعة للغرفة الأمنية المشتركة، بالإضافة إلى تفعيل الوحدات العسكرية التابعة لقيادة المنطقة لفرض الأمن وضبط المجرمين بالمدينة». ولفت البيان إلى أن الجميع اتفقوا على أن تعقد اللجنة الوزارية اجتماعها في بنغازي لوضع ما تم الاتفاق عليه موضع التنفيذ.

إلى ذلك، نفت مصادر أمنية رسمية لـ«الشرق الأوسط» ما تردد أمس عن محاولة جديدة لاقتحام مقر وزارة الداخلية في العاصمة طرابلس على أيدي عناصر من ميليشيات مسلحة. وقالت المصادر إن ما وصفته بسوء تفاهم قد اندلع على نحو مفاجئ بين القوات الخاصة بتأمين مقر الوزارة وكتيبة السد التي تنتمي إلى منطقة ككل، ويقع مقرها خلف الوزارة مباشرة، مما نجم عنه إطلاق أعيرة نارية في الهواء وإصابة شخصين على الأقل.

وأوضحت المصادر التي طلبت عدم تعريفها أن الكتيبة التي كانت تؤمن مقر الداخلية منذ نحو عام وتتبع اللجنة الأمنية العليا ورقمها 40 في العاصمة طرابلس تتبع الآن قوة التدخل والردع المشكلة بقرار من رئاسة الحكومة الليبية.

إلى ذلك، نفى العقيد محمد سويسي، مدير مديرية أمن طرابلس، في تصريح رسمي استهداف مسلحين لمبنى القنصلية المغربية بطرابلس. وكانت بعض وسائل الإعلام الليبية المحلية قد أعلنت عن تعرض مبنى القنصلية المغربية لإطلاق نار من قبل مجهولين لم يسفر عن أي ضحايا. فيما قال بيان أصدرته وزارة الخارجية المغربية مساء أول من أمس إن صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، دعا خلال اتصال مع نظيره الليبي محمد عبد العزيز السلطات الليبية إلى تحمل مسؤوليتها في تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية موظفي ومقرات البعثة الدبلوماسية والمراكز القنصلية المغربية بليبيا.

وقال البيان إن المسؤول الليبي أبدى في المقابل أسفه واستنكاره لحادث الاعتداء المسلح، ووعد باتخاذ الترتيبات اللازمة لتأمين مقرات البعثة الدبلوماسية والمراكز القنصلية المغربية بليبيا، تفاديا لتكرار مثل هذه التجاوزات.