المتحدث باسم جيش جنوب السودان لـ «الشرق الأوسط»: ما حدث في جنوب السودان ليس نزاعا قبليا

الرئيس سلفا كير أوفد مبعوثين إلى عدد من العواصم العربية لإطلاعها على ما يحدث في الدولة

فيليب أقوير
TT

قال فيليب أقوير الناطق الرسمي باسم الجيش القومي لجنوب السودان، إن الوضع الأمني في دولة جنوب السودان أفضل مما كان عليه منذ شهر، مؤكدا أن الانقلاب الفاشل الذي قام به رياك مشار تحول إلى حرب محصورة في ولاية أعالي النيل وجزء من ولاية جونجلي لكن قوات الجيش تسيطر على الوضع.

وأضاف أقوير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته ووفد رفيع المستوى لمصر، أننا نحتاج إلى مساعدات إنسانية لتلافي أثر هذه الأحداث على المدنيين، مشيرا إلى أن الذين نزحوا من مناطقهم فقدوا ممتلكاتهم، والوضع الإنساني سيئ.

وذكر أن قوات جيش جنوب السودان هزمت أكثر من 51 ألفا من رجال رياك مشار وأحبطت خططه للسير إلى جوبا ومهاجمتها، لافتا إلى استمرار الوضع غامضا في مدينة ملكال في جنوب السودان حيث ما زال الجيش الذي يتنازع السيطرة على هذه العاصمة الإقليمية مع المتمردين يلقى صعوبات في التواصل مع قياداته فيها.

وعما إذا كانت هناك قوى خارجية تقف خلف ما حدث في دولة جنوب السودان أوضح أنه لا توجد أدلة للتورط، لكن المتمردين لديهم دعم خارجي، ولم نتأكد بعد مَن الذي يقدم الدعم. وعما إذا كان الهدف هو عدم استقرار الدولة وفرض مناخ متوتر قال: «هذا جزء من الأهداف، لكن المتمردين حاولوا الاستيلاء على السلطة بالقوة».

وحول مساعدة دولة السودان قال إنها تتعاون معنا في مجال الأمن وإن هناك التزاما متبادلا بالاتفاقيات الأمنية، مضيفا أن المتمردين يهددون إنتاج النفط وكذلك شركات البترول وبالتحديد التنمية في جنوب السودان، ومن دون أمن لا يمكن التفكير في أي تنمية.

وقال إن دولة جنوب السودان قادرة على توفير الأمن اللازم وإن الأوضاع الأمنية المتوترة محصورة في ولايتين من عشر ولايات لدولة الجنوب – هما جزء من ولاية أعالي النيل وجزء من ولاية جونجلي. وأضاف أن مناطق النفط جرى تأمينها من الجيش. ولفت إلى أن الاتحاد الأفريقي يقوم بوساطة ومن المنتظر أن يصل إلى حلول. ووصف ما حدث بأنه عملية تحويل للصراع السياسي إلى حرب عصابات، عادا أن الحل يكمن في المصالحة والحوار السياسي وإنشاء «دولة الكل» في جنوب السودان.

وأضاف أقوير أن دولة جنوب السودان جزء من الأمن الإقليمي الذي يعد شيئا جماعيا وإقليميا، ولا توجد دولة تعد جزيرة منفصلة في العالم اليوم. وقال إن سبعة من مجلس التحرير الوطني المكون من 136 عضوا، أعلى هيئة سياسية لحزب الحركة الشعبية الحاكم، نادوا بالعصيان المدني ضد سلفا كير لإجباره على تسليم السلطة، لافتا إلى أن 128 من المجلس وقفوا إلى جانب الرئيس سلفا كير وأعلنوا دعمهم وتأييدهم له.

وذكر أن ميزانية الجيش تبلغ 40 في المائة من ميزانية الدولة، مشيرا إلى أن تلك الميزانية ترتفع وتنخفض حسب الخطط الموضوعة لتطوير الجيش.

وتابع أن الولايات المتحدة الأميركية قدمت مساعدات فنية لدعم تدريب وتأهيل الجيش الشعبي، إضافة إلى مصر من خلال وجود قادة يدرسون في الكليات العسكرية المصرية، مشيرا إلى أن عملية التطوير بطيئة بسبب النزاعات المسلحة، والقتال الدائر مع الميليشيات.

من ناحية أخرى، أوضح أتنج ويك المتحدث باسم رئيس الجمهورية أن الرئيس سلفا كير طلب من فريق التفاوض التابع للحكومة ألا ينسحب من التفاوض، رغم انتهاك المجموعة التابعة لرياك مشار، قائد الانقلاب الفاشل، للهدنة التي جرى التوصل إليها بوساطة الاتحاد الأفريقي، مشددا على أن سلفا كير يسعى إلى السلام والاستمرار في العملية التفاوضية.

وأضاف ويك أن المشكلة في الجنوب سياسية ولا بد من حلول سياسية بعيدا عن أي تصعيد عسكري لأن الرئيس سلفا كير حريص على دماء كل الشعب الجنوبي من كل القبائل، لأنه كان قبل توليه السلطة من الشخصيات التي عملت على المصالحة بين القبائل المتناحرة في الجنوب.

وقال ويك إن الرئيس كير حريص على سلامة جميع أبناء جنوب السودان، غير أن رياك مشار يستغل القبلية في الانقلاب على الحكم ويقوم بقتل أبناء شعب الجنوب، حيث قام بقتل أكثر من 370، ومئات الجرحى في المستشفى وذلك على خلفية قبلية لأنه من قبيلة «النوير» والآخرون من «الدينكا».

ولفت ويك إلى أنه لا يتحدث كمتحدث برئاسة الجمهورية فقط، ولكنه بصفته شاهد عيان على أحداث ما قبل الانقلاب الفاشل وما بعده، مشيرا إلى أن رياك مشار قدم في سابقة تاريخية لنائب رئيس الجمهورية مذكرة تهديدية لرئيس الجمهورية في 15 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، يأمره فيها بأن يتراجع عن قرار جرى اتخاذه بإقالة حاكم ولاية الوحدة خلال سبعة أيام، وبعد التهديد بسبعة أيام دخل في حرب مع سلفا كير، مستغلا بعض القيادات في جيش جنوب السودان المنتمين لقبيلته، زاعما أنه يريد الديمقراطية، رغم أن الرئيس سلفا كير أبلغه بأن يجري دعوة مجلس التحرير الوطني (البرلمان) المكون من 136 عضوا لعقد جلسة واتخاذ قرار لدعوة الجمهور للانتخاب، ولكن لعلمه بحقيقة شعبيته تغيب مع ثمانية أعضاء من الحزب، وبعد ذلك عقد مؤتمرا صحافيا لحظة وجود الرئيس سلفا كير في فرنسا يوم 5 ديسمبر الماضي، وحرّض فيه على الرئيس، مدّعيا أنه الزعيم الروحي الذي لا بد أن يكون على كرسي الرئاسة، ثم بدأ يخطط في الانقلاب الفاشل بعد تصويت الحركة الشعبية (الحزب الحاكم) على اللائحة بعد تغيبه عن الحضور.

وأضاف أن الانتخابات الرئاسية تجري عام 2015 لمن يريد أن يكون رئيسا، أما من يحاول انتزاع الرئاسة بالقوة فهو غير جاهز للديمقراطية، وقال إن ما حدث في دولة جنوب السودان ليس نزاعا قبليا وإنما نزاع من التمرد على السلطة، واستبعد أن يصل أي متمرد للسلطة عن «طريق الدبابة»، وقال إن عهد مشار السياسي ولّى بلا رجعة.

من ناحيته، قال السفير أنطوني كون سفير جنوب السودان لدى مصر، إن حكومة بلاده تدرك أهمية السلام والتوافق بين الجميع وقد وضعت برنامجا وطنيا يساهم في اشتراك الجميع من دون إقصاء ووقف العدائيات بين المتحاربين وتوصيل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في المناطق المتضررة، وتأسيس مجلس للحوار الوطني والمصالحة للخروج من المأزق الراهن.

وعما إذا كانت دولة جنوب السودان تتعرض لمؤامرة خارجية، قال: «ليس وقته الآن، والكل يعلم ما يحدث في المنطقة، ونحن لسنا بعيدين من ذلك». وأشاد كون بالدعم المصري لبلاده، وكذلك ما قدمته جامعة الدول العربية، وقال إن دولته ليست عضوا في الجامعة وإن الانضمام إليها لم يحسم بعد.

يشار إلى أن الرئيس سلفا كير أوفد مبعوثين إلى عدد من العواصم العربية لإطلاعها على ما يحدث في دولة جنوب السودان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها نائبه رياك مشار، وقد عقد مبعوثو كير مؤتمرا صحافيا في نقابة الصحافيين المصريين عرضوا خلاله تفاصيل الانقلاب وتداعياته والحلول المقترحة.