خبير في الشؤون الروسية: جيش موسكو لا يستطيع مواجهة حلف شمال الأطلسي

قال إن أسطولها في البحر الأسود لا يمتلك قوة رادعة

TT

منذ أكثر من مائتي عام، اتخذ الجيش الروسي من شبه جزيرة القرم في أوكرانيا مكانا لإقامته بعدما شيدت الإمبراطورة كاثرين الثانية قاعدة بحرية في ميناء سفستوبل، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991. استمر الصراع بين روسيا وأوكرانيا على تقسيم أسطول البحر الأسود فيما بينهما.

واليوم، تستأجر روسيا من أوكرانيا القاعدة البحرية في سفستوبل، الميناء الذي يوفر للقوات الروسية فرصة الاستئساد على جيرانها أكثر من القدرة على خوض حرب حقيقية، حسبما يقول الأستاذ بجامعة نيويورك والباحث في الشؤون الأمنية مارك غليوتي.

ويرى غيلوتي الذي ألف كتاب «أمن روسيا والقوات شبه العسكرية منذ 1991». في حوار، أن روسيا تجري عملية مناورة سياسية شديدة اللهجة للتأكد من أن كييف تضع مصالح موسكو في اعتبارها، وذلك حيال إعلانها التدخل العسكري، كما أنه يستند على معلومات عسكرية تفيد بأن الأسطول الروسي في البحر الأسود «لا يمتلك القوة الرادعة».

وأكد غيلوتي أن المعاهدة الموقعة بين روسيا وأوكرانيا تفرض قيودا على حجم القوات الروسية الإجمالي في القرم، وأنها لا تستطيع إضافة بارجة جديدة إلى أسطولها في البحر الأسود من دون الرجوع إلى المعاهدة، كما لا يمكنها إرسال المزيد من القوات من دون سبب وجيه يستدعي ذلك، وفيما يلي نص الحوار..

* ما مدى قوة الأسطول الروسي الرابض في البحر الأسود؟

- كقوة عسكرية قادرة على خوض الحروب، لا يثير الأسطول الروسي في البحر الأسود الإعجاب، حيث إنه جرى تصميم القطعة البحرية الرئيسية فيه للقتال ضد البوارج فقط، وعليه فإن هذا الأسطول قادر على خوض المعارك البحرية فقط. ويضم الأسطول الروسي في البحر الأسود الطراد «موسكوفا» – الذي يحمل صواريخ موجهة - وطرادا كبيرا مضادا للغواصات قديما جدا، ومدمرة وفرقاطتين تتميز بتعدد المهام، وسفن إنزال، وغواصة هجومية تعمل بالديزل. ورغم ذلك لا يمتلك هذا الأسطول القوة الرادعة، إذ أن الأسطول الإيطالي يستطيع تدميره بمفرده.

* ما مدى قوة الجيش الروسي بشكل عام؟

- رغم أنها صارت أفضل من الحالة التي كانت عليها في تسعينات القرن الماضي، تبقى قدرات الجيش الروسي القتالية على قدر معتدل من الكفاءة، لكنها ليست على نفس مستوى القدرات القتالية للجيش الأميركي أو البريطاني. يستطيع الجيش الروسي الاستئساد على بعض جيرانه من الدول الصغيرة، لكنه لا يستطيع مواجهة حلف شمال الأطلسي. كما أنه لا يمتلك القدرة على إلحاق الهزيمة بنظيره الصيني.

* إذن، لماذا بدا الجيش الروسي قويا في مواجهة جورجيا؟

- كان أسطول روسيا في البحر الأسود يمتلك ميزة نسبية في مواجهة أسطول جورجيا الصغير. ويستطيع الجيش الروسي دخول الأراضي الأوكرانية، لكن ذلك سيؤدي إلى نشوب حرب. ويبدو الأوكرانيون أكثر استعدادا لتلك الحرب من جورجيا.

* ماذا تريد روسيا أن تفعل في شبه جزيرة القرم؟

- إذا كانت روسيا تريد أن تغزو شبه جزيرة القرم، فباستطاعتها فعل ذلك. لكن السؤال: ما الذي يمكن أن تجنيه موسكو من وراء إعلان سيطرتها الرسمية على شبه الجزيرة؟ من وجهة نظري، لن يعدو الأمر مجرد عملية استيلاء على مساحة من الأرض. كل ما في الأمر أن روسيا تجري عملية مناورة سياسية شديدة اللهجة للتأكد من أن كييف تضع مصالح موسكو في اعتبارها.

* أين توجد القواعد العسكرية الروسية؟

- تُعد مقرات الأسطول البحري وكتيبة المشاة البحرية في ميناء سفستوبل وهي القاعدة الرئيسية للجيش الروسي. ويوجد في سفستوبل أربع كتائب صواريخ ساحلية في أربع قواعد مختلفة. كما يوجد الكثير من القواعد النشطة في شبه جزيرة القرم، بعضها عبارة عن أبراج اتصالات، والبعض الآخر قواعد عسكرية حقيقية، حيث يوجد، على سبيل المثال، الكثير من القواعد العسكرية الجوية.

* ما هو الإطار التنظيمي الذي يجري من خلاله نشر القوات الروسية في شبه الجزيرة؟

- تفرض المعاهدة الموقعة بين روسيا وأوكرانيا قيودا على حجم القوات الروسية الإجمالي في القرم. وعليه، فلا تستطيع روسيا إضافة بارجة جديدة إلى أسطول البحر الأسود من دون الرجوع إلى المعاهدة، كما لا يمكنها إرسال المزيد من القوات من دون سبب وجيه يستدعي ذلك.

* هل يمكنك إعطاء بعض التفاصيل عن القوات الروسية الموجودة في شبه جزيرة القرم؟

- تضم كتيبة المشاة البحرية 810 نحو 2.500 جندي، ورغم أنهم ليسوا من بين النخبة في القوات الروسية، فإنهم على قدر غير قليل من الكفاءة، فقد أبلوا بلاء حسنا في الحرب ضد جورجيا، كما قاتلوا ضد القراصنة الصوماليين. كما يتواجد في شبه الجزيرة بعض الأعداد من القوات الخاصة، الذين يصل عددهم – رغم عدم وجود معلومات مؤكدة – بين 200 و300 جندي. ويتميز هؤلاء الجنود بكفاءة عالية، رغم عدم انتمائهم لذوي القلنسوات الخضراء. كما يوجد بالقرم قوة بحرية جوية في البحر الأسود ومجموعات معاونة – فنية وأمنية وإدارية – يمكنها حمل السلاح والقتال إذا استدعى الأمر ذلك. وإذا أرادت مجموعة تغلق طريقا وتشل الحركة عليه، فيمكنهم إنجاز تلك المهمة.

* هل تُشاهد القوات الروسية في الغالب على الطرق السريعة في القرم؟

- لا شيء يعوقهم عن تغيير مواقع القوات وقتما شاءوا. فيمكن أن تغير القوات أمكانها مرتين في العام بداعي استقبال دفعات المجندين الجدد. ولا تبدو مشاهدة الأفراد العسكريين في طرق شبه الجزيرة - وهم يتنقلون بين القواعد العسكرية - شيئا غير عادي. ويبدو من المعتاد مغادرة بعض القوات إلى روسيا وعودتها مرة أخرى إلى شبه الجزيرة.

* كم عدد القواعد العسكرية التي تمتلكها روسيا خارج أراضيها؟

- لدى روسيا تواجد عسكري في كوبا، وهي ليست قاعدة عسكرية بالمعنى المعروف، حيث تعمل كمحطة متوسطة، كما توجد قاعدة عسكرية في طرطوس في سوريا. ولا تمتلك روسيا قواعد عسكرية خارج حدود الاتحاد السوفياتي السابق.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»