جدل في مصر عقب تقرير عن ملابسات فض اعتصامي مؤيدي مرسي

الأمن يؤكد أن خروج المعتصمين كان آمنا.. وقيادي بتحالف «الإخوان» وصفه بـ«غير المحايد»

TT

أثار تقرير شبه رسمي صدر في مصر أمس عن ملابسات فض اعتصامين لمؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي، الصيف الماضي، جدلا في الأوساط السياسية والأمنية، وكذلك في جانب التحالف الداعم لجماعة الإخوان المسلمين. وقال التقرير، الذي أعدته لجنة تقصي الحقائق التابعة للمجلس القومي لحقوق الإنسان (وهو مجلس شبه رسمي)، إن أنصار الجماعة المعتصمين بدأوا بإطلاق النار على القوات، كما استخدموا «مدنيين كدروع بشرية»، ولجأوا إلى تعذيب واحتجاز قُصّر، إلى جانب التهويل في أعداد الضحايا من جانبهم.. لكن التقرير ذاته وجه انتقادات أيضا إلى السلطات الأمنية، مشيرا إلى أن غياب وجود ممرات آمنة بصورة كافية لخروج المعتصمين، أدى إلى وقوع العديد من الإصابات وسقوط الكثير من الضحايا.

وأوضح التقرير أن عملية فض اعتصام رابعة العدوية، وما تبعها من اشتباكات مسلحة، خلفت عدد 632 قتيلا من الشرطة والمدنيين، جرى تشريح 377 جثة فقط، وأن فض الاعتصام جاء تنفيذا لقرار نيابة مدينة نصر نتيجة بلاغات المواطنين المتضررين، وأن عملية إخلاء ميدان رابعة، جرت بمعرفة قوات أمن تابعة لوزارة الداخلية في إطار خطة وضعتها بعد فشل المفاوضات مع المعتصمين.

وقال الدكتور مجدي قرقر، أمين عام حزب «الاستقلال»، والقيادي في تحالف دعم الشرعية (وهو تحالف مؤيد لمرسي)، لـ«الشرق الأوسط» إن «التقرير غير محايد، وكان متوقعا من (القومي لحقوق الإنسان)، نظرا لرؤية المجلس السياسية»، بينما أوضح القيادي في حزب الوفد (الليبرالي) ياسر حسان إنه كان لا بد من فض اعتصام رابعة، لأن استمراره كان معناه سقوط أضعاف من قتلوا في رابعة، فيما أكد مسؤول بوزارة الداخلية أن «الممرات كانت متوفرة، وخروج المعتصمين كان آمنا».

وقتل المئات خلال فض اعتصام رابعة العدوية، معظمهم من أنصار «الإخوان»، بعد عزل مرسي في يوليو (تموز) الماضي، كما سقط قتلى من الشرطة أيضا، وشهدت البلاد في أعقاب تلك الأحداث موجة من أعمال العنف طالت عددا من المحافظات.

وعرض ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، في مؤتمر صحافي أمس، ما خلصت إليه لجنة تقصي الحقائق بشأن فض الاعتصامين، موضحا أنه «في السابعة والنصف من صباح 14 أغسطس (آب) الماضي، جرى توجيه الإنذار للمعتصمين في ميدان رابعة لحثهم على الفض والخروج الآمن من الممر الذي حددته (وزارة) الداخلية، وفي الساعة الثامنة والثلث جرى إطلاق النار من قبل المعتصمين تجاه قوات الأمن، مما أسفر عن قتل ضابط وأربعة جنود، وفى التاسعة جرى إطلاق النار من قبل قوات الأمن تجاه المعتصمين»، قائلا إن كل ذلك أحدث أعمالا استثنائية قبل تنفيذ خطة الفض.

وأضاف التقرير أن توافد المؤيدين من محاور عديدة، منها الممر الآمن، حال دون تمكن معظم المعتصمين السلميين من إيجاد مخرج آمن لهم من داخل الاعتصام، وأنه على الرغم من وجود مخارج آمنة أخرى تمكن المعتصمون من الخروج منها تمثلت في شارع الطيران، وفي شارع أنور المفتي (شرق القاهرة)، فإن إخفاق قوات الأمن في تأمين الممر الآمن المعلن أربك المعتصمين وجعلهم في مرمى تبادل إطلاق النار بين العناصر المسلحة وقوات الأمن.

وأردف التقرير أنه كان من الأحرى بوزارة الداخلية، وهي تحدد المخارج الآمنة، أن تدرس ابتداء احتمالية أن تحدث اشتباكات فيها، وأن توفر مخرجا بديلا تعلن عنه بشكل واضح وتؤمنه على نحو ملائم، وذلك لتقليل الخسائر في الأرواح.

وقال أمين إنه قبل تحرك القوات الأمنية لفض اعتصام رابعة، أطلقت إنذارات لحث المعتصمين على إخلاء الميدان، موضحا أن العناصر المسلحة استخدمت المدنيين دروعا بشرية في مواجهة عملية الفض، وأن وزارة الصحة وفرت أكثر من 100 سيارة إسعاف احتياطية خلال فض الاعتصام، لافتا إلى أن تقرير المجلس وثق جرائم قتل خارج القانون عن طريق التعذيب ورصد حالات احتجاز قصّر، وأنه كانت هناك مبالغات في أعداد الضحايا، في حين أعلن القيادي الإخواني محمد البلتاجي خلال الهدنة التي بدأت في تمام الساعة الواحدة عن سقوط 300 قتيل.

وأظهرت مقاطع فيديو عرضها المجلس اختباء عدد من المسلحين خلف سواتر رملية معدة مسبقا، لاستخدامها في مقاومة قوات الأمن، بينما أكد محمد فائق رئيس المجلس، أن المجلس سيعلن عن الانتهاكات التي صاحبت الاعتصام وعملية فضه وما توصل إليه التقرير من نتائج وتوصيات في 16 مارس (آذار) الحالي.

من جانبه، قلل الدكتور قرقر من قيمة التقرير، قائلا إنه لا يعكس الحقيقة. وأضاف أن «التقرير غير محايد، وكان متوقعا من المجلس القومي لحقوق الإنسان، نظرا لرؤية المجلس السياسية». وتساءل: «لماذا تأخر المؤتمر أمس ساعتين؟»، لافتا إلى أن «البعض من أعضاء المجلس ادعوا أن ذلك للتدقيق ومراجعة التقرير، كما أن هناك تأخيرا للتقرير النهائي حتى 16 مارس.. وهذا يدل على أن هناك محاولات للتلاعب في التقرير».

وتابع قرقر قائلا إن «الشيء المثير للضحك أن التقرير قدر أعداد الضحايا بناء على اتصال القيادي البلتاجي بقناة (الجزيرة) القطرية، مما أتاح للجنة إعطاء تقديرات تقريبية لعدد الضحايا»، متسائلا: «هل هذه منهجية وعلمية في إعداد التقرير»؟، وتوقع قرقر أن يصدر «تحالف دعم الشرعية» ردا على هذا التقرير الأسبوع المقبل، عن طريق الاستعانة باللجنة القانونية بالتحالف.

من جانبه، أفاد ياسر حسان، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «جماعة الإخوان كانت تميل إلى تضخيم عدد الوفيات في رابعة، لتعطي صورة بأنها جماعة مضطهدة من السلطات».

وتعليقا على التقرير، قال مصدر أمني إنه «بشكل عام، يعد تقريرا محايدا، وإن كانت وزارة الداخلية تؤكد أنه جرى توفير ممرات آمنة كافية لخروج الجميع، فيما عدا المطلوبين أمنيا من قبل السلطات»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «قوات الأمن وعدت وقتها بألا يلاحق المتظاهرون.. وأن خروجهم سيكون آمنا تماما، مع التزامهم بتعليمات الأمن والخروج من المنافذ المقررة».