الحكومة المغربية تستعرض إنجازاتها لصالح المرأة في الثامن من مارس.. والمنظمات النسائية تشكك فيها

وزير العدل دعا القضاة إلى الاجتهاد لإنصاف النساء

TT

مثل كل سنة يشكل الاحتفال باليوم العالمي للمرأة مناسبة للحكومة المغربية من أجل استعراض إنجازاتها لفائدة المرأة، وتنظم لهذا الغرض ندوات عدة، وفي المقابل تتشبث المنظمات النسائية بخطابها المشكك والمعارض وغير الراضي عما تحقق، لا سيما في ظل تعثر إخراج عدد من القوانين، والبطء في إنشاء هيئات ينتظر منها السهر على تحقيق المناصفة ومحاربة التمييز.

وفي هذا السياق، دعا مصطفى الرميد وزير العدل المغربي، القضاة في بلاده إلى الاجتهاد في تفسير وتأويل القوانين وتجاوز الوقوف عند القراءة السطحية لها، وذلك بهدف تحقيق العدل والإنصاف والرقي بحقوق النساء.

وأوضح الرميد، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في ندوة حول «حقوق المرأة المغربية على ضوء الاجتهادات القضائية»، نظمت بمناسبة الثامن من مارس (آذار)، أن فعالية وجدوى أي نص قانوني لا تتحقق فقط من خلال جودة التشريع، مهما بلغت دقته ودرجة وضوحه، وإنما تبرز من خلال مهارة القائمين على تطبيقه، وإعلائهم لكلمة الحق، واعتماد سلطتي التقدير والتأويل في البحث عن غايات المشرع، قصد تحقيق الإنصاف، مشيرا إلى أن الرهان على تأهيل القاضي وتكوينه يعد من المداخل الأساسية للرقي بحقوق المرأة وصيانتها دون إجحاف بحقوق الرجل أو إخلال بميزان العدالة.

ويوجد شبه إجماع على أن مختلف القوانين التي اعتمدت للنهوض بحقوق النساء في المغرب تتعثر إبان تطبيقها، وأبرزها قانون الأسرة الذي كان ينظر إليه عند المصادقة عليه في 2004 على أنه من القوانين المتقدمة جدا في البلدان العربية، بيد أن تفعيله على أرض الواقع لم يحقق الشيء الكثير.

ويرى وزير العدل أنه يوجد في طليعة الإصلاحات التي تحققت، الرقي بحقوق المرأة من خلال دستور 29 يوليو (تموز) 2011، وذلك بتنصيصه على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب الجنس، وعلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، وإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.

كما تمثلت تجليات الإصلاح، يضيف الرميد، في مراجعة الكثير من القوانين، وملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية بهدف إلغاء جميع مظاهر التمييز على أساس الجنس. ويتعلق الأمر، على سبيل المثال، بمدونة الأسرة التي أتت بمجموعة من المكتسبات الرامية إلى إنصاف المرأة، إلى جانب إقرار المشرع بضرورة حماية المرأة من العنف.

بدورها استعرضت بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية أمس (الجمعة) خلال ندوة «المساواة بين الرجال والنساء ضمانة للتقدم» نظمتها وزارة الخارجية بمساهمة المنظمات التابعة للأمم المتحدة، الخطة الحكومية للمساواة (إكرام)، وقالت إنها ترتكز على المساواة في الحقوق والمسؤوليات والإمكانيات والفرص. وتتأسس أيضا على تعزيز التمييز الإيجابي الذي يمكن من إنصاف المرأة، وتحقيق مواطنتها الكاملة، والتطلع إلى بناء علاقات اجتماعية جديدة بين النساء والرجال.

وقالت مباركة بوعيدة الوزيرة في وزارة الخارجية إن المغرب قام بجهود جبارة في مجال تعزيز دور النساء في مختلف المجالات، ومنها المجال السياسي، مشيرة إلى أن بلادها صادقت على عدة اتفاقيات دولية ترمي إلى محاربة مختلف أشكال التمييز ضد المرأة، بيد أن بوعيدة أقرت أن تحديات كثيرة ما زالت مطروحة، وأن الطريق ما زال طويلا من أجل تحقيق المناصفة الكاملة التي جاء بها الدستور.

وتعليقا على إنجازات الحكومة في مجال الارتقاء بأوضاع النساء، قالت خديجة منفلوطي رئيسة الائتلاف الوطني للمناصفة لـ«الشرق الأوسط»، إن الإنجازات التي تتحدث عنها الحكومة باهتة؛ «لأننا لا نرى أي تغيير في وضعنا نحن كنساء»، واستشهدت في هذا الإطار بالفصل 19 من الدستور الذي نص على المناصفة والمساواة وتكافؤ الفرص بيد أن الحكومة لم تقم سوى باجتهادات محتشمة من أجل تفعيله تتمثل في تعيين وزيرات منتدبات، وهو ما لا يرقى لتطلعات النساء اللاتي يأملن الحصول على حقوقهن كاملة وليست مبتورة.

وقالت منفلوطي إن المؤسسة الملكية كانت دوما تتطلع إلى النهوض بحقوق النساء بيد أن الأحزاب السياسية التي تشارك في الحكومات المتعاقبة لديها نظرة دونية للمرأة.

وردا على سؤال حول أسباب الرفض المسبق الذي تعبر عنه المنظمات النسائية لمبادرات الحكومة للنهوض بوضعية النساء، قالت منفلوطي إنه طالما أن الحكومة لم تقدم أشياء ملموسة على أرض الواقع، فما تتحدث عنه من مبادرات يبقى، من وجهة نظرها، مجرد وعود وكلام يتردد منذ الاستقلال إلى اليوم، بينما الواقع يؤكد أن النساء مغيبات عن جميع القرارات الحاسمة التي تتخذ في البلاد.

ومن أبرز ما تتطلع إليه المنظمات النسائية في الفترة المقبلة هو إقرار قانون محاربة العنف ضد النساء الذي يوجد قيد الإعداد، بالإضافة إلى إخراج هيئة المناصفة ومحاربة التمييز التي نص عليها الدستور، إلى حيز الوجود.