عراقيات يتشحن بالسواد في عيد المرأة احتجاجا على قانون الأحوال الشخصية الجديد

قلن إنه يعيدهن إلى عصر «الجواري».. ويسلبهن حقوقهن

TT

لأول مرة، تفضل النساء العراقيات ارتداء اللون الأسود في عيد المرأة ويقاطعن الاحتفالات وينظمن بدلا من ذلك مظاهرات احتجاجا على طرح قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي يرجعهن إلى الوراء ويحولهن إلى «جوار»، على حد تعبير بعضهن، مطالبات في أكثر من وقفة احتجاجية الحكومة برفض القانون وإعادة الاعتبار للمرأة العراقية بإجراءات تنفيذية بعد عقود من التهميش والتراجع الذي يمارس ضدها.

احتجاجات النساء تواصلت أمس ولليوم الرابع على التوالي ورفعن فيها لافتات بعضها يقول «نساء العراق في حداد» و«لا للاستعباد الباطل» و«لا لقانون الجواري».

من جانبها، تصدت القوات الأمنية كعادتها لوقفتهن الأخيرة التي نظمتها «رابطة المرأة العراقية»، أمس، أمام تمثال كهرمانة الشهير وسط العاصمة بغداد وأجبرتهن على التفرق بحجة عدم حصولهن على الموافقات والتراخيص لتنظيم المظاهرة.

وكان مجلس الوزراء العراقي قد وافق في 25 فبراير (شباط) الماضي على مشروع قانون الأحوال الجعفرية الذي يقول منتقدوه إنه يغذي الطائفية في البلاد وينتهك حقوق المرأة والطفل، ومن ذلك تخفيض سن الزواج من 18 سنة للذكور والإناث (بموجب قانون الأحوال الشخصية العراقي لسنة 1959) إلى سن 9 سنوات للإناث و15 للذكور، ومنع الذكور المسلمين من الزواج بغير المسلمات إلا بشكل مؤقت، والاستسهال في موضوع تعدد الزوجات.

وتعاني معظم النساء العراقيات من ظروف صعبة بسبب الحروب الطويلة التي مر بها العراق، والتهجير القسري والعمليات الإرهابية بعد عام 2003 مما رفع نسبة الأرامل بشكل خطير وزاد من معاناة المرأة المعيلة لأسرتها في ظل غياب فرص عمل مناسبة وانتشار البطالة في المجتمع العراقي، وفشل الحكومات المتعاقبة في وضع برامج متخصصة لانتشالهن من واقعهن وتعويضهن ما حرمن منه ومنحهن دورا أكبر لتطوير قدراتهن وإشراكهن في العملية السياسية ومراكز صنع القرار في البلاد.

وعن قانون الأحوال الجعفري الجديد، تقول القاصة والإعلامية عالية طالب لـ«الشرق الأوسط» إن القانون «يتنافى مع قانون الأحوال المدنية والمذهب الجعفري وكل الاتفاقيات الدولية ويحول المرأة إلى متاع وسلعة وجارية». وتساءلت «لماذا يحاول هذا المشروع العمل على تنصل العراق من كل التزاماته الدولية بموجب اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (قانون سيداو)، ولماذا يعمل خارج الدستور على إنشاء قضاء خارج القضاء، ولماذا يعود بنا مشروع القانون إلى الوراء؟».

بدورها، حذرت سوسن البراك، معاون المدير العام لدائرة رصد الأداء وحماية الحقوق في وزارة حقوق الإنسان، من تأثير تشريع القانون على الوضع الدولي للعراق لوجود الشطحات الفقهية فيه مما ينسف كل تعهداته الدولية ويضعفه كثيرا أمام المجتمع الدولي.

من جهتها، تقول رئيسة لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية، انتصار علي خضير، إن المرأة العراقية «كانت الضحية الأولى للإرهاب الذي عصف بالبلد خلال السنوات الأخيرة فهي إن لم تكن قد تعرضت للأذى بشكل مباشر فقد فقدت زوجا أو أخا أو ابنا وبذلك فالآلاف من الأسر بقيت بلا معيل ووقع أمر إعالتها على النساء فقط». وأضافت «إن القانون يعد انتهاكا صريحا لحقوق المرأة وقد رفضته اللجنة لأن فيه انتهاكا لحقوق النساء».

ونظمت رابطة المرأة العراقية مؤتمرا صحافيا أصدرت فيه بيانا جاء فيه «إن إحدى عشرة سنة من العنف على المجتمع كرسّت طغمة طائفية، متسلطة رجعية وقمعية، سلطة تقف بوجه أي مسعى أو حركة تحررية أو مطلبية، وهي سلطة لا تتورع عن ارتكاب أسوأ الفظائع والانتهاكات لتأمين مواقعها».

وأضاف البيان: «إن السلطات في البلاد لم تزل تمعن في ممارسة القمع على أساس الجنس والدين والطائفة والقومية. وتسنّ في ذلك تشريعات من قبيل القوانين الجعفرية للقضاء الشرعي وللأحوال الشخصية».