لبنان يرحل البيان الوزاري إلى اجتماع حكومي بعد فشل التوافق على «المقاومة»

حبيش يحذر من «انفجار الوضع» إذا استقال وزراء «8 آذار» وجنبلاط

رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام خلال اجتماعه مع أعضاء لجنة البيان الوزاري في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

أحالت لجنة إعداد البيان الوزاري البحث في البند المتعلق بـ«علاقة المقاومة بالدولة» إلى مجلس الوزراء بعدما فشل أعضاؤها الوزراء بالتوصل في الجلسة العاشرة إلى صيغة توافقية ترضي فريقي «8 آذار» و«14 آذار». وأعلن رئيس الحكومة تمام سلام أن الجلسة العاشرة التي عقدتها لجنة صياغة مشروع البيان الوزاري لم تتوصل إلى الاتفاق على نص نهائي له، وبناء عليه، وبعد اطلاع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، دعي مجلس الوزراء إلى الانعقاد غدا (الخميس)، لاطلاعه على ما آلت إليه اجتماعات اللجنة الوزارية لاتخاذ القرار المناسب.

وبالتالي وقبل أربعة أيام من انتهاء المهلة الدستورية التي كانت بدورها موضع جدل دستوري بين فريق «8 آذار» الذي يعتبر مهلة 30 يوما بعد تشكيل الحكومة، «إسقاطا»، أي تحويلها إلى «تصريف أعمال»، وبين فريق «14 آذار» الذي يقول إنها «مهلة حث»، أي للحث على استكمال البحث، من المفترض، وفق النائب في كتلة المستقبل، وعضو لجنة الإدارة والعدل النيابية هادي حبيش، أن يصوت عليها، وفقا للدستور الذي يشير إلى أن تحال القرارات إلى التصويت إذا تعذر التوافق. وأوضح حبيش في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه بإحالة البيان إلى مجلس الوزراء يكون تجاوز عقدة المهلة الدستورية.

وشرح حبيش أنه ووفقا للدستور، في جلسة مجلس الوزراء، إما أن يسلك البيان الطريق القانونية ويعرض على التصويت وتحال الصيغة التي تحصل على أكبر نسبة إلى مجلس النواب لعرضها أيضا على التصويت، أو أن «ينفجر الوضع» باستقالة أكثر من ثلث الوزراء، أي الوزراء الثمانية المحسوبين على فريق «8 آذار»، إضافة إلى الوزيرين المحسوبين على النائب وليد جنبلاط، الذي سبق له أن لمح إلى قراره بالوقوف إلى جانب قرار فريق «8 آذار»، إذا وصلت خيارات التوافق إلى حائط مسدود، فتتحول عندها الحكومة إلى «تصريف أعمال». وفي الحالتين، أي في مجلس النواب وفي الحكومة، يكون قرار جنبلاط هو الحاسم، علما بأن استقالة سلام تؤدي أيضا وفق الدستور إلى تحويلها إلى تصريف أعمال.

وبعد انتهاء جلسة لجنة البيان الوزاري أمس، أعلن وزير العمل سجعان قزي أن النقاشات كانت هادئة وكل طرف عرض وجهة نظره، لكنها أظهرت أن الموقف السياسي الكبير ليس جاهزا لهذا الأمر. وأضاف: «الفريق الآخر وتحديدا حزب الله يصر على أن المقاومة يجب أن تكون حرة في التحرك والتصرف، وبالمقابل نحن نتمسك بالدولة، وهذا ما دفع برئيس الحكومة تمام سلام إلى عرض ما توصلت إليه اللجنة على مجلس الوزراء بحيث يتخذ القرار المناسب، إما بتجديده عمل اللجنة وإما أن يتخذ سلام الموقف الذي يراه مناسبا ونتفهمه»، وأوضح أنه «إذا توصل مجلس الوزراء إلى نقاط جديدة بشأن البيان، فإن اللجنة مستعدة للاجتماع مجددا».

وكشف قزي أن وزير الاتصالات بطرس حرب اقترح صيغة تنص على أن «الدولة هي المسؤولة عن المقاومة، وحقها في مواجهة إسرائيل في إطار الدولة»، لكنها لاقت رفض وزراء «8 آذار».

وكانت لجنة البيان الوزاري التي بدأت اجتماعاتها بعد تأليف الحكومة في 15 فبراير (شباط) الماضي قد تمكنت من تجاوز البنود الاجتماعية والاقتصادية، واصطدمت بالخلاف على بند «سلاح حزب الله»، وتحديدا «علاقة المقاومة بالدولة». وقد عرض على طاولة الجلسات صيغ عدة تقدمت بها مختلف الأطراف، لكنها لم تؤدِّ إلى نتيجة توافقية، من بينها الصيغة التي قدمها وزير الخارجية جبران باسيل، في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأحد الماضي، ورفضها أيضا وزراء «14 آذار»، والتي نصت على «حق لبنان واللبنانيين في تحرير أو استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر ومقاومة أي اعتداء أو احتلال إسرائيلي بالوسائل المشروعة والمتاحة كافة».

يذكر أن الأفرقاء اللبنانيين كانوا توافقوا على تأجيل البحث في البيان الوزاري إلى ما بعد التأليف، ومن ثم اتفقوا على استبعاد الأمور الخلافية من بنوده، وخصوصا «إعلان بعبدا» الذي ينص على تحييد لبنان عن الأزمة السورية ويطالب «14 آذار» بالاستبدال به «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة»، التي يتمسك بها حزب الله، والتركيز على النقاط المشتركة والعامة فقط، لكن الأخير وبعد التوافق على إدراج «مقررات الحوار الوطني» بدلا من «إعلان بعبدا» عاد وتراجع عما كان قد اتفق عليه، وهذا ما سبق للرئيس اللبناني ميشال سليمان أن أعلن عنه.

من جهة أخرى، قال سليمان أمس إن «البيان الوزاري يجب أن يكتب بحبر إعلان بعبدا»، مشيرا إلى أنه «لم يتم احترام ما اتفق عليه في إعلان بعبدا، وكمسؤولين يجب علينا الاعتذار من الشعب اللبناني الذي قبل منا كل شيء»، في إشارة إلى مشاركة بعض الأطراف اللبنانية في القتال في سوريا. وذكر سليمان بأن «إعلان بعبدا هو السبب الرئيس لتشكيل مجموعة الدعم الدولية للبنان في نيويورك وباريس»، وأضاف: «من لا يرِد الاعتراف بأهمية نتائج اجتماع مجموعة الدعم الدولية فهو من يساهم في إفشالها»، لافتا إلى أن «المجموعة الدولية وافقت على مقررات إعلان بعبدا كسياسة عامة للبنان، ومن يعترض يعرقل المساعدات الدولية».

وكان مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله، عمار الموسوي، قد استبق اجتماع اللجنة أمس بتأكيده أنه «لن يكون هناك بيان وزاري أو حكومة من دون ذكر المقاومة، وكذلك لا وجود للبنان من دونها»، وقال: «لن يأتي زمن لا تكون فيه المقاومة جزءا من المعادلة السياسية الوطنية، فهي عنوان الاستقلال والاستقرار للبلد».