كاميرون يدعم حق إسرائيل في «الدفاع عن النفس».. ويؤيد مطلب يهودية الدولة

تل أبيب تلوح بإعادة احتلال غزة بعد هجوم «الصواريخ» .. ونتنياهو يتوعد بـ «رد قوي»

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبيل إلقاء كاميرون كلمة أمام الكنيست أمس (رويترز)
TT

بينما لوحت إسرائيل بـ«إعادة احتلال» غزة أمس، بعد أن أمطرت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية جنوب إسرائيل بالصواريخ ردا على مقتل ثلاثة من عناصرها في غارة جوية إسرائيلية أول من أمس.

وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، برد «قوي للغاية»، وقال في تصريحات، نقلها أحد المتحدثين باسمه: «سنواصل ضرب كل من يعتدي علينا، وسيكون ردنا قويا للغاية». بدوره، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى «إعادة احتلال» قطاع غزة بعد إطلاق الصواريخ. وقال ليبرمان للقناة التلفزيونية الإسرائيلية الثانية: «بعد هجوم كهذا، لا يوجد بديل عن إعادة احتلال كل قطاع غزة بشكل كامل». وانسحبت إسرائيل في صيف عام 2005 من قطاع غزة من دون اتفاق مع الفلسطينيين.

من جهة أخرى, أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن بلاده ستقف دائما إلى جانب إسرائيل وستدافع عن حقها في العيش بسلام وأمان، مؤيدا الاعتراف بإسرائيل «دولة للشعب اليهودي». وقال كاميرون في خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي: «أعتقد أن على الفلسطينيين أن يعترفوا بإسرائيل دولة للشعب اليهودي».

وأعرب كاميرون عن دعمه لمساعي دفع المفاوضات التي يبذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وقال إنه يدعم حل الدولتين، فلسطينية وإسرائيلية، لكنه انتقد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية ودعا إلى وقفه، كما انتقد ما وصفه بالممارسات التحريضية في مناطق السلطة الفلسطينية، ودعا إلى وقفها.

وهاجم كاميرون فكرة مقاطعة إسرائيل، وقال: «تعارض بريطانيا مقاطعة إسرائيل، سواء كانت مقاطعة نقابات عمال أو جامعات تحاول إيقاف التعاون الأكاديمي». وأضاف أن «إسرائيل هي موطن الشعب اليهودي، ولن نوافق على إلحاق الأذى بها. إن نزع الشرعية عن إسرائيل هو أمر فظيع، وسنقوم بإفشاله». وأردف موجها كلامه لأعضاء الكنيست: «دعوني أقُل لكم إن ثقتي بإسرائيل غير قابلة لأي شك، وهي راسخة كالصخر. سأقف دائما إلى جانب إسرائيل وإلى جانب حقها في الدفاع عن نفسها».

وتابع: «شاهدت طبيعة المنطقة من على متن الطائرة، وهذا ما يدعوني إلى تفهم حاجة إسرائيل للترتيبات الأمنية التي تنادي بها». وأشاد رئيس الوزراء البريطاني بالإنجازات التكنولوجية لإسرائيل.

وكان كاميرون وصل إلى إسرائيل أمس في زيارة تستمر يومين، يلتقي خلالها مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين. والتقى كاميرون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، فيما يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم التي يزورها اليوم لثلاث ساعات. وتعد هذه الزيارة هي الأولى لكاميرون إلى المنطقة منذ تولى رئاسة الحكومة البريطانية قبل نحو أربع سنوات.

وقال نتنياهو في خطابه في الكنيست، في حضور كاميرون، إن إسرائيل ترغب في تحقيق السلام مع جيرانها الفلسطينيين، شرط اعترافهم بالصلة التاريخية للشعب اليهودي بوطنه وحقوقه فيه.

وأضاف نتنياهو: «خلال 20 سنة، منذ بدء عملية أوسلو، حاولت الحكومات الإسرائيلية المتتالية أن تحقق السلام والأمن مع الفلسطينيين. إنها قامت بمحاولات شملت تنازلات صعبة وأبدت استعدادها لاتخاذ خطوات عملية ولكن مع مر الزمان، الوقت المتاح لعملية السلام ينفد. إنه ينفد ليس بسبب إسرائيل ولكن بسبب الرفض الفلسطيني المستمر للاعتراف بالدولة اليهودية وتمكينها من اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لضمان مستقبلها». وتابع: «ينبغي أن أقول إن الرفض الفلسطيني للاعتراف بالدولة اليهودية هو جذور الصراع وليس البلدات اليهودية (المستوطنات)». وأضاف: «إنني أذكركم بأن هذا الرفض سبق إقامة هذه البلدات بـ50 سنة، وهذا الرفض لا يزال قائما حتى بعد أن أخلينا جميع البلدات من قطاع غزة».

ومضى يقول: «كما تفضلت (يقصد رئيس الوزراء البريطاني)، جرى إخلاء البلدات اليهودية من قطاع غزة حتى آخر سنتمتر والمنظمات الفلسطينية التي تعمل هناك تحت الرعاية الإيرانية أطلقت على بلداتنا وابلا من الصواريخ والقذائف الصاروخية من الأماكن التي أخليناها. لن نسمح بتكرار هذا السيناريو». وتطرق نتنياهو إلى الملف الإيراني وناشد الأسرة الدولية الضغط على طهران باعتبارها أكبر دولة مصدرة للإرهاب في العالم بسبب مطامعها للحصول على قنابل نووية.

واستغلت المعارضة الإسرائيلية زيارة كاميرون للكنيست من أجل إحراج نتنياهو، فغادر عدد من أعضاء المعارضة الإسرائيلية قاعة الكنيست وقت إلقاء نتنياهو خطابه، بسبب الخلافات حول قوانين مختلفة. وخطب زعيم المعارضة النائب يتسحاق هرتسوغ، موجها كلامه لكاميرون: «لديكم في بريطانيا، هناك تقاليد، وهناك خطوط حمراء، لكن للأسف، تخطت حكومتنا جميع الخطوط الحمراء؛ فقد تفوه عدد من أعضائها بتصريحات عنصرية. ثمة كرامة للمعارضة، ولكن هذا الأسبوع ليست هذه الكرامة بقدم فظة». لكن كاميرون عد المشاكل في الكنيست جزءا من الديمقراطية التي يتعلم منها.

ويفترض أن يركز كاميرون مباحثاته في القدس وبيت لحم على فرص عملية السلام والاقتصاد. كما أعلن بيان للحكومة البريطانية عن نية كاميرون «تشجيع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس عباس على بناء علاقات متينة.. والمضي قدما في الخطوات الأخيرة الصعبة وصولا إلى السلام».

ومن المتوقع أن يوقع كاميرون اتفاقات تكنولوجية وعلمية في إسرائيل، واتفاقات لخلق فرص الاستثمار والوظائف في الأراضي الفلسطينية إضافة إلى تقديم منح حكومية.

يذكر أنه أثناء وجود كاميرون في الكنيست، سقطت دفعة صواريخ أطلقت من قطاع غزة تجاه النقب الغربي في إسرائيل، فاستغل نتنياهو الموقف، وأطلع ضيفه على صور مباشرة لما يجري جنوب إسرائيل، فأبدى كاميرون تضامنه مع سكان المستوطنات في محيط قطاع غزة.

وقال الجيش الإسرائيلي إن نحو 30 قذيفة صاروخية أطلقت على الأقل باتجاه النقب الغربي، وسقطت في مناطق سديروت ونتيفوت وشاعر هنيغف، ولم يبلَّغ عن وقوع إصابات. وأعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن إطلاق دفعة من الصواريخ على البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة. وقالت السرايا في بيان لها: «إن الرد بدا على جرائم الاحتلال التي كان آخرها اغتيال ثلاثة من سرايا القدس (أول من) أمس».