«الشرق الأوسط» تنشر تفاصيل الشبكات الإخوانية المتهمة بإفشاء معلومات تخص الدولة المصرية

اعتمدت على استقطاب شبان من مواقع التواصل الاجتماعي* شملت تسجيلات خلال حكم مرسي.. واعتراض «مكاتبات سرية» بعد عزله

المشير عبد الفتاح السيسي و الرئيس المعزول محمد مرسي
TT

في الساعة السابعة من صباح يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وصلت مجموعة من الضباط المصريين إلى عمارة رقم 462 بالحي الثالث «المجاورة الثالثة» في مدينة «السادس من أكتوبر» غرب القاهرة، لكنهم وجدوا باب المدخل مغلقا بالأقفال.

ومن وراء الأطوال الحديدية للسياج ظهر وجه زوجة حارس المبنى. وبعد دقائق من الجدل حول ملابسات ما يجري، صعد الضباط إلى الطابق الثاني. طرقوا باب الشقة ليجدوا فيها الرجل المطلوب، ولقبه «القزاز»، ويبلغ من العمر 23 سنة.. إنه أحد الخيوط في عملية سرقة تسجيلات واعتراض مكاتبات سرية تمس مصالح عليا للدولة، جرت في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، وفي الشهر التالي لعزله.

وجرت الواقعة في ربيع العام الماضي، حين بدأت العلاقة تتوتر بين الإخوان من جانب، ومؤسسات الدولة وغالبية الشعب من الجانب الآخر. وفي أعقاب ثورة 30 يونيو (حزيران) الماضي، أي حين انحاز الجيش إلى ملايين المصريين المطالبين برحيل الإخوان عن الحكم، حاول قادة في الجماعة استخدام ما حصلوا عليه سابقا، وهي عدة ساعات من تسجيلات جرى الاستيلاء على بعض النسخ منها، من إحدى المؤسسات السيادية العليا، وكذا نحو 23 من المكاتبات «السرية للغاية»، وصور لوحدات نظامية، وغيرها، لتشويه كبار القادة والمؤسسات في البلاد.

وبدا من الوثائق التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها أن قيادات في الجماعة بدأت بتجنيد شبان من الخريجين الجدد بالجامعات لا علاقة لهم بالإخوان أساسا، وكل مشكلتهم أنهم يبحثون عن فرصة عمل. وجرى استقطاب أولئك الشبان عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، في أعقاب أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، والاستعانة بهم في جلب المعلومات. وظهر أول خيط لهذه العملية بعد عزل مرسي بنحو ثلاثة أشهر، وحينها بدأت السلطات الأمنية العليا في تعقب القضية.

وأظهرت الوثائق أيضا أن أعضاء في الجماعة نظموا عملية تسليم وتسلم وبيع وشراء، لمعلومات سرية تخص الدولة، وذلك عبر مقابلات جرى بعضها في ضاحية الدقي غرب القاهرة، وأخرى في الخارج بين عناصر إخوانية مصرية تقيم في كل من قطر وتركيا، حيث جرى بث بعضها على شبكة الإنترنت وعلى قناة «الجزيرة» الفضائية، في مقابل عدة آلاف من الدولارات.

ويقول أحد المحامين عن المتهمين إن الشبكات المشار إليها (مواقع خاصة وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي) يمولها قادة من جماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسي، لكنها كانت في البداية، أمام الرأي العام، مجرد وسيلة إعلامية على الإنترنت مثل المئات من المواقع الإخبارية التي ظهرت على الشبكة العنكبوتية خاصة بعد سقوط نظام مبارك. لكنها أصبحت معروفة منذ أشهر بأنها «لسان حال الإخوان وأنصارهم من الإسلاميين وأحزابهم».

أما أحد الخيوط الأخرى التي قادت المحققين إلى باقي الشبكة، فتضم أيضا رجلا يبلغ من العمر 23 سنة، ولقبه «أحمد»، وهو شاب من أسرة فقيرة، ومن منطقة تسمى «فرسيس» تابعة لمدينة زفتى بمحافظة الغربية (شمال القاهرة)، وجرى تجنيده من الإخوان عبر صفحات «فيسبوك» أثناء دراسته في الفرقة النهائية في كلية العلوم في عام 2011.

وتعرف أحمد عن طريق الدردشة على الإنترنت على كل من «القزاز) الذي قال محاميه لـ«الشرق الأوسط»: «إنه لم يكن إخوانيا، وإن كان قد انضم فيما بعد إلى حزب الحرية والعدالة الإخواني». كما تعرف أحمد على قيادي آخر من الجماعة يلقب بـ«درويش». ومن خلال الدردشة الإنترنتية معه، جرى تكليف أحمد بتجميع الأخبار من وسائل الإعلام وإرسالها للقياديين الإخوانيين لإعادة توجيهها قبل بثها على مواقع إخبارية تابعة للجماعة.

ويقول أحمد المحتجز حاليا لدى سلطات التحقيق، إنه كان يحب مثل هذا العمل الإعلامي، ولهذا كان يؤديه في البداية، أي وهو طالب، من دون أجر، على أمل أن يتقاضى أجرا بعد تخرجه، وهو ما حدث.. كان ذلك في أواخر صيف 2011، حيث جرى طي صفحة مبارك، وبدأت مصر في البحث عن طريق جديد للمستقبل. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو من يدير البلاد برئاسة قائد الجيش السابق المشير حسين طنطاوي، بينما الإخوان ينشطون على الساحة السياسية والإعلامية، ويهيمنون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

وهنا قرر كل من «القزاز» و«درويش» استدعاء «أحمد» إلى موقع شركة الإعلام الإخوانية، ومقرها في شارع هارون في ضاحية الدقي، للاستعانة به في مهام أكثر احترافية. وجرى تكليفه بمتابعة برامج «التوك شو» على القنوات التلفزيونية، والتي كان عددها قد بدأ يتزايد عقب «ثورة 25 يناير». وكان عمل «أحمد» يتلخص في «قص التصاريح التلفزيونية المهمة والأخبار العاجلة لتنزيلها على المواقع الإعلامية للإخوان»، براتب كان يتراوح في البداية بين 900 جنيه إلى 1100 جنيه.

واستمر هذا الوضع إلى أن حان موعد التحاقه بالخدمة الإلزامية في إحدى المؤسسات السيادية، وذلك في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2012، ومدتها سنة، أي بعد فوز مرسي بالرئاسة بنحو أربعة أشهر، حيث شهد «أحمد» وملايين المصريين متغيرات كثيرة خلال تلك الفترة، منها قرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب الذي كان يهيمن عليه الإخوان، وقيام مرسي بإصدار إعلان دستوري يزيد فيه من سلطاته، وتشكيله للجنة يغلب عليها الإخوان لصياغة دستور للبلاد، وقيام مرسي أيضا بالإطاحة بالمشير طنطاوي وتعيين السيسي قائدا للجيش.

وبدأ الغضب الشعبي يتزايد ضد حكم الجماعة. وخلال تلك السنة استمرت علاقة «أحمد» بكل من «القزاز» و«درويش».. كان التواصل يجري بشكل عادي عن طريق المكالمات الهاتفية أو عن طريق الإنترنت، من داخل المؤسسة التي يؤدي فيها «أحمد» الخدمة الإلزامية، وهي نفسها التي زارها قائد الجيش، السيسي، والتقى فيها مع ضباط ذوي تخصصات دقيقة، وذلك بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول) 2012. ولم يكن هذا اللقاء مذاعا، كما لم يكن «أحمد» موجودا في تلك المؤسسة في هذا اليوم. كان في إجازة في بلدته، لكنه، في نهاية المطاف، تمكن من الوصول إلى تسجيل كامل، صوتا وصورة، يتضمن ما دار بين السيسي وضباطه.

كيف حدث هذا؟ يقول «أحمد»، وفقا لروايته للمحققين، إنه، في يوم 20 أبريل (نيسان) 2013، أي قبل عزل مرسي بنحو سبعين يوما، دخل إلى جهاز الحاسب الآلي الموجود في أحد الأماكن الخاصة بالمؤسسة لكي ينسخ صور شخصية له من الجهاز، إلا أنه حين انفرد بنفسه داخل غرفة الحاسب الآلي، أخذ يستطلع ما هو موجود على الكمبيوتر، إلى أن وجد التسجيل الخاص بلقاء السيسي مع الضباط. فقام بالاتصال بـ«درويش» وحين أبلغه بموضوع التسجيل، طلب منه «سرقة هذا الفيديو» وأخذ نسخة منه. وكان مع «أحمد» ذاكرة إلكترونية سعتها اثنين غيغابايت، قام بتوصيلها بالكومبيوتر ونسخ التسجيل.

ظل «أحمد» يحتفظ بالذاكرة الإلكترونية التي كان قد دخل بها للمؤسسة المشار إليها، عن طريق وضعها في مذياع إلكتروني أيضا، إلى أن جاء موعد خروجه في إجازة، في شهر مايو (أيار) 2013.. حينها اتصل بـ«درويش» واتفقا على اللقاء عند محطة مترو الأنفاق في ضاحية الدقي، بجوار مقر الشركة الإعلامية الإخوانية، وسلمه التسجيل.

ولم يقرر قادة الجماعة في الشركة بث التسجيلات ولا الوثائق الأخرى التي جرى تجميعها من أماكن مختلفة، إلا بداية من يوم الثاني من شهر أكتوبر 2013، أي بعد أن اتسعت الهوة بين الجماعة والحكام الجدد. وكان أول ما أذيع عبارة عن مقطع مدته ست دقائق وعشرون ثانية، وفيه مناقشة بين السيسي وأحد الضباط بشأن الإعلام في مصر. وفي الرابع من أكتوبر 2013 جرى بث مقطعين آخرين مدة الأول 41 ثانية، حول نظرة السيسي وضباطه للمظاهرات في مصر، ومدة الثاني دقيقة و43 ثانية، حول قضية دعم السلع والخدمات في البلاد. ثم توالى نشر مقاطع ومكاتبات سرية. وهنا كان المحققون قد بدأوا في البحث عن مصدر هذه المعلومات والمشاركين في بثها وتسريبها في الداخل والخارج.

رغم انشغال الأجهزة الأمنية في مواجهة مظاهرات الإخوان ومطاردة «الإرهابيين» في سيناء ومناطق أخرى في خريف العام الماضي، فإن عمليات التحري بشأن ما يظهر بين يوم وآخر من تسريبات على مواقع الإخوان وعلى قناة «الجزيرة»، بدأت تجري على قدم وساق. وفي صباح يوم 18 نوفمبر، حيث كانت الرياح الباردة تهب على القاهرة، كان المحققون يتتبعون، ناحية جامعة عين شمس، في شرق العاصمة، خطوات رجل في بداية العقد الثالث من العمر، متوسط البنية والقامة، قمحي البشرة، ذي شعر أسود كث، وحليق الشارب، وله لحية سوداء خفيفة، ويرتدي قميصا لونه بني مدون عليه عبارة باللغة الأجنبية، وبنطال جينز أزرق، وحذاء رياضيا أسود وبه خطوط بيضاء.

شاب، مثل أي شاب، يبلغ من العمر أيضا 23 عاما ويلقب بـ«الحمصي»، وعلى كتفه حقيبة. إنه أحد المطلوبين في قضية بث معلومات سرية تخص الدولة على بعض شبكات الإخوان الإعلامية. ويدرس هذا الطالب في الفرقة الرابعة في كلية التجارة في جامعة عين شمس.. هو أصلا من القاهرة، من حارة الدمياطي، ومن أسرة «على قد الحال»، وفقا لإفادة محاميه، الذي قال أيضا إنه لم يكن إخوانيا.

وحين جرى توقيف «الحمصي» أثناء سيره على قدميه أمام مسجد جمال عبد الناصر، في ضاحية عين شمس، كان معه كومبيوتر محمول ماركة «إيسر» واسطوانات مدمجة وهاتف ماركة «سامسونغ»، ومبلغ مالي قدره 690 جنيها.

اقتاده المحققون إلى غرفة الاستجواب وبدأوا في تفريغ محتويات الكومبيوتر المحمول، ووجدوا فيه، التسجيل المسرب الخاص بلقاء السيسي مع بعض الضباط، ومدته 57 دقيقة و38 ثانية، وأربعة مقاطع فيديو أخرى من اللقاء على اسطوانات مدمجة، بالإضافة إلى 23 ورقة مصورة، إحداها خطاب صادر من إحدى الجهات السيادية العليا، إلى أمين عام مجلس الوزراء بتاريخ السادس من أغسطس (آب) 2013، أي عقب عزل مرسي بنحو شهر، وكذا غلاف دراسة صادرة عن إدارة الأزمات بإحدى الجهات العليا أيضا، عن «الصمود والدفاع عن الشعب بالنفس الطويل، وإجراءات الوزارات والأجهزة المعنية بالدولة لمجابهة الاستراتيجيات الواردة لسيناريو».. (كلام غير مكتمل في إحدى الوثائق التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» بخصوص القضية)».

وكان على جهاز «الحمصي» أيضا مجموعة صور تخص قوات التأمين في الشوارع المصرية، يظهر فيها جنود على أسطح مبان لوحدات نظامية، وكذلك صور لبعض الشبان مع مجموعة من الجهاديين، وفيديو آخر لمجموعة شبان داخل أحد الأنفاق الواصلة بين رفح وقطاع غزة، إلى جانب مقاطع لتسريبات من حوار السيسي مع صحيفة «المصري اليوم»، إضافة لمقاطع فيديو أخرى لم يكن قد جرى بثها بعد.

و«الحمصي» محتجز في الوقت الحالي على ذمة التحقيق معه. لكن كيف التحق بالشركة الإعلامية الإخوانية؟ يروي قصته للمحققين قائلا إنه منذ عام 2010 كانت هوايته تسجيل برامج من التلفزيون ووضعها على صفحته على «فيسبوك» وعلى مدونة له على «غوغل». وفي بداية 2011، أي مع ثورة المصريين ضد مبارك أيضا، تلقى حديثا على الدردشة الإنترنتية من رجل يلقب بـ«عبد الوهاب»، عرض عليه العمل معه في الشبكة الإخوانية، على أن تكون وظيفته «رفع مقاطع الفيديو على الشبكة، قبل أن يتولى آخرون اختيار ما ينبغي نشره على زوار المواقع الإخوانية على الإنترنت».

كل هذا جرى قبل أن يلتقي «الحمصي» مباشرة بأي من المسؤولين المباشرين عن الشركة الإخوانية وشبكاتها الإنترنتية المتعددة. وبمرور الوقت، أي مع اقتراب عام 2012 حيث كان الجسد الإخواني يتضخم في السياسة المصرية، ومع دنو موعد انتخابات البرلمان ووضع دستور جديد للبلاد، جرى تكليفه باختيار مقاطع فيديو بعينها، وسمحوا له، عبر الدردشة أيضا، بالدخول إلى مجموعة خاصة على «فيسبوك» لوضع تلك المقاطع، وجمع مواد إعلامية من مراسلين من مناطق مختلفة.

ووفقا لما رواه «الحمصي» فإن كل هذا العمل جرى مع أولئك المسؤولين الإخوانيين، دون أن يعلم مع من يتحدث بالتحديد. ويضيف أنه كان يتعامل مع الأمر كعمل تطوعي دون مقابل، إلى حين تخرجه في الجامعة، أملا في أن يفتح له هذا المجال فرصا للعمل مستقبلا. واستمر الوضع على هذا الحال إلى أن وجهت له دعوة لاجتماع للمراسلين والعاملين في الشركة (الإخوانية) وشبكتها في منتصف عام 2011. كان الاجتماع على أحد مقاهي منطقة البورصة الشهيرة والقريبة من ميدان التحرير.

وهنا، حسب أقوال «الحمصي»، كانت المرة الأولى التي يقابل فيها «عبد الوهاب» والعديد من العاملين في الشركة. وناقش الاجتماع الموضوعات التي سيجري نشرها خلال شهر رمضان على الشبكات الإخوانية (دون أن يعلم أنها تابعة للإخوان، وفقا لمحاميه). ويقول «الحمصي»: «منذ ذلك الوقت تكررت اللقاءات على إفطار رمضان في أحد المطاعم المطلة على ميدان التحرير، ثم جرى بعد ذلك بحث موضوع انتخابات مجلسي الشعب والشورى والاستفتاءات منذ بداية 2012، وكيفية تغطيتها على الإنترنت، وهي الانتخابات التي فاز فيها الإخوان بأغلبية كبيرة ومرروا بعدها الدستور الجديد».

ويضيف أنه، في ذلك التوقيت، بدأ يظهر الرجل الملقب بـ«درويش» في الصورة. وتعرف عليه، وعلم أنه رئيس مجلس إدارة الشبكة، وقرر اختياره ليكون أحد الناشرين على الشبكة، أي أن تكون معه صلاحية الدخول وبث الأخبار، وحدد له أجرا شهريا قيمته 1200 جنيه. واستمر هذا الحال بينما كانت الاضطرابات السياسية تزداد اشتعالا في مصر، إلى أن تقرر عزل مرسي، وفض اعتصامي المؤيدين له في أغسطس.

وفي أواخر سبتمبر (أيلول) 2013 تلقى «الحمصي» اتصالا عبر الدردشة على «فيسبوك» من «درويش» وأخبره أن معه شيئا مهما سيرسله له عبر رسالة على «فيسبوك»، عن لقاء السيسي مع الضباط (التسجيل الذي حصل «أحمد» على نسخة منه من المؤسسة المشار إليها).

وطلب «درويش» من «الحمصي» أن ينشر أجزاء معينة حددها له بأنها تبدأ من الدقيقة كذا وتنتهي عند الدقيقة كذا، على الشبكة الإخوانية. ويضيف أنه جرى بيع المقطع الأول ومدته ست دقائق تقريبا لقناة «الجزيرة». وتقول رواية «الحمصي» إن «درويش» أرسل له أيضا الـ23 ورقة المشار إليها سلفا، والتي كان مكتوبا عليها «سري جدا»، والتي أرسلها بدوره إلى مبرمج في الشبكة يدعى «شاهين» وهو رجل لم تتمكن السلطات من توقيفه عقب اختفائه أواخر العام الماضي، وهو خريج معهد فني تجاري ومن منطقة ميت خاقان بمركز شبين الكوم في محافظة المنوفية، شمال القاهرة.

أما بالنسبة لـ«درويش» الذي كان يرأس مجلس إدارة الشبكة الإخوانية، فلم يعثر عليه المحققون حين توجهوا لمقر سكنه في شارع القوص بمنطقة شبين القناطر بمحافظة القليوبية (شمال العاصمة) أيضا. وتبين سفره إلى تركيا منذ يوم الخامس من يوليو (تموز) 2013، وفقا لإفادة مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية بمصر، بينما يوضح أحد محاميه أن حالته المادية ميسورة، وأنه لم يكن يقصد الإساءة للدولة، من خلال ما جرى بثه من تسريبات.

أما بالنسبة لـ«القزاز» فإنه مصري لكنه مولود في الإمارات، ومن أسرة ميسورة الحال، وتخرج في كلية الإعلام جامعة السادس من أكتوبر. وجرى اتهامه بتمرير المكالمات الخاصة بالمراسلين في الشبكة الإخوانية إلى قناة «الجزيرة»، و«إرسال الفيديوهات التي يجري تصويرها إليهم»، نظير تلقيه تمويلا ماليا من شخص يقيم في قطر، يلقب بـ«عيد»، حيث رصد المحققون إرسال ثلاث حوالات مالية، باسم زوجته، قادمة من قطر على بنك القاهرة فرع مدينة السادس من أكتوبر، بلغت قيمة الحوالة الأولى ألف دولار، والثانية ثلاثة آلاف دولار والثالثة خمسة آلاف دولار.

لكن حين سأله المحققون عن علاقته بقناة «الجزيرة» قال إنه صحافي متعاون معها منذ شهر أكتوبر الماضي، و«وظيفتي تجميع أخبار، وأبعثها بالإيميل لكي تنشرها القناة». وأضاف قائلا عن الأموال التي حولها له «عيد» من قطر، إنها خاصة بشراء كاميرات لمراسلي القناة وسداد رواتبهم وشراء كاميرات إضافية.

وسأل المحقق «القزاز» عن كيفية وصول عدد من المواد الفيلمية المسربة، إلى قناة «الجزيرة»، فأجاب أن مصريا يعيش في قطر (ذكر اسمه) ويعمل في قناة «الجزيرة»، سافر لـ«درويش» في تركيا واشترى منه مقاطع الفيديو الخاصة بلقاء السيسي مع الضباط.

وحين دخل المحققون إلى شقة «القزاز»، في مدينة السادس من أكتوبر، قبل أربعة أشهر، كانت السلطات قد أغلقت مقر الشركة الإخوانية في ضاحية الدقي، لكن عملها على الإنترنت لم يتوقف من مقار مختلفة، وغير محددة، داخل مصر وخارجها.