واشنطن تسعى لخفض التوقعات بشأن «إطار العمل».. وتهيئة الأجواء لدى الفلسطينيين والإسرائيليين لقبول تنازلات

الاتفاق قد لا يكون وثيقة مكتوبة ومعلنة بل «سلسلة مبادئ» يوافق عليها الطرفان

TT

عندما يستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم في البيت الأبيض ستكون هناك أجندة عمل طويلة لهما، إذ يبحثان أكثر القضايا تعقيدا أمام إقرار «إطار العمل» الذي تعده الولايات المتحدة ليمهد إلى اتفاق سلام لإنهاء النزاع العربي - الإسرائيلي. وزيارة عباس هي إحدى المواعيد المفصلية تماشيا مع جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل إلى «إطار عمل» قبل الموعد المعلن لانتهاء تسعة أشهر من المفاوضات، وهو 29 أبريل (نيسان) المقبل.

ويدرس كيري حاليا تمديد أجل المفاوضات في إطار جديد بعد عرقلة إمكانية التوصل إلى اتفاق موسع خلال الأسابيع الخمسة المقبلة.

ومن المرتقب أن تكون زيارة عباس إلى واشنطن حاسمة في تحديد موقف الفلسطينيين من «إطار العمل»، كما ستكون فرصة لعباس للتشاور مع أوباما بعد استقبال الأخير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض بداية الشهر الجاري. وقال البيت الأبيض في بيان إن «الرئيس أوباما يتطلع إلى مراجعة التقدم في المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية مع الرئيس عباس، كما سيبحثان جهودنا المتواصلة للتعاون من أجل تقوية المؤسسات التي يمكن أن تدعم تأسيس الدولة الفلسطينية».

ويمتنع المسؤولون الأميركيون المطلعون على ملف المفاوضات عن التعليق على مسارها، إذ أعلن كيري منذ بداية عملية التفاوض أنه الوحيد المخول الحديث في هذه القضية، حرصا منه على حماية المفاوضات من التراشق الكلامي بين الأطراف المعنية، ومنعا للتسريبات حول «إطار العمل» الذي ما زالت عناصره الأساسية غير محسومة.

وتحدثت «الشرق الأوسط» مع مصادر عدة في واشنطن حول «إطار العمل» ولكن هناك تعليمات صارمة من كيري بعدم الحديث علنا بعد عن الخطوات المقبلة لدفع عملية السلام.

ومن القضايا الأكثر حساسية مسألة «يهودية» الدولة الإسرائيلية، وقد أكد الفلسطينيون رفضهم قبول هذا المطلب الإسرائيلي، بينما ترى واشنطن أنه من الممكن إعداد صيغة لغوية حول ضمان حقوق «الجميع» مع الإشارة إلى «يهودية الدولة».

و«يهودية الدولة» كغيرها من القضايا الأساسية، مثل وضع اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة، بالإضافة إلى الوضع الأمني لغور الأردن وتبادل الأراضي، التي ما زالت مطروحة للنقاش. ولم يحسم بعد شكل إطار الاتفاق. كما أن هناك توقعات في واشنطن بأن «الإطار» قد لا يكون وثيقة مكتوبة ومعلنة، بل «سلسلة مبادئ» يوافق عليها الطرفان. وهناك جهود حثيثة من قبل الإدارة الأميركية في هذه المرحلة لخفض التوقعات لـ«إطار العمل»، خشية من أن عدم إصدار وثيقة متكاملة سيؤدي إلى اعتبار العملية «فاشلة».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن هناك مسألتين واضحتين فيما يخص جهود إحياء عملية السلام، الأولى أن كيري عازم على مواصلة المفاوضات، ومن المتوقع أن يجد طريقة لإبقاء الطرفين على طاولتها، وإن كانت نتائج المرحلة الأولى محدودة جدا.

أما المسألة الثانية فهي أن مكتب «المبعوث الخاص للمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية» مارتن إنديك عاكف على دراسة عناصر عدة خلال هذه الفترة لدعم مسار المفاوضات، من بينها تهيئة «الأجواء» لدى الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي لقبول تنازلات حتمية مطلوبة لإحلال السلام، بالإضافة إلى التواصل مع الرأي العام العربي والدولي لدعم المسار السياسي رغم عدم شعبية الطروحات الأميركية لدى الطرفين.

وبعد زيارة عباس إلى واشنطن، هناك مواعيد مفصلية ستدل على إمكانية استمرار المفاوضات، على رأسها موعد إطلاق المجموعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية نهاية الشهر الجاري. وبينما تريد إسرائيل التراجع عن إطلاق بعض من الأسرى الـ104 الذين أعلنت سابقا عن إطلاقهم، يصر عباس على إطلاقهم كي يواصل المفاوضات.

ولفتت مصادر عربية مطلعة على ملف السلام إلى أن إطلاق الأسرى أمر أساسي بالنسبة لعباس كي يقبل بمواصلة المفاوضات، وهذا ما سيؤكده للإدارة الأميركية. كما سيؤكد عباس رفض أي جهود إسرائيلية لنشر قوات إسرائيلية في غور الأردن بدلا من الاعتراف بحدود دولة فلسطينية مستقبلية، بينما ينظر الأميركيون إلى مقترحات لنشر قوات فلسطينية وإسرائيلية ودولية مشتركة خلال مرحلة انتقالية كحل وسط.