عباس يلتقي أوباما اليوم مسلحا بدعم شعبي وعربي لرفض يهودية الدولة الإسرائيلية

خلافات في الحكومة الإسرائيلية بشأن مقترح تمديد المفاوضات مقابل وقف الاستيطان

فلسطينيون يرفعون صور الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والرئيس عباس خلال مظاهرات في الضفة الغربية أمس (أ.ب)
TT

يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الرئيس الأميركي باراك أوباما، اليوم، مسلحا بدعم شعبي كبير، وعربي على مستوى صنع القرار، لجهة عدم الاعتراف بيهودية إسرائيل، المسألة الأكثر تعقيدا أمام وضع اتفاق إطاري لعملية السلام.

ويحاول أوباما اليوم إقناع عباس بقبول اتفاق الإطار الذي صاغه وزير خارجيته جون كيري، بعدما فشل في ثني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إصراره على يهودية الدولة، لكن أبو مازن أبلغ مستشاريه ومسؤولين عربا قبل اللقاء أنه لن يوافق على ذلك مهما تعرض لضغوط.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن عباس لا ينوي رفض كل ما يطرحه أوباما، لكنه سيحاول إيجاد صيغة حل وسط لا تمس بالثوابت. وأضافت: «سيستمع أولا ثم يقول رأيه». وتابعت: «الرئيس لن يقبل اتفاق إطار فيه اعتراف بيهودية الدولة ولا يشير إلى القدس الشرقية، لكنه مستعد مثلا لتمديد المفاوضات مقابل تجميد الاستيطان وإطلاق سراح أسرى».

وحسب المصادر سيحاول عباس أن لا يعود بصدام وخلاف مع الولايات المتحدة، خصوصا أن الإدارة الأميركية لا توافق نتنياهو على إصراره على مسألة يهودية الدولة. وأردف: «والدليل حديث كيري عن أن قرار التقسيم يشير إلى يهودية الدولة، وأن هذا يكفى إسرائيل».

وكان كيري قال إنه من «الخطأ التمسك بمطلب الاعتراف بيهودية إسرائيل كأساس لأي اتفاق سياسي مع الفلسطينيين»، لافتا إلى قرار التقسيم عام 1947، الذي ينص على «إقامة دولة يهودية» وأخرى «عربية»، وعد ذلك كافيا للإسرائيليين.

ورد مسؤولون إسرائيليون على كيري، أمس، وعبروا عن خيبة أملهم من تصريحاته، قائلين إنه «يجب أن يضغط على الفلسطينيين وليس على إسرائيل». وقال وزير حماية الجبهة الداخلية الإسرائيلية جلعاد إردان إن «كيري يوجه ضغوطاته للجهة الخطأ». وأضاف: «يجب أن يسأل كيري أبو مازن لماذا يرفض بعناد الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، لأنه لا يريد إنهاء النزاع».

واعتبر نائب وزير الخارجية زئيف ألكين تصريحات كيري بأنها «تعبير عن نموذج للاأخلاقية السائدة في الـ20 سنة الأخيرة». وأضاف: «آن الأوان لوضع حد لهذه اللاأخلاقية الظالمة».

أما عضو الكنيست موتي يوغاف فقال إن كيري فقد مهمته كوسيط محايد للمفاوضات مع الفلسطينيين، مطالبا إياه بـ«أن لا يجعل نفسه شخصية غير مقبولة كما فعل في الكثير من مناطق الصراع في العالم».

وقد يكون قرار تمديد المفاوضات المخرج المعقول للطرفين من أجل عدم اتهامهما بإفشالها، وللأميركيين كذلك حتى لا يمنوا بالفشل في ملف جديد.

ولم يعرف بعد رد فعل الحكومة الإسرائيلية على اقتراح تجميد الاستيطان وإطلاق سراح أسرى، لكنه سيكون اقتراحا إشكاليا حسب تصريحات وزراء. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون: «لن يكون هناك أي اتفاق، لا يمكن توقيع اتفاق دون اعتراف الطرف الثاني بالدولة اليهودية في حدود معروفة».

وهاجم يعلون الرئيس الفلسطيني بشكل مباشر، قائلا: «أبو مازن شريك ليأخذ وليس ليعطي. هو ليس شريكا لوضع حل نهائي يعترف بدولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي، ويشكل هذا نهاية الصراع وسقف المطالب».

وخرج وزير الإسكان أوري آرييل أمس ليعلن أن حزبه (البيت اليهودي) لن يبقى عضوا في الائتلاف الحكومي إذا تقرر تجميد الاستيطان وإطلاق سراح سجناء أمنيين من عرب 48، في إطار المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.

لكنّ وزراء آخرين في الحكومة الإسرائيلية أيدوا تجميد الاستيطان، وقال وزير البيئة عمير بيرتس: «يجب تجميد البناء في المستوطنات، بغض النظر عن أي تطور في المفاوضات مع الفلسطينيين». وأضاف: «سياستنا يجب أن تستند إلى تقوية مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليتمكن من قيادة شعبه نحو تحقيق حل الدولتين وليس العكس».

وبالتزامن مع لقاء الرئيس الفلسطيني والأميركي، تطلق حركة فتح التي يتزعمها عباس والسلطة الفلسطينية اليوم (الاثنين) أكبر حملة مساندة له في وجه «الضغوط» الأميركية، ولحثه على التمسك بالثوابت.

ودعا رئيس الحكومة الفلسطينية، رامي الحمد الله، «كل موظفي القطاع العام والمؤسسات الرسمية والشعبية والمدنية والأهلية وكل فئات شعبنا للمشاركة في فعاليات دعم الرئيس ومساندته في تمسكه بالثوابت». وقال الحمد الله في تصريح صحافي: «إن الفعاليات تأتي لمساندة الرئيس في رفضه لكل المحاولات الهادفة إلى الانتقاص من حقوق شعبنا الوطنية المشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية».

وقال بيان لحركة فتح: «نجدد العهد والوفاء لقضيتنا الفلسطينية ولسيادة الرئيس أبو مازن للمضي والخوض معه وإلى جانبه في معركة انتزاع الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في كل المحافل الدولية حتى تحرير الأرض الفلسطينية عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف».

وأعطيت المدارس والجامعات والموظفون في الوزارات إجازات للمشاركة في المظاهرات التي ستنظم في كل مدن الضفة الغربية، التي شهدت أيضا مظاهرات أمس تأييدا لعباس، كما تسعى الضفة إلى التنسيق مع حماس لتنظيم مظاهرات مماثلة في الضفة. وقال الناطق باسم فتح، فايز أبو عيطة، إن هناك اتصالات مع حماس لتنظيم التجمع في ساحة الجندي المجهول لجميع أقاليم فتح، لدعم مواقف الرئيس، وإذا رفضت حماس فسوف يكون تجمع كل إقليم على حدة.

ومن جانبها، فضت حماس بالقوة مهرجانا في ساحة الجندي المجهول نظم أمس تأييدا لعباس. وفي غضون ذلك وقعت 80 منظمة أهلية فلسطينية على عريضة تطالب الرئيس برفض الضغوط الأميركية «والتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني التي ناضل ويستمر في النضال من أجلها كل أبناء الشعب الفلسطيني ومن يؤمن بعدالة القضية الوطنية».