الأحزاب الهندية تتسابق للظفر بالصوت المسلم قبل أسبوعين من الانتخابات

استطلاع: مسلمو الهند قادرون على التأثير في 111 مقعدا من أصل 162

هنديات ينتظرن في طابور للحصول على ماء شرب مجاني من جمعية محلية في مدينة أحمد آباد الغربية أمس (رويترز)
TT

في إطار الاستعدادات الهندية للانتخابات العامة المقرر أن تبدأ في السابع من أبريل (نيسان) المقبل، تسعى الأحزاب السياسية إلى استقطاب الناخبين المسلمين لما يتمتع به السكان المسلمون من قدرة على التأثير في المنافسة على 200 مقعد من بين مقاعد مجلس النواب الهندي البالغة 543 مقعدا.

ويشكل المسلمون، بحسب تعداد عام 2011، نحو 15 في المائة من عدد سكان الهند البالغ 1.2 مليار نسمة. وتشير استطلاعات الرأي التي أجريت عام 2014 إلى أن أبرز الجولات الانتخابية التي تواجه للمسلمين ستجري في ولايات أوتار باراديش وبيهار والبنغال الغربية، والتي يشكل فيها المسلمون نحو 20 في المائة من إجمالي عدد سكانها. ومن بين 162 معقدا في تلك الولايات يستطيع المسلمون التأثير في الانتخابات على 111 مقعدا، وسيشكلون تأثيرا واضحا على تشكيل الحكومة بعد نتائج الانتخابات، وفق ما تشير إليه الاستطلاعات.

ومن بين الولايات الأخرى التي تحمل القدر ذاته من الأهمية بالنسبة للمسلمين، ولايات أندرا باراديش وكارناتاكا وكيرالا وآسام وجامو وكشمير (التي تتمتع بأغلبية مسلمة)، وماهارشترا وغوغارات وراجستان. ومن المثير للمفارقة أن البرلمان السابق لم يضم سوى 30 عضوا مسلما فقط، يشكلون 6 في المائة فقط من إجمالي قوة البرلمان. وهناك نحو 20 ولاية لم تنتخب برلمانيا مسلما في انتخابات عام 2009، رغم أن 832 مسلما ترشحوا في الانتخابات الأخيرة كمستقلين.

ويمكن للوعاء الانتخابي للمسلمين أن يغير بشكل كبير من الحسابات السياسية المعقدة في الهند. لكن وضع المسلمين الحالي الذي يضطرون فيه إلى اختيار المتاح يطرح سؤالا ملحا حول الكيفية التي سيجري من خلالها تحول المجتمع المسلم. ففي انتخابات عام 2009 صوت 36 في المائة من مسلمي الهند لصالح حزب «المؤتمر» الحاكم حاليا، مقابل 3 في المائة لحزب بهاراتيا جاناتا، المعارض حاليا، وفقا لدراسة الانتخابات العامة التي أجراها مركز دراسة المجتمعات النامية عام 2009، والتي أشارت إلى أن كل الأحزاب السياسية الرئيسة تبدي اهتماما كبيرا بالمسلمين وتتنافس لاجتذابهم.

يحاول الجناح اليميني من حزب بهاراتيا جاناتا، الذي ينظر إليه كحزب معاد للمسلمين مثل مرشحه لرئاسة الوزراء ناريندا مودي، الذي وجهت إليه انتقادات كبيرة بالمسؤولية عن أعمال الشغب ضد المسلمين التي وقعت في عام 2002 في ولاية غوغارات، القيام ببعض المحاولات لاجتذاب المسلمين بحديث قادته عن أهمية المسلمين كمواطنين هنود، زاعمين أن الأحزاب السياسية الأخرى تستغل المجتمع المسلم كبنك للأصوات دون القيام بعمل مهم لتحسين المستوى الاجتماعي والاقتصادي للمسلمين. فيما حذرت الأحزاب الأخرى المعارضة لحزب بهاراتيا جاناتا، مثل المؤتمر والأحزاب الإقليمية الأخرى، المسلمين من التصويت لصالح حزب بهاراتيا جاناتا، بزعم أنه قوة مجتمعية يتوقع أن تعمل ضد المسلمين.

ويشير منظمو استطلاعات الرأي إلى أنه على الرغم من ميل الناخبين المسلمين في أضخم ديمقراطية في العالم إلى التصويت في السابق لصالح حزب المؤتمر، فإن هناك تحولا بدأت تظهر بوادره للتوجه نحو الأحزاب الإقليمية التي تنتشر في أرجاء الهند والتي تمكنت من تلبية احتياجاتهم والتعامل مع مخاوفهم خلال السنوات العشر الماضية.

ووفقا لبيانات مركز دراسة المجتمعات النامية، يؤيد أكثر من 70 في المائة من الناخبين المسلمين حزب المؤتمر في ولايات مثل راجستان، وماذيا باراديش، وغوغارات، ودلهي، حيث تدور رحى المنافسة بين حزبي المؤتمر وبهاراتيا جاناتا. لكن الناخبين المسلمين وجدوا أنفسهم هذه المرة وقد ملأهم الشعور بالإحباط إزاء الأحزاب السياسية المختلفة بدءا بحزب المؤتمر وبهاراتيا جاناتا، ووصولا إلى ساماجوادي والكثير من الأحزاب الأخرى التي قطعت لهم الكثير من الوعود والتي تم تنفذ أيا منها.

ورغم مناشدة غالبية المسلمين المجتمع المسلم بعدم التصويت لمودي، وعدم تمكينه من الوصول إلى منصب رئيس الوزراء، فإن بعض قادة المسلمين أكدوا على أن محاولة التخويف من حزب بهاراتيا جاناتا لن تخدم الأهداف الحقيقية للمجتمع المسلم. ونقلت وسائل الإعلام عن عبد الله بخاري، إمام مسجد مخدوم في مالابورام في ولاية كيرالا، أن «مودي وحزب بهاراتيا جاناتا ربما يكونان أكثر اعتدالا عما هو عليه الحال في المعارضة. إذن لماذا لا نجربهما أيضا؟»، وعلى الرغم من أن الإمام لا يمثل عموم المسلمين فإن هناك العديد من الأسباب التي تجعل المسلمين يرفضون أن يعاملوا كبنك أصوات.

ويريد زينيث شايكوت علي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة خافيير، من المسلمين «التصويت لصالح الحزب الذي يعاملهم كهنود بدلا من تهميشهم. لكن المسلمين منحوا صورة انتخابية في استطلاعات الرأي، فالأحزاب السياسية لا تذكر المسلمين إلا مع اقتراب الانتخابات. ينبغي أن نلفظ هذه الأحزاب وأن نعطي الفرصة لآخرين». ويساند المسلمين الذين يحاولون تأييد حزب آدمي، الذي يخوض الانتخابات للمرة الأولى، والذي حصد نجاحا مفاجئا في انتخابات المجلس التشريعي لولاية دلهي.

ما يثير الدهشة هو أنه خارج ولايات كيرالا وجامو وكشمير وحيدر آباد نادرا ما توجد أحزاب إسلامية يمكن الاختيار من بينها. والتحدي أمام قادة المسلمين في تلك الولايات هو توعية المجتمع المسلم بقدراته التصويتية وترسيخ أقدام المسلمين في السياسات الهندية بصورة ديمقراطية. ويقول ظفر الإسلام خان رئيس مشاورات «لم يعد المسلمون مرتبطين بحزب واحد. فهم الآن يصوتون بشكل تكتيكي لهزيمة بهاراتيا جاناتا، وهذه هي الطريقة التي سيكون عليها الحال في عام 2014. نحن نهدف إلى تعليم الناخبين المسلمين بشأن الناخب العلماني الأفضل في دوائرهم الانتخابية». وتعد الجماعة الإسلامية الهندية، جمعية ثقافية واجتماعية كان الشيخ محمد إلياس أحد أعضائها لعقود، لجنة استشارية موسعة لتوجيه الناخبين المسلمين لتحديد أفضل الوسائل للاستفادة من أصواتهم.

لا يزال الناخبون المسلمون متخلفين اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، فكشف تقرير لجنة ساتشر عن أن 25 في المائة من أطفال المسلمين بين السادسة والرابعة عشرة إما أنهم لم يلتحقوا بالتعليم أو أنهم تركوا الدراسة، وأن المسلمين يشكلون نسبة 3.4 في المائة من خريجي الجامعات، وأن 13 في المائة من العمال المسلمين يعملون في وظائف ثابتة، وأن نسبة المسلمين الذين يعملون في الحكومة 2.5 في المائة فقط. وتؤكد هذه الإحصاءات على ضرورة معاملة المسلمين بشكل مختلف، وتعزيز أوضاعهم بشكل فعلي بدلا من الوعود الخاوية.

وطالما وجه قادة المجتمع المسلم في الهند انتقادات لحزب المؤتمر تجاه ما اعتبروه فشل الحزب في تحسين أوضاع الكثير من المسلمين بعد صدور تقرير لجنة دلهي التي قادها رئيس محكمة العدل العليا السابق راجيندر ساتشر في عام 2006، والذي أكد على أن المسلمين هم إحدى أكثر الفئات الاجتماعية تعرضا للإهمال في الهند من حيث التعليم والوظائف والفقر والصحة.

وقال ياشوانت ديشموخ، الذي يدير مؤسسة لاستطلاع الرأي في الانتخابات العامة وانتخابات الولايات لأكثر من عشرين عاما «إلى جانب الكراهية الكبيرة لحزب المؤتمر والاعتقاد بأنه بدد المكاسب الاقتصادية التي نالتها الهند في السنوات الأخيرة، فإن هناك فرصة جيدة لأن يصوت الكثير من المسلمين لأحزاب أخرى غير المؤتمر، بما في ذلك حزب بهاراتيا جاناتا، على الرغم من ارتباطه بأعمال الشغب المناهضة للمسلمين».