دمشق تعد إسقاط تركيا لمقاتلتها «اعتداء سافرا غير مسبوق»

مقتل قائد الدفاع الوطني في اللاذقية هلال الأسد.. وأنباء عن ضلوع أحد معاونيه في اغتياله

سوريون يتفقدون الدمار الذي لحق بعدد من الأبنية عقب غارة جوية على أحد أحياء مدينة حلب أمس (رويترز)
TT

أعلنت دمشق أمس أن تركيا أسقطت طائرة حربية تابعة لها، في منطقة حدودية بين البلدين في محافظة اللاذقية التي تشهد معارك عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة، متهمة أنقرة بالقيام بـ«اعتداء سافر» و«غير مسبوق». بينما اعترف رئيس الوزراء التركي بإسقاط الطائرة، مهددا الجانب السوري بقوله خلال تجمع انتخابي من أنصاره: «سيكون ردنا قاسيا إذا انتهكتم مجالنا الجوي».

ويأتي إسقاط الطائرة بعد ثلاثة أيام من قصف جوي نفذته الطائرات الحربية السورية في المناطق المحاذية للحدود التركية، حيث يحاول مقاتلو المعارضة السيطرة على معبر كسب الحدودي مع تركيا في ريف اللاذقية الشمالي، مما ينذر بتطورات في «معركة الساحل» الذي يعد مركز ثقل لنظام الرئيس بشار الأسد.

في غضون ذلك، أكد التلفزيون الرسمي السوري مساء أمس مقتل هلال الأسد، قائد الدفاع الوطني في اللاذقية، خلال اشتباكات في المدينة أمس.. فيما أعلنت هيئة الثورة السورية عن تفجير المربع الأمني للنظام في اللاذقية.

وتفيد مصادر معارضة أن هلال هو ابن عم الرئيس السوري بشار الأسد. وبالتزامن مع بث الخبر من المواقع الإخبارية الرسمية، اشارت مواقع المعارضة إلى احتمالية أن يكون اغتيال هلال جرى على يد أحد معاونيه مباشرة نتيجة خلافات مالية، فيما أشار آخرون إلى أن المعارضة قتلت هلال بمعاونة من أحد أقرب مساعديه.

من جانبهم، قال ناشطون إن المعارك وصلت إلى آخر نقطة ساحلية سورية على الحدود التركية، في محاولة للسيطرة على جانب من الواجهة البحرية السورية، بما يتيح للمعارضة التزود بالسلاح. وفيما ذكرت تقارير أن الدفاعات الجوية التركية استهدفت الطائرة السورية بصاروخين، أكد ناشطون في ريف اللاذقية لـ«الشرق الأوسط» أن المضادات الجوية التابعة للجيش التركي أسقطت طائرة «ميغ 21» تابعة للقوات النظامية أثناء إغارتها على تجمع للمعارضين قرب بلدة كسب الحدودية مع تركيا، قائلين إن الطائرة حلقت بمحاذاة منطقة حدودية متداخلة مع منطقة صمندها بالقرب من أنطاكيا، على الحدود التركية - السورية.

ووصف مصدر عسكري سوري، أمس، الحادثة بأنها «اعتداء سافر يؤكد تورط (رئيس الوزراء التركي رجب طيب) إردوغان في دعم العصابات الإرهابية»، مؤكدا أن الدفاعات الجوية التركية أسقطت طائرة مقاتلة «أثناء ملاحقتها العصابات الإرهابية داخل الأراضي السورية في منطقة كسب في ريف اللاذقية»، مشيرا إلى أن الطيار قفز بالمظلة.

وقالت وسائل إعلام مؤيدة لدمشق إن الطيار هبط إلى منطقة ريفية في اللاذقية داخل الأراضي السورية.

وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن مضادات الطيران التركية استهدفت الطائرة «أثناء قصفها مناطق في ريف اللاذقية»، مشيرا إلى أن النيران اندلعت فيها «قبل سقوطها داخل الأراضي السورية». واعترفت أنقرة بالعملية على لسان إردوغان الذي هنأ الجيش التركي على إسقاط الطائرة. وخاطب النظام السوري خلال تجمع انتخابي، قائلا: «سيكون ردنا قاسيا إذا انتهكتم مجالنا الجوية».

وكان مصدر في وزارة الخارجية السورية جدد، في وقت سبق إسقاط الطائرة، أمس، اتهام أنقرة بمساندة المجموعات المهاجمة للقوات النظامية في معبر كسب. وقال المصدر، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن «الحكومة التركية قامت بعدوان عسكري غير مسبوق ولا مبرر له (...) في منطقة كسب الحدودية» الجمعة والسبت. واتهم المصدر أنقرة بقصف الأراضي السورية «لتأمين التغطية لدخول العصابات الإرهابية المسلحة من الأراضي التركية إلى داخل سوريا»، واضعا ذلك «في إطار السياسات العدوانية لحكومة إردوغان ودعمها المعلن للمجموعات الإرهابية المسلحة التي اتخذت من الأراضي التركية نقطة إيواء وانطلاق وتسليح لها» ضد السوريين.

وأفاد ناشط من اللاذقية بتحقيق كتائب المعارضة تقدما في محيط بلدة كسب الحدودية مع تركيا، قائلا إن المعارضين «يتقدمون باتجاه الساحل، ويسعون للسيطرة على راس البسيط الاستراتيجي على الساحل السوري في أقصى شمال البلاد».

وأشار الناشط إلى أن المقاتلين المعارضين «يتدفقون من جبل التركمان للمشاركة في القتال بهدف السيطرة على بلدة كسب، والتقدم نحو البحر»، لافتا إلى أن المقاتلين «معظمهم من الإسلاميين وينتمون إلى (جبهة النصرة) و(الجبهة الإسلامية)»، نافيا في الوقت نفسه السيطرة على بلدة كسب «التي يقاتل فيها عناصر يتبعون اللجان الشعبية إلى جانب القوات النظامية».

وأكد ناشطون في ريف اللاذقية أن القوات السورية «ردت على تقدم المعارضين بالقصف بالطيران الحربي الذي نفذ ما يزيد على 12 غارة، بالإضافة إلى قصف بالمدفعية والصواريخ»، وسط معلومات عن دفع القوات النظامية بتعزيزات إلى المنطقة. وأكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أن المقاتلين، وبينهم عناصر من جبهة النصرة، «تمكنوا من دخول معبر كسب، وإخراج القوات النظامية وجيش الدفاع الوطني منه»، مؤكدا أنه لا يمكن الحديث عن «سيطرة كاملة، لأن المعارك لا تزال عنيفة في محيطه وعلى بعد عشرات الأمتار منه في مدينة كسب».

وحذر قائد الجبهة الغربية والوسطى «جميع المسؤولين عن الثورة السورية المسؤولية، في حال توقف المعارك في الساحل، نتيجة عدم تقديم الدعم العسكري واللوجيستي للساحل وبقية المحافظات»، مطالبا بتقديم السلاح للمقاتلين المعارضين في اللاذقية وحماه.

وكانت المعارك التي انطلقت الجمعة في ريف اللاذقية، تحت شعار «حرب الأنفال»، توسعت أول من أمس، لتشمل مناطق أخرى في ريف اللاذقية أبرزها قرى خربة سولاس وبيت حلبية والملك الواقعة تحت سيطرة النظام.

وإذ ارتفعت حصيلة المعارك في اللاذقية منذ الجمعة إلى أكثر من 80 قتيلا من الجانبين، قال عبد الرحمن إن مجموعة من المعارضة المسلحة تمكنت من دخول خربة سولاس، إلا أن القوات النظامية تصدت لها بكمائن وقصف جوي، مما تسبب بمقتل 20 مقاتلا على الأقل، وجرح أكثر من 30.

في غضون ذلك، تصاعدت وتيرة العنف في مدينة حلب، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة في محيط مبنى المخابرات الجوية في جمعية الزهراء، وسط تقدم لمقاتلي المعارضة في حي الليرمون المجاور والسيطرة عليه. وتأتي الاشتباكات غداة سيطرة المعارضين على تلة جبل الشويحنة الاستراتيجية شمال غربي حلب، التي تعد خط الدفاع الرئيس للنظام، عن مدفعيته في جمعية الزهراء، التي تقصف قرى وبلدات في ريف حلب الشمالي والغربي منها.

وبينما أفاد ناشطون بقصف الطيران المروحي النظامي طريق المتحلق الشمالي وحي الليرمون بالبراميل المتفجرة، بالتزامن مع قصف الطيران الحربي لبعض أحياء حلب من الجهة الشرقية للمدينة كحي الفردوس، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بقصف جوي تعرضت له مناطق في حي السكري، بينما قصف الطيران الحربي محيط قلعة حلب ترافق مع فتح الطيران الحربي نيران رشاشاته على المنطقة.

وأفاد المرصد بتعرض مناطق في حي الأصيلة ومحيط القصر العدلي للقصف من قبل القوات النظامية، وقصف الطيران الحربي مناطق في حيي باب النيرب والأنصاري الشرقي.

من جهة أخرى، تجددت الاشتباكات في محيط بلدة صرين بين «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروفة بـ«داعش» من جهة، ومقاتلي لواء «جبهة الأكراد» والكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة بمساندة وحدات حماية الشعب الكردي، وسط استقدام «داعش» تعزيزات عسكرية في مدينة جرابلس لمهاجمة مدينة عين العرب (كوباني) بحسب ناشطين. بينما سيطرت «داعش» على قرية الزيادية قرب بلدة اخترين عقب اشتباكات عنيفة مع مقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة والكتائب المقاتلة.