ملف «أسرى 48» يضع المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية على المحك

المبعوث الأميركي يلتقي عباس وعريقات وليفني لحل الأزمة

TT

ربطت مصادر إسرائيلية مسؤولة بين قبول الفلسطينيين تمديد المفاوضات عاما آخر، وتنفيذ قرار الإفراج عن أسرى فلسطينيين، وخاصة أسرى الداخل (عرب 48)، والمفترض أن يجري نهاية الشهر الحالي. وقال مصدر سياسي كبير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن «التوقف عن تمديد المفاوضات عاما إضافيا يعني الامتناع عن الإفراج عن سجين فلسطيني واحد».

ومن المفترض أن تفرج إسرائيل عن 30 أسيرا في يوم 29 من الشهر الحالي، وفق اتفاق أميركي - إسرائيلي - فلسطيني قبل انطلاق المفاوضات الحالية، يقضي بالإفراج عن أسرى ما قبل اتفاق أوسلو عام 1993، على عدة دفعات. والدفعة الحالية هي الدفعة الأخيرة؛ إذ أطلقت إسرائيل قبل ذلك ثلاث دفعات. ويقول الفلسطينيون إن اتفاق الإفراج عن الأسرى غير مرتبط أبدا بالمفاوضات، ولكنه مقابل تأجيل الذهاب إلى مؤسسات الأمم المتحدة للانضمام إليها.

وأول من أمس، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه إذا لم تطلق إسرائيل سراح الدفعة الرابعة من السجناء فسيكون ذلك إخلالا كاملا بالاتفاق، مما سيعطي الفلسطينيين الحق في أن يتصرفوا بالشكل الذي يرونه مناسبا ضمن حدود الاتفاقيات الدولية.

وعبرت مصادر إسرائيلية وفلسطينية عن القلق من أن التوقف عن الإفراج عن الأسرى نهاية الشهر، قد يعني انهيار المسيرة السياسية برمتها. ويبدي الوزراء الإسرائيليون تشددا كبيرا بشأن الإفراج عن دفعة أسرى جديدة، من دون تمديد المفاوضات.

وقال وزير الشؤون الاستراتيجية، يوفال شتاينتز، أمس: «إذا واصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس محاولاته لإفشال المفاوضات، فإن إسرائيل ستعيد النظر في مسألة الإفراج عن الدفعة الرابعة من السجناء الفلسطينيين».

وقال وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهارونوفيتش إن «القرار بشأن الإفراج عن السجناء لم يُتخَذ بعد.. نحن سنعارض بشدة إطلاق سراح مخربين من عرب إسرائيل» وكان أهارونوفيتش يشير إلى فلسطينيين يحملون الجنسية الإسرائيلية (أسرى الداخل عرب 48).

وتضم القائمة المرتقبة، 14 أسيرا من فلسطينيي الداخل، أقدمهم كريم يونس المعتقل منذ عام 1983. وفي مرات سابقة، رفضت إسرائيل تضمين أسرى من «عرب 48» ضمن أي اتفاق أو صفقات تبادل. بينما رفض أبو مازن كل الاقتراحات بإبقاء «أسرى 48» في السجن.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية إن الإدارة الأميركية تخشى انهيار المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية بسبب قضية «أسرى 48». وبحسب المصادر التي تحدثت للإذاعة الإسرائيلية، فإن الإدارة الأميركية تسعى لبلورة اقتراح سيتيح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقناع أعضاء حكومته بالمصادقة على إطلاق سراح أسرى الداخل.

ولمحت المصادر إلى أن مسؤولين أميركيين يدرسون قبول طلب نتنياهو بالإفراج عن الجاسوس جوناثان بولارد، المسجون في الولايات المتحدة بسبب إدانته بالتجسس لحساب إسرائيل، في محاولة لدفع الحكومة الإسرائيلية لإبداء الليونة وتقديم تنازلات في مسائل تتيح توقيع اتفاق إطار.

ويحتاج مثل هذا القرار موافقة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورفضت المصادر التوضيح ما إذا كان أوباما سيوافق أم لا. وتسعى واشنطن لوضع اتفاق إطار متفق عليه قبل نهاية أبريل (نيسان) المقبل، وهو موعد انتهاء المفاوضات. لكنها تواجه عقبات كبيرة تتعلق بمصير القدس الشرقية، وتقسيم الحدود، وطلب يهودية إسرائيل.

والتقى مارتن إنديك، المبعوث الأميركي إلى المنطقة، أمس بعباس ومسؤول الوفد الفلسطيني صائب عريقات، بعد يوم من لقائه مسؤولة طاقم المفاوضات الإسرائيلي تسيبي ليفني في محاولة لتضييق الفجوات. وقالت مصادر سياسية إسرائيلية إن إنديك يبذل جهودا لإيجاد صيغة متفق عليها تمنع انهيار المفاوضات. ونقل موقع «واللا» العبري عن مصادر إسرائيلية قولها إن مساعي إنديك «تأتي لمنع الانهيار».

وتبدو العلاقة الفلسطينية - الإسرائيلية في أسوأ حالاتها هذه الأيام. وقال عريقات أمس إن «الأعمال التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية أخيرا بحق أبناء الشعب الفلسطيني تؤكد أن إسرائيل اختارت فعلا المستوطنات والإملاءات واستمرار الاعتداءات بدلا من السلام والمفاوضات».

وأضاف عريقات في بيان بعد لقائه إنديك أن «انتهاكات الاحتلال، التي كان آخرها اقتحام مخيم جنين مما أدى إلى استشهاد أربعة مواطنين وجرح أكثر من عشرة، والعطاءات الاستيطانية التي تمثلت بنحو 2500 وحدة استيطانية جديدة، إضافة إلى هدم البيوت وتهجير السكان واستمرار حصار قطاع غزة والاعتداءات على المسجد الأقصى المبارك، تعد جميعها منهجا يهدف إلى تدمير الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية واللجنة الرباعية والمجتمع الدولي لتحقيق مبدأ الدولتين على حدود 1967».

وتابع عريقات: «هذه الممارسات، إضافة إلى استمرار رفض كافة الأسس والمبادئ التي يؤكدها القانون الدولي لحل كافة قضايا الوضع النهائي، والتي تشمل القدس واللاجئين والحدود والمياه والمستوطنات والأمن والإفراج عن الأسرى، تؤكد رفض الحكومة الإسرائيلية للسلام والمفاوضات». ودعا عريقات المجتمع الدولي إلى وجوب «محاسبة ومساءلة الحكومة الإسرائيلية، والكف عن التعامل مع دولة إسرائيل كدولة فوق القانون الدولي».