تشييع رسمي وشعبي لرئيس الوزراء الإسباني الأسبق أدولفو سواريث.. وإعلان الحداد ثلاثة أيام

الملك خوان كارلوس: وفاته ملأتني حزنا.. لقد كان صديقا مخلصا

العاهل الإسباني خوان كارلوس يعزي الينا نجل رئيس الوزراء الأسبق أدولفو سواريث أمس (رويترز)
TT

حضر العاهل الإسباني خوان كارلوس الأول وعائلته أمس، لإلقاء النظرة الأخيرة على رئيس الوزراء الأسبق أدولفو سواريث (1932، أبيلا) المسجى في مقر الكونكرس بالعاصمة مدريد، وهناك قام بمنحه وسام كارلوس الثالث، وسبق للعاهل الإسباني أن ظهر على شاشة التلفزيون في خطاب بالمناسبة قال فيه إن «وفاة أدولفو سواريث قد ملأتني حزنا، كان صديقا مخلصا، وباعتباري ملكا فقد كان معاونا استثنائيا». وكان سواريث قد توفي ظهر يوم الأحد، وأعلنت الحكومة الإسبانية الحداد على وفاته ثلاثة أيام، ومن المقرر أن يوارى الثرى في كاتدرائية أبيلا، شمال إسبانيا، كما ووقفت دقيقة واحدة الكثير من المؤسسات الحكومية والشعبية، ومنها الفرق الرياضية، مثل لقاء فريقي أتليتكو دي مدريد وبتيس، وكذا فريق ريال مدريد وبرشلونة يوم الأحد. وأخذ الكثير من المواطنين بالتجمع أمام مقر الكونكرس لإلقاء النظرة الأخيرة عليه.

وتمتد العلاقة بين العاهل الإسباني وأدولفو سواريث إلى عام 1969، عندما زار خوان كارلوس، الذي كان لا يزال وليا للعهد في فترة حكم الجنرال فرانكو، ليلتقي مع حاكم مدينة أبيلا، شمال إسبانيا، أدولفو سواريث، ومنذ اللحظات الأولى للقائهما، ظهر واضحا أن الاثنين قد انسجما تماما حتى إن صحيفة محلية ظهرت في اليوم التالي لتحمل عنوان «سواريث صديق شخصي لولي العهد». وفي عام 1976، كلفه العاهل الإسباني، الذي استلم السلطة عام 1975، بعد وفاة حاكم إسبانيا الجنرال فرانكو، بتشكيل الوزارة.

كان اختيارا موفقا للغاية، حيث تعاون الاثنان على إرساء أسس الديمقراطية في إسبانيا، وخاضا مهمة غاية في الصعوبة، حتى استطاعا أن يجتازا المرحلة الانتقالية، وتمثلت بحرية الرأي وتشكيل الأحزاب، حتى المحظورة منها مثل الحزب الشيوعي والحزب الجمهوري الكتلاني، واستطاعا تحييد العسكر، وإقناع اليساريين بترك فكرة الجمهورية والقبول بدولة ملكية دستورية ديمقراطية متعددة الأعراق والأفكار. وما إن نجح سواريث في هذه المهمة حتى تم انتخابه عام 1978 لفترة ثانية، لكنه سرعان ما اضطر للاستقالة من رئاسة الوزراء، عام 1981، ومن حزبه أيضا، حزب اتحاد الوسط الديمقراطي بعد خلافات مع أعضائه، ليشكل حزبا خاصا به باسم حزب اتحاد الوسط الديمقراطي الاجتماعي، ثم انسحب من العمل السياسي بسبب مرضه ومرض زوجته إمبارو ومن ثم وفاتها عام 2001 ومن ثم ابنته ماريام عام 2004.

ويجمع المحللون على أن أدولفو سواريث واحد من أفضل الشخصيات السياسية التي حكمت إسبانيا في العهد الديمقراطي، إذ استطاع أن يجمع شمل الإسبان على رأي واحد، في المرحلة الانتقالية، وهي حالة نادرة، في القبول بالتعددية والرأي الآخر، وبذلك استطاع أن ينقذ البلاد من المصادمات والاضطرابات التي واجهت البلاد، بعد وفاة فرانكو.

انعزل سواريث بعد تركه النشاط السياسي في منزله للاتجاه لرعاية زوجته المصابة بالسرطان، ومن ثم ابنته، كما أنه أصيب هو أيضا بمرض الزهايمر.

بدا المرض على سواريث واضحا في أحد الخطابات السياسية عندما قرأ خطابا في عدة صفحات ثم انتبه ليقول صراحة «عذرا، لقد اختلطت الأوراق». يقول أحد أصدقائه لقد تيقنت من أن مرضه قد استفحل كثيرا عندما دعوته إلى لقاء، بعد عام من وفاة زوجته «امبارو» فرد علي «أنا مشغول جدا، فعلي الاعتناء بزوجتي امبارو»، وازداد المرض حدة لدرجة أنه بعد وفاة ابنته بالسرطان، قررت العائلة إخباره على الرغم من سوء حالته الصحية، فقالوا له: «لقد توفيت ماريام» فرد عليهم «من هي ماريام».