كيري يواصل من الأردن مساعيه لإنقاذ مفاوضات السلام المتعثرة

وزراء إسرائيل يهاجمون عباس: من دوننا لن يبقى على كرسيه دقيقة

TT

وصل أمس وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الأردن قادما من إيطاليا في زيارة استغرقت يوما واحدا، تستهدف إنقاذ مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية المتعثرة، وذلك بالتزامن مع حملة هجوم عنيفة وغير مسبوقة شنها وزراء إسرائيليون على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على خلفية قرار الجامعة العربية عدم الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، في الوقت الذي تخيم فيه قضية إطلاق سراح أسرى فلسطينيين ومن الداخل، على مستقبل المفاوضات برمتها.

وخلال لقائه كيري في عمان أمس، أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل، وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، وبما يحمي ويصون مصالح الأردن العليا، خصوصا تلك المرتبطة بقضايا الوضع النهائي. كما شدد على موقف بلاده الداعم لمفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية. بينما أطلعه كيري على آخر المستجدات في إطار جهوده المستمرة على صعيد مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية. كما تناول اللقاء أبرز التطورات الإقليمية، خصوصا مستجدات الأزمة السورية.

على صعيد متصل، التقى كيري الرئيس عباس في عمان، ضمن مساعيه لإنقاذ مفاوضات السلام المتعثرة مع الجانب الإسرائيلي، حيث امتدت المباحثات أكثر من ساعتين، أجرى خلالها كيري مشاورات هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال السفير الفلسطيني لدى الأردن عطا الله خيري إن المباحثات ركزت على إطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين المقررة في 29 مارس (آذار) الحالي، والعودة من جديد إلى طاولة المفاوضات.

وأضاف خيري، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن «عودة الجانب الفلسطيني إلى طاولة المفاوضات ستكون ضمن الثوابت الفلسطينية»، مشددا على رفض الاعتراف بمبدأ يهودية الدولة، وقال: «إننا نرفض الاعتراف بيهودية الدولة رفضا قاطعا، ولا رجعة عنه. وقد جرى تأكيد ذلك في خطاب الرئيس عباس أمام القمة العربية التي اختتمت أعمالها (أمس) في الكويت».

وأكد خيري: «إننا مع تمديد المفاوضات إذا حققت شروطنا في الحدود، وأن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وأن تقوم دولتنا المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967، وأن تضمن حق الفلسطينيين في المياه وعودة اللاجئين وإطلاق سراح الأسرى ووقف الاستيطان». وأشار إلى «إننا لا نخطو أي خطوة في المفاوضات أو فيما ينقله الوسيط الأميركي من اقتراحات إلا ونضع الأشقاء العرب فيما يجري، وذلك من خلال لجنة المتابعة العربية أو اللقاءات الثنائية».

من جانبه، أكد أمين سر حركة فتح في الأردن عضو المجلس الوطني الفلسطيني نجيب القدومي أن الرئيس عباس سيظل محافظا على الثوابت الفلسطينية رغم كل الضغوط التي تمارس عليه من قبل الأميركيين والإسرائيليين. وقال القدومي في تصريحات صحافية بعمان: «يبدو لي في الأفق - وكما تسرب من معلومات عن إطار كيري - أن الأمر مرشح لمزيد من الضغوط على الرئيس عباس»، مضيفا أن «مشروع كيري لن يمر مدعوما بحقنا الفلسطيني الذي لن نتنازل عنه وبموقف القيادة الثابت المسلح».

وأشار قدومي إلى أن هناك محاولات من قبل الأميركيين لتمديد المفاوضات، وأنه يرى أنه «قد تكون هناك فائدة ما من التمديد، وهي إخراج المزيد من الأسرى والمعتقلين بخلاف الدفعة الرابعة المقررة أصلا، وفي مقدمتهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات، لأن ذلك سيخدم مصلحة الشعب الفلسطيني».

في غضون ذلك، هاجم وزراء إسرائيليون الرئيس الفلسطيني بشكل غير مسبوق على خلفية قرار الجامعة العربية عدم الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، في الوقت الذي تخيم فيه قضية إطلاق سراح أسرى فلسطينيين ومن الداخل، على مستقبل المفاوضات برمتها. وقال وزير الاقتصاد الإسرائيلي، نفتالي بينت: «أبو مازن نسخة متطرفة من الرئيس السوري بشار الأسد». وأضاف: «من دوننا لن يبقى أبو مازن على كرسيه دقيقة. إنه يحيا بفضل رماحنا، وبفضل الأموال الأميركية، إنه يعرف ذلك وعليه أن يتوقف عن تهديدنا وعلينا أن نتوقف عن إعطائه ما يريد».

وكان بينت يشير إلى توجه إسرائيلي بوقف إطلاق سراح دفعة رابعة من الأسرى مفترضة نهاية الشهر الحالي، وهو الأمر الذي رفضه الفلسطينيون وهددوا معه باللجوء إلى المؤسسات الدولية للانضمام إليها، ردا على الخطوة الإسرائيلية.

وانتهت أمس، جلسة لجنة الداخلية البرلمانية في الكنيست الإسرائيلي التي ناقشت المعايير الخاصة بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، بمشاركة ممثلين عن مصلحة السجون ووزارتي الأمن الداخلي والعدل، إضافة إلى ممثلي العائلات التي تضررت من «الانتفاضة» الفلسطينية، من دون أي نتيجة، على غير العادة.

ودعت رئيسة اللجنة ميري ريغف، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى عدم إطلاق سراح من وصفتهم بـ«مخربين قتلة». وقالت إنه «في حال اتخاذ قرار بذلك فإنه يجب أيضا الإفراج عن سجناء يهود أدينوا بقتل عرب على خلفية قومية متطرفة». وقال ممثلون عن وزارة الداخلية ومصلحة السجون الإسرائيلية، إنه لم يجر بعد وضع قائمة بأسماء الأسرى المنوي الإفراج عنهم.

وقالت مصادر إسرائيلية إنه حتى إذا قرر نتنياهو إطلاق سراح الأسرى، فإنه في نهاية المطاف، لن يفرج عن أسرى يحملون «جنسية إسرائيلية». ورفض عباس ذلك بشكل قاطع. وكان أبو مازن اتهم الحكومة الإسرائيلية بمحاولة التنصل من اتفاق يقضي بالإفراج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين.

واتهم مصدر سياسي إسرائيلي رفيع، عباس بأنه لا ينوي الاستمرار في المفاوضات مع إسرائيل؛ بل يخطط لتفجيرها لأسباب فلسطينية داخلية، وليس بسبب الصعوبات والعقبات التي ظهرت خلال مسيرة المفاوضات. وقال المصدر إن أبو مازن اختار أن يظهر مواقف متشددة تجاه إسرائيل بهدف الحفاظ على موقعه في السلطة الفلسطينية وداخل حركة فتح في مواجهة أصوات التحدي الصادرة عن القيادي المفصول من فتح محمد دحلان وبسبب حصول دحلان على دعم عربي من دول يفترض أنها متحالفة مع عباس.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس، إن الولايات المتحدة تسعى للتوصل إلى صفقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتقضي بتمديد المفاوضات حتى نهاية عام 2014. وتحرير الدفعة الرابعة من الأسرى بمن فيهم أسرى الـ48، مقابل إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد من سجن أميركي.

وذكرت الإذاعة أن العرض الأميركي جاء بعد أن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كيري، أنه لا يعتزم الالتزام بتعهده لتحرير الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، إذا ما انتهت المفاوضات نهاية شهر أبريل (نيسان) المقبل. وأبلغ نتنياهو كيري: «حتى لو وافق أبو مازن على تمديد المفاوضات، فإنه سيكون من الصعب على إسرائيل أن تطلق أسرى يحملون جنسية إسرائيلية، بسبب معارضة عدد كبير من الوزراء الكبار».

وردت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي، على هذه الأنباء، قائلة إنه «لا يوجد حاليا أي خطط لإطلاقه (بولارد)».

وتقول مصادر إسرائيلية إن إطلاق سراح بولارد يمكنه أن يخلط الأوراق، إذ يؤمن نتنياهو بأنه سيستطيع تجنيد الدعم الضروري في حكومته لإنجاز هذه الخطوة الصعبة مقابل إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي. ومن المتوقع أن يحظى نتنياهو كذلك بدعم جماهيري لتنازلات للجانب الفلسطيني في حال جرى الإفراج عن بولارد.