أكثر من 600 عائلة أرمنية نزحت من كسب بعد سيطرة كتائب إسلامية عليها

النظام استهدف كنيسة المدينة.. والمعارضة سعت إلى طمأنتهم

مبان دمرتها قوات النظام السوري بمدينة كسب أمس (رويترز)
TT

تواصل العائلات الأرمينية التي تقطن في كسب بريف اللاذقية ومحيطها، النزوح باتجاه مناطق أكثر أمنا، بعد سيطرة كتائب المعارضة الإسلامية على المدينة المحاذية للحدود التركية عقب معارك شرسة ضد القوات النظامية.

ورغم أن المعارضة سعت إلى طمأنة السكان المدنيين في المناطق التي تقتحمها عبر التعهد بعد التعرض لهم، إلا أن تلك التطمينات لم تلق استجابة لدى السكان الأرمن، الذي فروا خارج مدينتهم قبل دخول كتائب المعارضة الإسلامية إليها خوفا من عمليات انتقامية ترتكب ضدهم.

ويشكل الأرمن النسيج السكاني الأبرز في مدينة كسب يتوزع عملهم بين الزراعة والخدمات السياحية. ويقدر ناشطون معارضون «عدد العائلات الأرمينية الهاربة من كسب بنحو 600 بينهم الكثير من الأطفال والنساء».

وأشارت وكالة (أخبار أ - م) الأرمينية إلى أن «بلدة كسب السورية الحدودية وذات الأغلبية الأرمينية قد أفرغت تماما من سكانها بعد أن تعرضت لهجمات من قبل مجموعات مسلحة دخلت المنطقة عبر الحدود التركية بغية السيطرة على بعض النقاط التي تراها المعارضة استراتيجية». كما أوضحت صحيفة «هوريزون» الأرمينية أن «670 عائلة أرمينية، أي ما يعادل تقريبا غالبية سكان بلدة كسب، قد أخلوا مدينتهم متجهين إلى الجبال المحيطة، مشيرة إلى أنهم «يصلون تباعا إلى مدن اللاذقية ورأس البسيط وغيرها من المدن الساحلية».

وفي حين أعرب الرئيس الأرميني سيرج سركسيان الموجود حاليا في هولندا بزيارة عمل، عن قلقه بسبب الأحداث الحالية في كسب. وأعاد الرئيس للأذهان أن «سكان كسب الأرمن جرى تهجيرهم من الدولة العثمانية مرتين، الأولى عام 1909 والثانية عام 1915، مشيرا إلى تصرفات الجيش التركي آنذاك، معربا عن شكره للسلطات السورية لجهودها في حماية أرمن كسب.

أدان نواب في البرلمان الأرميني ما سموه «خرق جماعي لحقوق الإنسان في كسب»، وقالوا في بيان: «إننا ندين بشكل صارم تصرفات القوات المسلحة التركية التي تعتبر في جوهرها تحديا جديدا لعمليات الإبادة الجماعية السابقة بحق الجالية الأرمينية في الشرق الأوسط».

ونشرت مواقع إخبارية أرمينية صورا تظهر نزوح عدد من الأسر الأرمينية من مدينة كسب في ريف الساحل. كما أشارت هذه المواقع إلى أن «الرئيس السوري بشار الأسد قد أوعز إلى سفير سوريا لدى لبنان علي عبد الكريم بزيارة مقر بطريركية الأرمن لبيت كيليكيا لطمأنة كاثيليكوس عموم الأرمن لبيت كيليكيا آرام الأول كيشيشيان على أن «الحكومة السورية ستفعل كل ما بوسعها لاستعادة الأمن والاستقرار في بلدة كسب ذات الأهمية التاريخية بالنسبة للأرمن».

لكن المعارض الأرميني بهنان يامين، أشار إلى أن «سبب زيارة سفير سوريا إلى بطريركية الأرمن هو الطلب من القيادات الدينية الأرمينية تجنيد شباب أرميني للقتال في كسب كونها أرمينية بجانب القوات النظامية». وطالب يامين عبر صفحته على موقع «فيسبوك» من «القيادات الأرمينية عدم الانجرار وراء هذه الدعوات».

في المقابل، نفى وزير الطاقة والمياه اللبناني أرتور ناظاريان أن يكون السفير السوري عبد الكريم علي قد تطرق إلى موضوع إرسال عناصر أرمينية لتقاتل في سوريا بحجة حماية القرى والبلدات الأرمينية، خلال لقائه الكاثيليكوس الأرميني في مقر البطريركية الأرمينية في لبنان».

ووصف الوزير الذي يتحدر من أصول أرمينية في تصريحات إعلامية هذه الأخبار بـ«الملفقة التي تبقى في إطار الدس الإعلامي ولا علاقة لها بهذا الموضوع جملة وتفصيلا».

وكان لافتا إلى أن القوات النظامية استهدفت خلال قصفها مدينة كسب قبل يومين كنيسة الأرمن، مما استدعى إدانة من «الائتلاف الوطني المعارض»، حيث حمل أمينه العام المعارض، بدر جاموس «القوات النظامية المسؤولية كاملة عن استهداف دور العبادة في كسب وغيرها من المدن السورية»، مشيرا إلى أن ذلك الاستهداف يأتي في سياق «سياسته (سياسة النظام) الممنهجة في استهداف المدنيين والأماكن المقدسة، انتقاما من انتصارات الثوار على الأرض»، وفق تعبيره.

يذكر أن كسب بلدة حدودية تقع على سفوح جبل الأقرع، تبعد 65 كلم عن محافظة اللاذقية وثلاثة كلم عن الحدود التركية، يقطنها كثير من الأرمن. وهي بلدة أرمينية تاريخيا، حيث كانت تقع في مملكة كيليكيا. ويفخر الأرمن في سوريا بأن لهم الفضل في منع السلطات الفرنسية من ضم مدينة كسب إلى الجمهورية التركية الحديثة.

وتمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على كسب ضمن معركة «الأنفال» التي أعلنوها مطلع الأسبوع الحالي. وبث على موقع «يوتيوب» مقاطع فيديو تظهر مقاتلين إسلاميين في ساحة المدينة، كما تظهر المقاطع تمثالا للرئيس الراحل حافظ الأسد وقد جرى تحطيمه من قبل المعارضين.