الساعدي القذافي في أول ظهور إعلامي: أطلب العفو وأعتذر للشعب والدولة

النائب العام الليبي يأمر بالإفراج عن أفراد طاقم ناقلة النفط الكورية «مورنينغ غلوري»

الساعدي في تسجيل مصور بثته قناة ليبيا الرسمية مساء أول أمس
TT

في أول ظهور متلفز منذ تسليم النيجر له، طلب الساعدي نجل العقيد الراحل معمر القذافي من الشعب والسلطات في ليبيا «العفو والصفح الجميل»، وقدّم اعتذارا نادرا عما قام به من «أعمال خاطئة في الماضي».

وأضاف الساعدي في تسجيل مصور بثته قناة ليبيا الرسمية، مساء أول من أمس: «أنا أعتذر إلى الشعب الليبي وللإخوة الكرام في الدولة الليبية على ما قمت به من قلاقل وزعزعة للاستقرار والأمن في ليبيا، وما كان لي القيام بهذه الأعمال؛ وكان الأجدى مساعدتهم».

ودعا الساعدي الذي ظهر مرتديا ملابس السجن الزرقاء وجالسا أمام أحد المكاتب من مقر سجنه بمعتقل الهضبة بطرابلس، كل الناس الذين يحملون السلاح إلى نزعه، وعدّ أنه «لا يجب أن يحمل السلاح في ليبيا إلا الدولة»، وأن يلجأوا إلى الصلح.

وتابع: «بهذه المناسبة، أتقدم للإخوة في الحكومة الليبية والمؤتمر الوطني بالعفو والصفح الجميل عن هذه الأعمال الخاطئة.. وأتوب إلى الله عنها».

وطمأن أهله وأسرته بأنه في صحة جيدة ويتلقى معاملة وصفها بأنها «حسنة»، مضيفا: «الطعام موجود والرعاية الصحية متوافرة على مدى 24 ساعة، ولم أكن أتوقع أن أجد هذه المعاملة.. الأمور والمعاملة جيدة والإجراءات غير متوقعة».

ونفى تعرضه للتعذيب، وحرك يديه وكتفيه في دلالة على ذلك، كما حرص على ذكر توقيت تسجيل حديثه، والإشارة إلى أنه يتكلم بالفعل من داخل السجن.

لكن مصادر في المعارضة الليبية قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «نجل القذافي كان يسعى فقط عبر هذا التسجيل، الذي أدلى به مضطرا، إلى إرضاء حراسه وإدارة السجن»، مشيرة إلى أن الطريقة التي جرى بها إخراج هذه اللقطات المصورة تكشف عما وصفته بـ«تعرضه لمساومات».

وقالت مؤسسة الإصلاح والتأهيل (سجن الهضبة) المعتقل فيه نجل القذافي، إن «بث هذا التسجيل يأتي تفنيدا للشائعات حول انتهاكات حقوقية، بناء على إذن من مكتب النائب العام»، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها كاملا في مقاضاة كل من اتهمها زورا وبهتانا.

وكانت القناة وإدارة السجن يردون بهذا التسجيل الذي دام بضع دقائق، على تصريحات أدلى بها قبل يومين علي زيدان رئيس الوزراء الليبي المقال لصحيفة «تايمز» البريطانية، عن تعرض الساعدي للتعذيب والإساءة أثناء احتجازه بعد تسلمه من النيجر.

وقال زيدان إن «نجل القذافي تعرض للضرب وأشكال مختلفة من التعذيب»، معربا عن أسفه الشديد لما تعرض من سوء المعاملة على يد الميليشيات.

وكانت السلطات الليبية قد تراجعت، الأسبوع الماضي، عن بث ما وصفته باعترافات تلفزيونية خطيرة للساعدي، تتضمن عدة مسائل شائكة وتمس بالأمن القومي الليبي.

وكانت قناة «ليبيا الرسمية» الفضائية المملوكة للحكومة الليبية قد أعلنت أنها ستبث ما سمته «اعترافات خطيرة جدا» لنجل القذافي من محبسه بسجن الهضبة في العاصمة الليبية، يكشف فيها كثيرا من الأسرار غير المسبوقة. لكنها تراجعت بسبب ما قالت إنها اتصالات عديدة من منظمات حقوقية ومسؤولين رسميين اعترض على بث هذه الاعترافات.

وسلمت النيجر الساعدي، وهو الثالث في ترتيب أبناء القذافي، مطلع الشهر الحالي، حيث طلب اللجوء بعد الانتفاضة المسلحة عام 2011 ضد والده. ومن المقرر أن يحاكم، الشهر المقبل، بناء على مزاعم بإصداره أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين خلال ثورة 17 فبراير.

إلى ذلك، أعلنت السلطات الليبية أن ناقلة النفط الكورية «مورنينغ غلوري»، التي تسيطر عليها السلطات القضائية الليبية، قد رست، في ساعة متأخرة مساء أول من أمس، بميناء الخمس البحري، تمهيدا لانتقالها لاحقا إلى مصفاة الزاوية. وقال ميرزا نعمان بيج القبطان الباكستاني للناقلة، إنه «علم بوقوعه في ورطة عندما اعتلى عشرات المقاتلين المسلحين ببنادق سطح الناقلة قبالة ميناء يسيطر عليه المحتجون».

وأضاف أن «المحتجين في شرق ليبيا المضطرب أجبروا أفراد الطاقم على تحميل النفط على الناقلة، وطلبوا منهم الهروب من البحرية الليبية قبل أن تعتليها قوات خاصة أميركية قبالة قبرص في 16 مارس (آذار) الحالي».

وقال بيج لوكالة «رويترز»، في أول مقابلة له، منذ أن رست ناقلته في ميناء السدرة، وهو أحد ثلاثة مرافئ لتصدير النفط يسيطر عليها مسلحون مناهضون للحكومة، إن الشركة المالكة للناقلة التي تغيرت، الشهر الماضي، طلبت منه تحميل نفط من ليبيا، بعد أن عبرت قناة السويس دون إبلاغه بأن وجهته هي ميناء يسيطر عليه المحتجون. وقال: «جرفتنا المياه لمسافة 30 ميلا (عن الساحل)، وصعد قائد الزورق المرافق الناقلة واعتلاها أفراد الأمن»، وتابع: «لم نستطع أن نفعل شيئا، فقد كانت لديهم أسلحة»، مضيفا، وهو يقف أمام زنزانة صغيرة يحتجز فيها مع خمسة آخرين من أفراد الطاقم نائمين على أسرة بطابقين «المالك طلب مني (الذهاب إلى ليبيا) فقط؛ لكنه لم يخبرني بالوضع، وما إذا كان هذا هو الجزء الأوسط (من ليبيا) أم لا.. لا أعرف ما هو الوضع في تلك المنطقة».

وأضاف أن نحو 35 مسلحا اعتلوا الناقلة عند رسوها في الميناء.. ونفى المحتجون أنهم أجبروا أفراد الطاقم على تحميل الناقلة تحت تهديد السلاح. وقال بيج إنه عندما سأل الميليشيا أو الشركة المالكة عن الوجهة التي تتجه إليها الناقلة، «قالوا إنهم سيخبروننا في وقت لاحق».

وقال بيج إن مالك السفينة ظل يقول إنه سيجري ترتيب البيع النهائي للنفط، لكن القبطان أضاف: «أبلغتهم أنني غير معني بالأمر، أريد أن أعود وأفراد طاقمي لبلداننا.. لا نريد شيئا، لا نريد أي نفط.. أنتم ورطتمونا في هذا الأمر».

وأمر النائب العام الليبي بالإفراج عن أفراد الطاقم، وعددهم 21، من باكستان والهند وإريتريا وسريلانكا وسوريا وبلدان أخرى، لكنهم لا يزالون محتجزين في ليبيا.

وفي سياق موازٍ، أعلن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) أنه سيصوت في جلسة سيعقدها غدا (الأحد)، بالعاصمة الليبية طرابلس، على قانون انتخاب مجلس النواب الذي أعدته لجنة فبراير.

وقال المؤتمر في بيان مقتضب بثه موقعه الإلكتروني على شبكات التواصل الاجتماعي، إن «رئاسة المؤتمر تسلمت مقترح القانون من اللجنة تمهيدا للتصويت عليه».

لكن الدكتورة عزة المقهور عضو لجنة فبراير أعلنت، أمس، انسحابها من اللجنة، في رسالة وجهتها عبر صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إلى الكوني علي رئيس لجنة إعداد مقترح بتعديل الإعلان الدستوري ومقترح قانون انتخابات عامة.

وعدت موقف المؤتمر تراجعا عن اتجاهه الأول الذي شكلته اللجنة وقدمت المقترح على أساسه، موضحة أن الانتخابات المقبلة لن تكون في حقيقتها انتخابا لمجلس النواب باعتباره سلطة تشريعية، ولكن ستكون انتخابا لمؤتمر وطني عام جديد بالعيوب القائمة ذاتها، بما في ذلك التداخل ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.