تسجيل جديد منسوب لـ«مناقشات حول سوريا» عشية الانتخابات البلدية التركية

مستشار إردوغان لـ «الشرق الأوسط» : التسريبات لن تسقطه

TT

تفتتح في السابعة من صباح غد صناديق الاقتراع التركية لإجراء ما يشبه الاستفتاء على شعبية رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد منذ 12 سنة.

ورغم أن هذه الانتخابات هي انتخابات محلية تهدف إلى اختيار أعضاء المجالس البلدية، فإنها تكتسب أهمية كبرى مع تزايد الحملات التي تشن على إردوغان والفضائح المالية والسياسية التي أحاطت بصورته خلال عشرة أشهر، والتي بدأت مع أحداث حديقة جيزي والمظاهرات التي عمت البلاد بعدها لنحو شهر، ثم قيام الشرطة في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعمليات دهم وتوقيفات طالت أبناء وزراء ومسؤولين مقربين منه، وصولا إلى تناول اسم ابنه بلال، ونشر أول من أمس على شبكة الإنترنت تسجيل صوتي لرئيس المخابرات التركية وهو يناقش تدخلا عسكريا محتملا في سوريا مع قادة عسكريين ومسؤولين مدنيين.

ويبرز هذا الاختراق حقيقة مزعجة لرئيس الوزراء رجب طيب إردوغان وهي أنه لم يعد في مقدور تركيا الحفاظ على سرية تخطيط أمني على أعلى مستوى رغم عزله آلاف المسؤولين لاجتثاث شبكة سرية من الأعداء الذين يتهمهم بالسعي لتخريب الدولة والإطاحة به.

وقال مسؤول حكومي كبير طلب عدم نشر اسمه: «هذه الأزمة واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ تركيا، بالتأكيد ظهر مبعث خوف كبير يتعلق بما سيحدث بعد ذلك. إذا كان قد جرى التنصت على اجتماع من هذا النوع فربما التنصت على غيره. لا نعلم من يحوز هذه التسجيلات».

وسعى إردوغان خلال الأيام الماضية إلى ضبط هذه التسريبات، ومنع تأثيرها على الجمهور من خلال حظر الحكومة التركية موقعي «تويتر» و«يوتيوب»، لكن عملية التسريب الأخيرة قد تأتي بنتائج عكسية لصالح إردوغان، إذ إنها تعود إلى اجتماعات أمنية عالية المستوى حول سوريا، وقد تدفع الرأي العام إلى التعاطف مع إردوغان.

ويقول مستشار الرئيس التركي طه كينتش لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التسريبات لن تؤثر على شعبية إردوغان وجمهوره الذي يثق به. ويضيف: «سربت المعارضة والجماعة أنه سوف يصدر تسجيل فيديو جديد للرئيس إردوغان، وأن هذا الشريط سوف يجعل إردوغان يهرب إلى خارج البلاد، لكن هذه التهديدات لم تنفذ، والرئيس إردوغان تحداهم أن يقدموا أي شيء تحت أيديهم. أما موضوع (تويتر)، فليس من الممكن إقامة حظر شامل لوسائل التواصل الاجتماعي، لكن موضوع (تويتر) حصل لأن الموقع لم يرد على أي من المطالب التركية بحذف بعض المقاطع المسيئة، كما فعل سابقا، بناء على طلب دول أخرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة».

وقد بدأت السلطات التركية مطاردة المسؤولين عن «تسريب» نشر على «يوتيوب» وأثار ضجة لأنه نقل حديثا جرى خلال اجتماع أمني حساس حول سوريا، فيما عُدَّ «مؤامرة سياسية» عشية الانتخابات البلدية. ونشر تسجيل الخميس على موقع «يوتيوب» لأحاديث مفترضة لكبار مسؤولي الخارجية والأمن في تركيا. وبعد فتح تحقيق قضائي توعد وزير الخارجية أحمد داود أوغلو الذي نسب إليه بعض ما جاء في التسريب بأنه سيفعل كل ما ينبغي لتحديد مصدر ما عد «تعديا» على «الأمن القومي».

وأفادت الصحافة التركية بأن الاجتماع السري عقد في 13 مارس (آذار) في وزارة الخارجية بحضور رئيس جهاز الاستخبارات حقان فيدان ووزير الخارجية ونائبه فريدون شنرلي أوغلو وضابط رفيع. وأكد الرئيس عبد الله غول «أنه عمل تجسس يهدد أمن الدولة. سنفعل كل ما يلزم للكشف عن المسؤولين عن ذلك». فيما قال داود أوغلو: «كانت غرفة ثبتت فيها أجهزة تشويش للبث. بالتالي فإن هذه القرصنة المعلوماتية في أثناء اجتماع تناقش فيه عمليات عسكرية لا يمكن اعتباره سوى هجوم عسكري». وتوعد عبر التلفزيون بأن «كل شيء سيخضع للتفتيش والجميع سيخضع للاستجواب»، موضحا أن وزارته تخضع لتفتيش دقيق بحثا عن ميكروفونات قد تكون مزروعة فيها.

وفي هذا التسجيل، يناقش المسؤولون الأربعة وبينهم داود أوغلو ورئيس الاستخبارات التركية هاكان فيدان سيناريو لتنفيذ عملية سرية ترمي إلى تبرير تدخل عسكري تركي في سوريا. وفي التسجيل يسمع صوت منسوب إلى رئيس الاستخبارات فيدان يتحدث فيه عن إرسال «أربعة رجال (إلى سوريا) لإطلاق ثمانية صواريخ على أرض خلاء» داخل تركيا. ويضيف: «إذا لزم الأمر، يمكن أن نشن هجوما. هذه ليست مشكلة، يمكن اختراع تبرير لذلك». ويقول صوت نسب إلى وزير الخارجية في التسجيل: «بيني وبينك، رئيس الوزراء قال عبر الهاتف إنه يمكن كذلك استخدام هذا (الهجوم) إذا لزم الأمر في هذه الأجواء». ولم تنف وزارة الخارجية انعقاد الاجتماع لكنها قالت إن جزءا من النص «جرى التلاعب به».

واتهم داود أوغلو أمس جماعة الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة بالمسؤولية عن التسريب الجديد. وقال: «سنتخذ إجراءات ضد الذين يريدون إغراق تركيا في الفوضى لأغراض سياسية»، مؤكدا أنه «قبل أيام من الانتخابات الجميع يفهم جيدا من يقف وراء ذلك».

وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان اضطر أمس إلى تعليق حملته للانتخابات البلدية التي تنظم غدا والمهمة بالنسبة لحزبه بسبب فقدان صوته بالكامل على ما أعلن مكتبه. وألغى إردوغان مشاركته في لقاءين عامين لحزبه، العدالة والتنمية، في قونيا وقيصري (وسط) حيث ناب عنه وزراء. وهو كان ألقى الخميس كلمتين في فان ثم دياربكر بصوت رفيع مبحوح، فاجأ الحضور المعتاد على صوته الجهور.