حادثة جديدة توترالعلاقات الفرنسية ـ المغربية

فرنسا تعتذر عن تعرض وزير خارجية المغرب لمعاملة سيئة في مطار شارل ديغول بباريس

TT

غيمة جديدة جاءت لتزيد الجو اكفهرارا بين باريس والرباط وهما العاصمتان اللتان تجمعهما مبدئيا علاقات استثنائية وشراكة مميزة.

الجديد هو ما حصل لوزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار خلال مروره «ترانزيت» يوم الأربعاء الماضي في مطار رواسي - شارل ديغول الدولي، الواقع شمال العاصمة الفرنسية في طريق عودته من لاهاي إلى الرباط، حيث مثل بلاده في قمة الأمن النووي التي استضافتها العاصمة «الإدارية» لهولندا؛ فقد أخضع الوزير المغربي، وفق المعلومات التي نقلتها الصحافة المغربية، للتفتيش وطلب منه خلع سترته وحذائه وحزامه رغم إبرازه جواز سفره الدبلوماسي والتعريف عن نفسه بأنه وزير خارجية المغرب. ولم يبق الوزير المغربي سوى ساعة واحدة في المطار غادر بعدها عائدا إلى بلاده.

وسارعت الصحافة المغربية إلى الحديث عن «إهانة جديدة» للمغرب بسبب المعاملة التي تعرض لها الوزير مزوار فيما لم يكن قد صدر رد فعل رسمي مغربي بصددها.

وتقول المعاهدات الدولية والأعراف إن وزراء الخارجية كما رؤساء الدول لا يخضعون للتفتيش في أي من المطارات. والمشكلة في موضوع حادثة مزوار أنها تأتي في ظل أجواء متوترة بين باريس والرباط بسبب حادثة وقعت قبل نحو شهر عندما وصل رجال أمن فرنسيون إلى منزل السفير المغربي في باريس لتوجيه استدعاء لمسؤول جهاز المخابرات المغربية عبد اللطيف الحموشي بعد صدور مذكرة عن أحد القضاة الفرنسيين عقب تقديم شكوى ضده تزعم مشاركته في التعذيب. وأرخت هذه الحادثة ظلالها على العلاقات الثنائية التي ما زالت تتسم بالتوتر رغم محاولات أركان الدولة الفرنسية بدءا بالرئيس فرنسوا هولاند، رأب الصدع. ورد المغرب الذي أعرب عن «استغرابه» للحادثة بوقف التعاون القضائي بينه وبين فرنسا. ومنذ تلك الفترة، قام وزيران فرنسيان هما وزير المدينة ووزير الاقتصاد الاجتماعي بزيارة الرباط، لكن التوتر لم يزُل تماما.

وسارع وزير الخارجية لوران فابيوس، بحسب ما جاء في المؤتمر الصحافي للناطق باسم الوزارة أمس، إلى الاتصال بنظيره المغربي و«لتقديم اعتذار السلطات الفرنسية إليه بسبب المضايقة التي تعرض لها». كذلك عمد الوزير الفرنسي إلى الطلب «فورا» من الأجهزة المختصة في وزارة الداخلية ومن سلطات مطار رواسي - شارل ديغول أن «تقوم بكل ما يتوجب من أجل الالتزام بشكل كامل في المطارات الفرنسية، بالقواعد والتقاليد المعمول بها في المطار التي تطبق على وزراء الخارجية كما على رؤساء الدول والحكومات الأجنبية». وأكد رومان نادال أن فرنسا والمغرب تربطهما «شراكة استثنائية» وأن العلاقات الثنائية «لم تضعف بسبب الأحداث الأخيرة». وأضاف الناطق باسم الخارجية أن باريس «مستمرة في حوارها الوثيق مع السلطات المغربية من أجل العودة بالتعاون الفرنسي - المغربي لسابق عهده وذلك بروح تتسم بالصداقة».

من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن وزارة الخارجية المغربية استدعت الرجل الثاني في السفارة المغربية في باريس والموظف المسؤول عن البروتوكول في السفارة، إلى الرباط للتحقيق في خلفيات الحادث وما إذا كان هناك تقصير منهما أدى إلى حدوث ما تعرض له الوزير مزوار.

وتجدر الإشارة إلى أن الجهود الفرنسية لم تسفر بعد عن تبديد سوء التفاهم بين العاصمتين وخصوصا إعادة تفعيل التعاون القضائي.

ويرتبط البلدان عادة بعلاقات صداقة وثيقة سياسيا واقتصاديا وتجاريا وإنسانيا وتتميز عادة بالثبات بعكس العلاقات الفرنسية - الجزائرية التي تعرف الصعود والهبوط. لكن الرباط «حساسة» لكل ما يصدر عن فرنسا. وعندما قرر الرئيس هولاند زيارة الجزائر كأول بلد مغاربي يتوجه إليه بعد انتخابه رئيسا للجمهورية في ربيع عام 2012، أرسل رئيس حكومته إلى الرباط كـ«ترضية» للمغرب ثم قام في العام التالي بزيارة دولة إلى المغرب. وكان العاهل المغربي أول زعيم عربي يزور باريس لتهنئته بوصوله إلى قصر الإليزيه.

وردت الرباط في 25 الجاري، في شخص وزير داخليتها محمد حصاد على الدعوى القضائية المقامة ضد الحموشي بتقديم شكوى ضد المدعين على المسؤول الأمني المغربي أمام إحدى المحاكم في العاصمة الفرنسية ما يدخل الخلاف الذي كان سياسيا في دائرة القضاء.