استهداف عناصر الأمن يثير الخوف في طرابلس وتأكيد رسمي على تنفيذ «خطة شاملة»

سليمان يدعو إلى عدم التهاون.. وعلوش لا يستبعد أن يكون الفاعلون من المتطرفين

TT

قتل أمس في طرابلس عنصر في قوى الأمن الداخلي يدعى بطرس بياع، برصاص مجهولين في حادثة هي الثالثة من نوعها خلال يومين في عاصمة الشمال، بعدما كان قد قتل بالطريقة نفسها أول من أمس المؤهل في الجيش فادي جبيلي فيما نجا العريف في قوى الأمن الداخلي سامر دندشي، من إطلاق النار عليه أيضا في طرابلس.

وأتى مقتل بياع بعد يوم واحد من اتخاذ الحكومة اللبنانية قرارا بتنفيذ خطة أمنية وتوقيف المطلوبين وتنفيذ الاستنابات القضائية في المدينة التي شهدت 20 جولة عنف واشتباكات بين منطقتي جبل محسن (ذات الغالبية الشيعية) المؤيدة للنظام السوري، وباب التبانة (ذات الغالبية السنية) الداعمة للمعارضة، كان آخرها قبل أسبوع انتهت بسقوط 28 قتيلا ونحو 150 جريحا.

وفي حين ينتظر أبناء طرابلس بدء تنفيذ الخطة علها تسهم في عودة الهدوء الأمني والاقتصادي، أثار استهداف عناصر القوى الأمنية الريبة والخوف في المدينة التي أصبح أبناؤها المنتسبون إلى هذه الأجهزة يتخوفون من التنقل في منطقتهم إلا ضمن مجموعة أو بأمر مهمة، وفق ما قال مصدر في طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، بينما أشارت مصادر أمنية إلى أن الخطة التي اتخذ قرار بشأنها هي سرية بما في ذلك، توقيت بدئها، مؤكدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك غطاء سياسيا لها وللقوى الأمنية والقانون سيطبق على الجميع من دون استثناء.

وفي حين نفذ الجيش اللبناني أمس مداهمات في منطقة أبي سمراء بطرابلس بحثا عن المتورطين بقتل العنصر في قوى الأمن الداخلي بطرس البياع، أفاد مصدر أمني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بأن «مسلحين اثنين على دراجة نارية أقدما على إطلاق النار من رشاشين حربيين على سيارة من نوع (رانغ روفر) يقودها العنصر في قوى الأمن الداخلي بطرس البياع، من منطقة زغرتا، شمال لبنان، أثناء مروره في منطقة القبة في طرابلس، ما تسبب بمقتله». وأوضح المصدر أن المسلحين أطلقا 18 رصاصة على السيارة التي سقطت بعد مقتل سائقها في مجرى نهر أبو علي المحاذي للطريق، وحضرت قوة من الجيش إلى المكان وانتشلت الجثة.

وفي متابعته لهذه الأحداث رأى الرئيس اللبناني ميشال سليمان، أن «كل العمليات الإرهابية التي تطاول عناصر الجيش والقوى الأمنية، لن تمنع هذه القوى من تنفيذ قرار مجلس الوزراء بالحفاظ على الأمن والاستقرار، مهما بلغت التضحيات».

ونوه سليمان بما تقوم به القوى العسكرية والأمنية «في ملاحقة هذه الظواهر الإرهابية، وآخرها أول من أمس مطاردة المطلوب بارتكابه أعمالا إرهابية سامي الأطرش والذي قتل بعد إطلاقه النار على عناصر الجيش التي دهمت مخبأه لاعتقاله».

ودعا سليمان هذه القوى إلى «مواصلة خطواتها وإجراءاتها، وعدم التهاون مع الإرهابيين والمجرمين، مهما بلغت التضحيات، من أجل حفظ السلم الأهلي والأمن، وقطع الطريق على من تسول له نفسه جعل الوطن ساحة رهينة لحسابات إرهابية وإجرامية».

وفي إطار الخطة الأمنية المتوقع تنفيذها في طرابلس، أمل القيادي في «تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، أن تنجح القوى الأمنية في تنفيذ مهامها، قائلا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «رغم ترحيبنا بكل المبادرات، لكن تجاربنا السابقة في التنفيذ وما تبعها من معالجات أكدت أن المشكلات عقيمة، وبالتالي ليس علينا إلا انتظار الأيام المقبلة لنرى ماذا سيحصل».

ورأى علوش أن الاحتمالات مفتوحة بشأن استهداف عناصر قوى الأمن من خلال إطلاق الرصاص عليهم، وأوضح أنه في الجولتين الأخيرتين من المعارك في طرابلس دخل على خط القتال عناصر من مجموعات فوضوية ومتطرفة وكانت موجهة ضد الجيش اللبناني، كذلك، قد يكون هذا الاستهداف هو بهدف إفشال الخطة الأمنية قبل البدء بتنفيذها، مطالبا في الوقت عينه الأجهزة المعنية بالقيام بمهامها للكشف عن الفاعلين ومعاقبتهم ومنعهم من تنفيذ مخططهم.

من جهته، أمل النائب عن طرابلس، محمد كبارة، أن يكون الحل نهائيا في طرابلس هذه المرة «ولا نكمل في تعداد الجولات»، قائلا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «تلقينا وعودا جدية بتنفيذ الخطة الأمنية، وكنا قد أعلنا منذ البداية رفع الغطاء عن أي مخل بالأمن وطالبنا بأن تقوم القوى الأمنية بمهامها في طرابلس».

وطالب كبارة بتنفيذ مذكرة التوقيف بحق النائب السابق علي عيد على خلفية تهريبه متهمين بتفجيري مسجدي التقوى والسلام في شهر أغسطس (آب) الماضي، إضافة إلى أمين عام الحزب العربي الديمقراطي رفعت عيد الذي كان يقف دائما خلف انطلاق المعارك في طرابلس، إضافة إلى باقي المجموعات المسلحة في جبل محسن، عادا عدم تنفيذها في جبل محسن إشارة واضحة إلى فشلها منذ البداية.

وكان الجيش اللبناني قام أمس بعملية دهم لمخزن للأسلحة في بلدة عيدمون بعكار، شمال لبنان، وفق ما أعلنت قيادة الجيش، مشيرة في بيان لها أنها عثرت في المخزن على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر بالإضافة إلى كمية من الذخائر والأعتدة العسكرية المختلفة، ومواد تستعمل لتصنيع المتفجرات، مخبأة في مخرطة عائدة للمدعو إبراهيم عارف مقصود، وقد تولت الشرطة العسكرية التحقيق في الموضوع بإشراف القضاء المختص.