خطة طرابلس الأمنية تنطلق.. ودعوات لمسلحيها بتسليم أنفسهم أو مواجهة الاعتقال

أنباء عن فرار رفعت عيد ونجله.. ووزير العدل يؤكد أن كل القوى السياسية «رفعت الغطاء»

TT

بدت كل الأطراف المعنية بالصراع في مدينة طرابلس اللبنانية في شبه اقتناع بأن الخطة الأمنية التي أعلن عن دخولها حيز التنفيذ، أمس، جدية هذه المرة، ولا مجال للتراجع عنها، وأن القرار اتخذ وعليهم أن يتدبروا أمرهم من دون أن يدخلوا المدينة في حمام دماء لا طائل منه.

ويأتي تنفيذ الخطة الأمنية إثر اندلاع جولة جديدة من الاشتباكات على خلفية الأزمة السورية بين منطقتي جبل محسن، ذات الغالبية العلوية، وباب التبانة، ذات الغالبية السنية.

وكانت أنباء ترددت عن فرار علي عيد، رئيس «الحزب العربي الديمقراطي»، في جبل محسن، الصادرة بحقه مذكرة توقيف في تفجير مسجدي التقوى والسلام، العام الماضي، وكذلك نجله رفعت عيد من طرابلس إلى سوريا. وقال مصدر قريب من الحزب: «نحن لا ننفي ولا نؤكد، وليس لأحد مصلحة في الكلام. المطلوب في هذه اللحظة هو إنجاح الحل، وإفساح المجال لتطبيق الخطة الأمنية بسلام. وإذا كان غياب البعض مفيدا من أجل إنهاء هذه المأساة، فعلى الجميع التعاون».

وقال أحد مشايخ باب التبانة، رافضا الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نصحنا أولئك الذين يصرون على مواصلة القتال في باب التبانة، بأن يختفوا من المشهد كما فعل علي عيد وابنه رفعت في جبل محسن، تفاديا للاصطدام مع الجيش، ولتجنيب المدينة مواجهات هي بغنى عنها. وليفعلوا ما فعله الجانب الآخر». وكشف عن أن «الاتصالات لا تنقطع، والاجتماعات متواصلة، وقادة المحاور لم يستقروا على رأي واحد بعد. هناك من يعلن أنه مستعد لتسليم نفسه، ومنهم من يصر على الاستمرار في المواجهة، وكثيرون لا يرون غضاضة في أن يختفوا في الوقت الراهن، ويغادروا إلى مكان آخر». ويضيف الشيخ: «نحن لم نخفِ رأينا في أننا نتمنى ممن لا يريد تسليم نفسه أن لا يبقى في المدينة، ويعرض المنطقة لخطر كبير هي بغنى عنه».

وعلمت «الشرق الأوسط» أنه قد طلب من المسلحين في الجهتين أي باب التبانة وجبل محسن، إما تسليم أنفسهم أو أنهم سيتعرضون للمداهمات، والاعتقال، لأن الجيش ينوي الدخول إلى عمق الأحياء.

ويوضح الشيخ قائلا: «تسريب أسماء المطلوب اعتقالهم يعني أن هناك رغبة، بشكل أو بآخر، في أن ينسحبوا من أماكنهم، والأمر يتوقف عليهم إن كانوا يريدون الفرار أو يفضلون دخول معركة. والميل هو لتفادي المواجهات. هناك بعض الأسماء المطلوب القبض عليها لمتورطين فعلا، لكن هناك أسماء لا ناقة لها ولا جمل، والاتصالات مستمرة لشرح هذا الأمر للمعنيين، ولم يأتِ الجواب بعد».

وكان وزير العدل اللبناني أشرف ريفي قال أمس: «لا أملك معلومات عن مغادرة علي عيد وابنه لبنان، لكن على جميع الذين يمثلون المشهد التوتيري أن يخرجوا من طرابلس، لكي يعيش المدنيون سويا بشكل طبيعي مع بعضهم البعض»، وأضاف: «نحن أمام لحظة قد تكون مواتية للخروج من هذه الدوامة، فهدفنا ليس فقط إنهاء جولة معينة، خاصة أننا عشنا الجولة الـ20، وخسرنا شهداء ومئات الجرحى، إضافة إلى الدمار وتعطيل الدورة الاقتصادية والحياة الطبيعية. قد نكون الآن، ولأسباب دولية وإقليمية، أمام لحظة مواتية للخروج من الأزمة، ويجب أن نستفيد منها للعودة إلى الحياة الطبيعية، إضافة إلى أن هناك جهودا لبنانية للخروج من هذه الأزمة».

وأكد ريفي أن «كل القوى السياسية رفعت الغطاء جديا في طرابلس»، مؤكدا أننا «نضع كل جهودنا لتغطية هذه الخطة العسكرية التي اطلعنا على كل خطوطها العريضة، وتحوي توازنا ومساواة بين كل اللبنانيين».

ومع بدء تنفيذ الخطة الأمنية، أمس، ترأس مدير عام قوى الأمن الداخلي بالوكالة اللواء إبراهيم بصبوص اجتماعا أمنيا لضباط وقادة منطقة الشمال الإقليمية في سرايا طرابلس، بحضور قائد منطقة الشمال في قوى الأمن الداخلي العميد محمود عنان، وقائد سرية درك طرابلس العميد بسام الأيوبي، وكبار الضباط في الشمال.

وأطلع بصبوص القادة الأمنيين على الخطة التي أقرها المجلس الأعلى للدفاع، وبعد الاجتماع قال: «رفعنا نسبة الجهوزية في منطقة الشمال كلها، وعززنا قوى الأمن الداخلي بقوى إضافية، ووضعنا نوعا من الخطة بالتنسيق الكامل مع الجيش ستنفذ تباعا لكي تصبح الأوضاع أفضل».

وبدا نهار أمس هادئا ومتفائلا في طرابلس، نظم خلاله الطرابلسيون سباقا للدراجات الهوائية، حيث جابت المدينة بمشاركة وزير العدل ووزير الرياضة والشباب السابق فيصل كرامي، لكن النهار كان يمكن أن يتحول إلى يوم دامٍ، وذلك بعد العثور على عبوة معدة للتفجير، بزنة 15 كلغ قرب الملعب البلدي، الذي يتمركز فيه الجيش اللبناني. وزعت العبوة، التي فككتها قوات الأمن، على مقربة من عمارات سكنية، موصلة إلى الملعب، وبرمجت لتنفجر عند الساعة الخامسة عصرا.