إردوغان يواجه أحزاب المعارضة.. وسهامه نحو جماعة غولن

نائب من حزب العدالة والتنمية لـ «الشرق الأوسط» : سنفوز بـ16 مدينة كبرى من أصل 30

TT

احتكمت تركيا أمس إلى صناديق الاقتراع، التي ستحمل معالم مستقبل البلاد ورئيس حكومتها رجب طيب إردوغان. ورغم أنها مجرد انتخابات محلية، فإن الاستقطاب السياسي الحاد الذي يحكم البلاد منذ الصيف الماضي حولها إلى ما يشبه الاستفتاء.

وفيما تتركز المواجهة، نظريا، بين حزب العدالة والتنمية الحاكم، وبقية أحزاب المعارضة، فإن دخول جماعة الداعية الإسلامي فتح الله غولن على الخط من شأنه الإضرار بنسب الاقتراع لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي كان حليفا أساسيا للجماعة في الانتخابات السابقة منذ عام 2002.

وإذا كان الحزب الحاكم يعد أي نتيجة تتراوح بين 38 في المائة، وهي النسبة التي حصل عليها في الانتخابات المحلية السابقة، و50 في المائة وهي النسبة التي حصل عليها في الانتخابات النيابية، ستشكل نصرا له، تبقى الأنظار تتجه نحو الفارق الذي ستحدثه الجماعة، في ظل توقعات بفوز أكيد للحزب الحاكم برئاسة إردوغان الذي دعا أنصاره في آخر خطاب انتخابي ليل أول من أمس إلى توجيه «صفعة عثمانية» لخصومه الذين قال عنهم إنهم «كلهم خونة».

ويرى خصوم إردوغان، خصوصا الجماعة، أن الأخير سيستفيد من أي نتيجة إيجابية في هذه الانتخابات لـ«تبييض سجله وإعلان براءته من كل اتهامات الفساد التي وجهت إليه في أعقاب عملية 17 سبتمبر (أيلول) 2013 التي أوقف خلالها عدد من المقربين منه بتهم فساد، أو من التسريبات التي صدرت في الفترة التي سبقت الانتخابات وتوحي بتورطه شخصيا في بعض هذه القضايا».

وأكد النائب عن حزب العدالة والتنمية، برهان كايا ترك، لـ«الشرق الأوسط»، أن نتائج هذه الانتخابات «ستكون أفضل من الانتخابات الماضية»، مشددا على أن الأحداث التي حصلت في تركيا أخيرا لن تؤثر على النتائج؛ «لأنها ليست حقيقية بل هي مفتعلة وهدفها زعزعة الحزب والحكومة، وكلها مؤامرات والشعب يعي جيدا هذا».

وعما إذا كان إردوغان سيترشح لرئاسة البلاد وفقا لنتائج هذه الانتخابات، قال: «رئيس الوزراء لم يعلن بعد هذه النية وهو إذا أراد أن يترشح فمن الأكيد أنه سيتشاور مع أعضاء حزبه وسيأخذ بعين الاعتبار رأي الشارع التركي، ولا أعتقد أن برنامج إردوغان تغير فإن كانت له النية للترشح فسيترشح ولكن كما قلت يقوم دائما باستشارة الحزب».

وتوقع الفوز ببلديتي إسطنبول وأنقرة «رغم وجود تحالف غير معلن بين حزب الشعب والحركة القومية وجماعة غولن». وقال: «هم يعملون معا من أجل التنافس معنا ولكن لن يفوزوا علينا في الكثير من المدن، ونحن سنفوز بـ16 مدينة كبرى من بين 30 مدينة كبرى».

ويرى المحلل السياسي التركي برزان أسو، أن نوعا من «العسكرة» موجود لدى الطرفين «فحزب الشعب الجمهوري وجماعة فتح الله غولن، يحاولان إدارة كوادرهما من أجل جمع الأصوات لمصلحة حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول والكثير من المدن التركية التي تحتوي على ألوف البيوت التي تحتوي على الطلبة. إذا رجعنا إلى أصول المشكلة في تركيا بين جماعة غولن وحزب العدالة والتنمية، أي بين الجماعة وإردوغان كما تعرفون أنه كان بينهم تقاسم في السلطة لغاية 2010، وبعدها بدأت المشكلات».

ويرى أسو أن الجماعة ليست حركة تصوف. ويقول: «ظاهريا هي حركة تصوف لكن تاريخهم في تركيا غير ذلك، ففي سنة 1980 تحالفوا مع الجيش في انقلابه، وكذلك في سنة 1997 في انقلاب ما بعد الحداثة، وفي عام 2000 أيضا تحالفت مع الجيش (..) ضد الشارع، فهي براغماتية أكثر من أنها آيديولوجية أو حركة تصوفية. من ناحية أخرى تركيا هي دولة بيروقراطية، المتحكم في البيروقراطية في تركيا يتحكم في الدولة. الجماعة لا تريد أن تكون حكومة ولا في البرلمان أو في الوزارة، بل الاهتمام الأكبر عند الجماعة هو كيفية التحكم بالبيروقراطية التركية».

ويشير أسو إلى أنه «بعد أحداث حديقة جيزي في يونيو (حزيران) 2013، حيث اندلعت مظاهرات مناوئة لإردوغان لأكثر من شهر، اختلف الوضع وأصبح حزب العدالة والتنمية هو المستهدف الأول. وخرجت الجماعة من قوقعتها. اليوم عندما تسرب الجماعة أي وثيقة مرتبطة بالحكومة تنشر في جريدة (صول) اليسارية التي هي على عداء مع الجماعة. وكذلك الصحف التابعة لحزب الشعب الجمهوري وأيضا في الصحف القومية».

وإذ أشار أسو إلى أن هذه الحرب سوف تكون «عنيفة جدا»، توقع أن يفوز بها إردوغان، لكنه أشار في المقابل إلى «نقص في الشرعية» عند إردوغان سببه تكبيله القضاء والشرطة «فكل القرارات أصبحت قرارات فردية وأصبحت معظم القرارات مختصرة على شخصية إردوغان فقط». ويضيف: «هذه المرة حتى إذا حصل إردوغان على 50 في المائة من الأصوات وهذا صعب طبعا، فهو لن يكون شرعيا لـ50 في المائة من بقية الشعب التركي».