مساع في موريتانيا لتنظيم حوار جديد بين المعارضة والنظام

الآجال الزمنية للانتخابات الرئاسية أبرز نقاط الخلاف بين الطرفين

TT

تسعى الحكومة الموريتانية إلى تنظيم حوار مع أطراف في المعارضة من أجل التوصل إلى وفاق وطني من شأنه أن يمهد لتنظيم الانتخابات الرئاسية في شهر يونيو (حزيران) المقبل، وهي الانتخابات التي هددت أطياف واسعة في المعارضة بمقاطعتها إذا لم تتحقق مطالبها بضمانات الشفافية والنزاهة.

وأفادت مصادر شبه رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن الوزير الأول (رئيس الوزراء) الموريتاني مولاي ولد محمد لقظف، وجه دعوة لممثلي الكتل السياسية في البلاد، بما فيها المعارضة والأغلبية الحاكمة، من أجل المشاركة في جلسات تحضيرية للحوار المرتقب.

وستشارك في الحوار المرتقب، بالإضافة إلى الأغلبية الحاكمة، «كتلة المعاهدة من أجل التناوب السلمي»، وهي كتلة سياسية معارضة تضم ثلاثة أحزاب سياسية، شاركت في الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة، وتوصف في بعض الأحيان بأنها «غير متطرفة» في معارضتها للنظام.

كما سيشارك في الحوار «منتدى الديمقراطية والوحدة»، وهو منتدى يضم هيئات من المجتمع المدني وأحزابا سياسية من أبرزها حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) ذو الميول الإسلامية، الذي شارك في الانتخابات الأخيرة؛ كما يضم المنتدى «منسقية المعارضة الديمقراطية» التي تتشكل من عشرة أحزاب سياسية قاطعت الانتخابات الأخيرة، وهددت في أكثر من مرة بمقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة إذا لم تدخل تحسينات على العملية الانتخابية.

وتطالب الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني المنخرطة في «منتدى الديمقراطية والوحدة» بضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني ذات صلاحيات واسعة تتولى مهمة الإشراف على الانتخابات الرئاسية، كما تدعو إلى تغيير هيكلة «اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات»، وهي الجهاز المكلف بالإشراف المباشر على الانتخابات، هذا بالإضافة إلى إعادة تشكيل «المجلس الدستوري» وهو المكلف بالبت في الطعون التي تقدم في نتائج الانتخابات، إضافة إلى كونه المجلس الذي يصادق على النتيجة النهائية لأي انتخابات تنظم في البلاد بما فيها الانتخابات الرئاسية.

في غضون ذلك، تشير مصادر أخرى تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ممثلين عن مختلف الكتل والتشكيلات السياسية سيجتمعون مع الوزير الأول الموريتاني، من أجل نقاش الآليات التي ستمكن من تنظيم الحوار المرتقب، ووضع خطة له قبل فتحه أمام رؤساء الأحزاب السياسية والشروع الفعلي في استعراض المقترحات.

وأفادت المصادر أن الخطة الأولية لتنظيم الحوار تقضي بإجرائه على مرحلتين، الأولى ستشهد الاتفاق على «جدول أعمال» موحد، بينما تخصص المرحلة الثانية لمناقشة المقترحات التي تتقدم بها الأطراف المشاركة في الحوار، وخاصة «منتدى الديمقراطية والوحدة» الذي طرح حتى الآن ثلاث نقاط، في مقدمتها «بناء الثقة» بين المعارضة والنظام، من خلال حكومة توافقية ذات صلاحيات واسعة، ثم اتخاذ إجراءات عملية تضمن شفافية الانتخابات، وأخيرا تحديد الآجال الزمنية الكافية لتطبيق هذه الإجراءات.

يشار إلى أن الحكومة سبق أن أكدت في أكثر من مناسبة رفضها تأجيل الانتخابات عن موعدها المحدد في يونيو المقبل، وعدت ذلك «خطا أحمر غير قابل للتفاوض»، مبررة موقفها بأن الدستور يحدد مأمورية الرئيس في خمس سنوات وحين تنتهي هذه المأمورية يتوجب تنظيم الانتخابات، ولكنها في الوقت نفسه أكدت استعدادها لتنفيذ جميع مطالب المعارضة «باستثناء حكومة وفاق وطني».

من جهتها، قالت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن موقف الحكومة من إمكانية تأجيل الانتخابات يؤكد عدم جديتها في الحوار، وشددت هذه المصادر على أن «أي حوار جاد يجب ألا تسبقه أي شروط، وألا تكون فيه خطوط حمراء»، وفق تعبير المصدر.

في سياق ذلك، تستعد اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات الأسبوع المقبل للشروع في الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي لإكمال اللائحة الانتخابية، وفي هذا الإطار أطلقت اللجنة الانتخابية «حملة تحسيسية» واسعة النطاق، يشارك فيها وزراء في الحكومة نظموا اجتماعات في عدد من المدن الداخلية وفي العاصمة نواكشوط، دعوا خلالها المواطنين إلى التسجيل في اللائحة الانتخابية. وذلك ما قال «منتدى الديمقراطية والوحدة» المعارض إنه يدخل في سياق «حملة رئاسية سابقة لأوانها من طرف مرشح السلطة الحاكمة».

وقال المنتدى في بيان صحافي وزعه بنواكشوط، إن مشاركة الوزراء في الحملة التي تنظمها اللجنة الانتخابية «مؤشر إلى نزوع نحو الأحادية والهروب من التوافق على انتخابات شفافة ونزيهة وعادلة وذات مصداقية».

جدير بالذكر أن الانتخابات النيابية والبلدية التي نظمت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2013، سبقتها جلسات حوار بين الأغلبية الحاكمة وأطراف في المعارضة، وهي الجلسات التي فشلت في تحقيق وفاق بين الطرفين، خاصة في ظل إصرار الحكومة على عدم تأجيل الانتخابات، وهو ما كانت أطراف المعارضة تراه ضروريا لتنفيذ ضمانات الشفافية والنزاهة.