إقبال واسع على الانتخابات الرئاسية الأفغانية.. والنتائج بعد ثلاثة أسابيع

البرد والأمطار وتهديدات طالبان لم تمنع الناس من التوجه إلى مراكز الاقتراع

أفغان يعرضون بطاقات الهوية الخاصة بهم أثناء انتظارهم للإدلاء بأصواتهم في قندهار أمس (أ.ف.ب)
TT

شهدت أفغانستان أمس إقبالا كبيرا من جانب الناخبين على مراكز التصويت لاختيار رئيس جديد للبلاد خلفا لحميد كرزاي، وذلك في أول مرة في تاريخ البلاد تنتقل بها السلطة عبر صناديق الاقتراع. ووسط إجراءات أمنية مشددة غير مسبوقة، جرى الاقتراع في 34 محافظة، فيما خلت شوارع العاصمة كابل وأغلقت المتاجر، بينما كانت الأمطار والبرد العامل الأبرز، في اليوم الذي انتظره ملايين الأفغان لاختيار رئيس جديد من بين ثماني مرشحين، إضافة إلى أعضاء مجالس الأقاليم.

بدت شوارع كابل هادئة للغاية منذ الجمعة، أول يومي الإجازة الأسبوعية، بينما دخلت مختلف الإدارات الحكومية في إجازة منذ الأربعاء الماضي وسبقتها المدارس بيومين، وذلك في إطار الاستعدادات العامة لانتخابات الرئاسة.

وكثفت السلطات الأفغانية الإجراءات الأمنية في مختلف شوارع العاصمة، وتمثل ذلك في نقاط تفتيش كثيرة تحولت إلى عامل منفر يدفع الكثير من سكان المدينة إلى تفضيل المكوث في بيوتهم. وانتشرت قوات الأمن في أرجاء العاصمة والأقاليم الأفغانية كافة بهدف منع أي هجوم محتمل تشنه حركة طالبان التي تعهدت بعرقلة الانتخابات.

انتقلت «الشرق الأوسط» في الثامنة من صباح أمس، إلى مركز الحبيبية غرب العاصمة كابل، بالقرب من قصر المرشح الرئاسي أشرف غني وزير المالية السابق. وشاهدت «الشرق الأوسط» في مركز الحبيبية الكثير من الناخبين اصطفوا أمام مراكز الاقتراع منذ ساعات الصباح الأولى، حتى قبل بدء موعد الاقتراع. وبحلول المساء، اتضح أن الناخبين صوتوا بكثافة في كابل كما في كل المحافظات. وأكد مصدر رسمي بعيد إقفال صناديق الاقتراع أن نسبة المشاركة قد تتجاوز الـ50 في المائة.

وتنافس ثمانية مرشحين لخلافة الرئيس كرزاي الذي يمنعه الدستور من السعي لشغل المنصب لفترة ثالثة على التوالي. ويعد أشرف غاني وزير المالية السابق وزلماي رسول وزير الخارجية السابق وعبد الله عبد الله زعيم المعارضة وزير الخارجية الأسبق من أبرز المرشحين للفوز بمقعد الرئاسة. ويبدو أن رسول هو المرشح المفضل لدى الرئيس كرزاي، بينما يتمتع غني بدعم قوي في صفوف الشباب في المناطق الحضرية.

ومن غير المتوقع أن يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50 في المائة من الأصوات، وهي النسبة المطلوبة للفوز من الجولة الأولى، وهو ما يعني أن من المرجح إقامة جولة ثانية يوم 28 مايو (أيار) المقبل.

وأعرب عبد الله عبد الله عقب تصويته في ثانوية الاستقلال بالقرب من مقر وزارة الخارجية، أن تجري الانتخابات في أجواء آمنة، وأن يشارك الجميع فيها، محذرا من عمليات التزوير والتجاوزات. وقال إنه مستعد للحوار مع عناصر طالبان الذين يريدون التفاوض، أما الذين يريدون الحرب والقتال، فسيلاحقهم. من جهته، أكد كرزاي عقب إدلائه بصوته في مدرسة أماني الثانوية بوسط كابل على أهمية هذه الانتخابات، وقال إنه «يوم مهم جدا لتحديد مستقبل دولتنا. سينتخب شعب أفغانستان رئيسا وأعضاء مجالس الأقاليم عبر الاقتراع السري».

وأوضحت لجنة الانتخابات أن هناك نحو 12 مليون ناخب يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات التي توصف بـ«الحاسمة»، نظرا لتزامنها مع قرب موعد انسحاب القوات الأجنبية نهاية العام الحالي. وجرى تخصيص نحو 6400 مركز اقتراع في جميع أنحاء البلاد، كما نشر نحو 400 ألف عنصر أمني لتأمين الاقتراع.

أمنيا، وقعت بضعة حوادث في الساعات الأولى من صباح أمس في ولاية لوغر، حيث أصيب أربعة أشخاص في انفجار قنبلة، كما أطلقت عدة قذائف هاون على مركز الانتخابات في ولاية باكتيا شرقي أفغانستان. كما تحدثت شرطة إقليم خوست الحدودية عن سقوط صواريخ أطلقت من باكستان على الأراضي الأفغانية بهدف عرقلة الانتخابات.

ولوحظ أن المرشحين الثمانية لخلافة الرئيس احترموا عموما مبدأ «الصمت» بعد شهرين من الحملات الانتخابية التي تواصلت في مختلف أنحاء البلاد خاصة في الأوساط الحضرية رغم المخاوف الأمنية وتهديدات طالبان.

وقالت اللجنة العليا المستقلة للانتخابات، وهي الجهة المشرفة على العملية الانتخابية في مؤتمر صحافي أمس إن نسبة المشاركة ستكون مرتفعة ومعقولة مقارنة بانتخابات عامي 2004 و2009، أما النتائج فستعلن في غضون ثلاثة أسابيع على أقل تقدير. وقال رئيس لجنة الانتخابات يوسف نوريستانى: «هذا يوم جيد جدا للأفغان، المواطنون سينتخبون رئيسهم وأعضاء مجالس المحافظات». وحث نوريستاني كل المواطنين الأفغان على التوجه إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.

وأبدى مراقبون غربيون ودبلوماسيون في كابل أمس تفاؤلا متزايدا بأن سيطرة الأمن وعدد الضمانات الجديدة ضد التزوير سيجعل هذه الانتخابات أكثر نزاهة من أي اقتراع شهدته أفغانستان من قبل. لكن رغم ذلك، ما زالت هناك مخاوف من مخالفات في عملية التصويت أو عرقلة الانتخابات في بعض مراكز الاقتراع. وكانت أكبر عملية عسكرية في أفغانستان بدأت منذ سقوط نظام حكم طالبان في عام 2001 لتأمين الاقتراع، وأقامت قوات الشرطة نقاط تفتيش عند كل تقاطع، في الميادين، ولم يسلم من نقاط التفتيش المواطنين أو الصحافيين الأجانب، سواء تفتيش الحقائب أو التفتيش البدني.

وكانت الفترة سبقت الاقتراع الأشد دموية منذ سقوط طالبان، إذ شن مسلحون هجمات على مقر وزارة الداخلية شديد التحصين، والمجمع الرئيس للجنة المستقلة للانتخابات، وفندق «سيرينا» الفخم، وفي هذا الفندق قتل الصحافي الأفغاني سردار أحمد، مدير وكالة الصحافة الفرنسية وزوجته الشهر الماضي.