أوروبا تهدد روسيا بثاني سلسلة عقوبات

مخاوف من «حرب غاز» بعد لجوء موسكو لزيادة الأسعار

سكان موالون لروسيا نظموا مسيرة في مدينة لوغانسك بشرق أوكرانيا أمس مطالبين بإطلاق سراح رفاق لهم وبعودة الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش وتنظيم استفتاء شبيه بالذي نظم في القرم (إ.ب.أ)
TT

دعا الاتحاد الأوروبي مجددا أمس، موسكو إلى «البدء بخفض التصعيد» في أوكرانيا، وأكد استعداده لفرض «عقوبات جديدة» لا سيما اقتصادية إذا تفاقمت الأزمة. وجاء هذا فيما رفضت كييف زيادة أسعار الغاز بنسبة 80 في المائة التي فرضتها روسيا وهددت بمقاضاتها أمام محكمة تحكيم، مما يعيد المخاوف من «حرب غاز» تطال كل أوروبا.

وأطلق الأوروبيون وفي مقدمهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تحذيرات جديدة لموسكو المهددة بسلسلة عقوبات ثانية لكن اقتصادية هذه المرة في حال أي مساس جديد «بوحدة أوكرانيا». وقال رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أمس إن «روسيا لم تتمكن من الاستيلاء على أوكرانيا عبر عدوان عسكري، والآن يطبقون خططا للسيطرة على أوكرانيا عبر عدوان اقتصادي». وأضاف أن «الضغط السياسي غير مقبول ولن نقبل سعر الـ500 دولار».

وألغت روسيا هذا الأسبوع العمل بتخفيضين للأسعار كانت تمنحهما لأوكرانيا على تسليم الغاز، الذي تعتمد عليه كييف كثيرا. وخلال 72 ساعة ارتفعت الأسعار من 268 إلى 485 دولارا لكل ألف متر مكعب أي السعر الأعلى في أوروبا.

ولوح ياتسينيوك بشبح «حرب غاز» جديدة يمكن أن تعرض للخطر الإمدادات الأوروبية قائلا إنه يتوقع أن «تمتنع روسيا أو توقف تسليم الغاز» لأوكرانيا. وجاء تحذير رئيس الوزراء الأوكراني فيما اختتم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في أثينا اجتماعا غير رسمي خصص القسم الكبير منه للأزمة الأوكرانية. وكانت موسكو قطعت إمدادات الغاز عن أوكرانيا مرتين بين 2005 و2006 وبين 2009 و2010 خلال نزاعات بينهما وقطعت بالتالي الصادرات نحو أوروبا التي تعتمد كثيرا على روسيا في هذا المجال. وتؤمن «غازبروم»، عملاق الغاز الروسي المتهم بأنه أداة بيد الكرملين، نحو ثلث إمدادات الاتحاد الأوروبي الذي عبر مرة جديدة خلال الأزمة الحالية عن عزمه خفض هذا الاعتماد على روسيا. ويمر نحو 40 في المائة من هذا الغاز عبر أوكرانيا.

ووعد وزير الطاقة الأوكراني يوري برودان أمس بأن بلاده ستضمن هذه الإمدادات مهما حصل. وقال إنه يريد مواصلة السعي إلى اتفاق مع «غازبروم». وأضاف أنه في حال عدم التوصل إلى ذلك، فإن الشركة العامة الأوكرانية «نفتوغاز» ستلجأ إلى محكمة تحكيم كما تنص عليه العقود. وأكد الأوروبيون مرة جديدة دعمهم لكييف أمس. وقالت المستشارة الألمانية: «إذا جرى المساس مجددا بوحدة أراضي أوكرانيا، فسنفرض عقوبات اقتصادية»، داعية في الوقت نفسه إلى مواصلة الحوار.

وفي ختام اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في أثينا دعت منسقة الاتحاد للسياسة الخارجية كاثرين آشتون أمس موسكو إلى «البدء بخفض التصعيد» في أوكرانيا وأكدت مجددا أن الاتحاد الأوروبي مستعد لفرض «عقوبات جديدة» لا سيما اقتصادية إذا تفاقمت الأزمة. وكان رئيس شركة الغاز الروسية «غازبروم» الكسي ميلر أعلن أمس أن أوكرانيا يجب أن تسدد مبلغ 11.4 مليار دولار. وكان البلدان اتفقا على أسعار مخفضة لسعر الغاز فيما عرف باتفاق خاركيف الموقع في أبريل (نيسان) 2010، والذي مدد حتى عام 2014 استخدام الأسطول الروسي في البحر الأسود قاعدته في سيباستوبول في القرم. وقال ميلر: «بما أن هذا الاتفاق ألغي هذا الأسبوع» فإن على أوكرانيا أن تسدد المبلغ. وأضاف أن «روسيا كانت تدفع للاحتفاظ بأسطولها في أوكرانيا لكي يمدد هذا الاتفاق هذا يعني أن روسيا دفعت مسبقا. وبالتالي فإن الـ11.4 مليار دولار هي دين راكمته أوكرانيا حيال روسيا».

وكانت روسيا أعلنت هذا الأسبوع إلغاء اتفاق خاركيف معتبرة أنه لم يعد له معنى بما أن القرم أصبحت روسية. وحذر عدة وزراء أوروبيون من مخاطر انهيار اقتصادي أو سياسي في أوكرانيا فيما راجع البنك الدولي لتوه توقعاته لأوكرانيا وقال إنه يتوقع انكماشا بنسبة 3 في المائة لسنة 2014 إثر زيادة أسعار الغاز الروسي. كما خفضت وكالة التصنيف الائتماني «موديز» من جديد مساء الجمعة درجة ملاءة كييف من «سي إيه إيه2» إلى «سي إيه إيه3» بسبب تصاعد الأزمة السياسية في البلاد وعلى الرغم من دعم صندوق النقد الدولي. وهذه الدرجة تجعل الدين الأوكراني في نظر المستثمرين غير آمن.

وبعد أن اعترف بـ«الدور المهم» الذي لعبته موسكو قال وزير الخارجية الألمانية فرانك - فالتر شتاينماير إنه «لهذا السبب علينا أن نتحاور مع روسيا حتى لو كانت لدينا خلافات». وأول من أمس، ندد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن باستخدام الطاقة «كسلاح سياسي»، وذلك في اتصال هاتفي أجراه مع ياتسينيوك ووعد خلاله بتقديم الدعم الأميركي. وتحدث ياتسينيوك عن إمكانية إجراء مفاوضات الثلاثاء المقبل في بروكسل مع الشركاء الأوروبيين لا سيما سلوفاكيا وبولندا والمجر - ليتخلوا لأوكرانيا عن جزء من الغاز الذي يحصلون عليه بأسعار أقل من تلك التي سيكون على كييف دفعها. لكن ترتيبا كهذا يمكن أن يثير استياء موسكو.