قضية مقتل طالب بجامعة فاس تثير ملاسنات حادة بين وزير التعليم ونواب من المعارضة في البرلمان المغربي

نائب من «العدالة والتنمية»: الجريمة مورست بغطاء سياسي

TT

تسببت أمس إثارة قضية مقتل طالب بجامعة فاس في مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان) في نشوب ملاسنات حادة بين نواب من المعارضة ولحسن الداودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي المنتمي لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية متزعم الائتلاف الحكومي. فقد انتفض الداودي ورد بانفعال كبير عندما طالبه النائب أحمد التهامي من حزب الأصالة والمعاصرة المعارض بتقديم استقالته بسبب إخفاقه في توفير الأمن داخل الجامعة، وذلك على خلفية مقتل الطالب عبد الرحيم الحسناوي، الذي ينتمي إلى فصيل «التجديد الطلابي» الإسلامي على أيدي طلبة ينتمون إلى فصيل «النهج القاعدي» اليساري الراديكالي الجمعة الماضية بجامعة فاس.

وقال الداودي إن «من أفسدوا البلاد وخربوها وقدموا الرشى في الانتخابات، هم من يقدمون اليوم النصائح لحزب العدالة والتنمية حول الأخلاق».

وأكد الداودي ردا على تعقيبات النواب حول قضية مقتل الطالب الحسناوي الذي سئل بشأنها من قبل نواب حزب العدالة والتنمية، أنه لم يقتل طالب داخل أسوار الحرم الجامعي من قبل، ووصف الحدث بالأليم والخطير والاستثنائي في تاريخ المغرب. وذلك في رد على إثارة نائب من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قضية مقتل الطالب اليساري بن عيسى آيت الجيد عام 1993 بجامعة فاس.

وانتقد الداودي بشدة موقف نواب حزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي من حادث مقتل الطالب الحسناوي، وقال إن خطابهم هو الذي يغذي التطرف والإرهاب وحمل السيوف داخل الجامعة.

وقال الدوادي موجها خطابه إلى المعارضة إن حزبه ورث الجامعة مخربة لأنها لم تحظ باهتمام الحكومات السابقة، مشيرا إلى أن لقاءات جرت أمس مع رؤساء الأحياء الجامعية والمؤسسات الجامعية من أجل بحث اتخاذ إجراءات ناجعة للحد من العنف داخل الجامعة، وأن بيانا مشتركا بين وزارته ووزارة الداخلية سيصدر بهذا الشأن.

وقال الوزير المغربي إن جامعة فاس ستتحول إلى قطب جامعي قوي، لكن هناك من يسعى إلى التشويش على هذه الإصلاحات بإثارة قضايا تعود إلى فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي من أجل إرجاع المغرب إلى الوراء. وزاد قائلا: «الكل يعرف من كان يتبنى العنف داخل الجامعة في تلك الفترة، لكننا لا نريد الرجوع إلى الماضي، بل المضي إلى المستقبل». وانتقد الداودي غياب الأحزاب داخل الجامعة لتأطير الطلبة، وقال: «إن الجميع مسؤول، لكن عوض تقديم خطاب معقول يأتي من يطالبني بالاستقالة». وأضاف موجها كلامه للنائب التهامي: «إذا كنت أنت من صوت علي فعندها سأقدم استقالتي».

وكان النائب التهامي قد انتقد حضور عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة، والوزير الداودي، جنازة الطالب الحسناوي، ووصفه بأنه «نوع من الكيل بمكيالين» من طرف الحكومة في حق الطلبة داخل الجامعات.

من جانبه، وصف عبد الصمد الإدريسي عضو الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية الحادث بأنه «عمل إرهابي مورس بخلفية آيديولوجية تستهدف الرأي المخالف، ومورس أمام الأمن الذي لم يتدخل رغم أن مرتكبي الجريمة هددوا بها في بيان وزع يومين قبل اقترافهم لها».

وانتقد الإدريسي تحامل عدد من وسائل الإعلام بهدف تشويه الحقيقة وتضليل الرأي العام، وقال إنها «ساوت بين المجرم والضحية».

وأضاف الإدريسي أن جريمة قتل الحسناوي مورست بغطاء سياسي واضح، من عدد من السياسيين الذين لا يخفون اعتزازهم بالعمل الذي يقوم به الطلبة القاعديون، ويزكون الضغينة والبغضاء، سواء بمجلس النواب أو مجلس المستشارين، وذلك بعد أن فشلوا في تحويل المغرب إلى مجال للتحكم، فذهبوا للنبش في ملفات قال القضاء فيها كلمته، وذلك من أجل التحريض على القتل والعنف، مؤكدا أن السؤال اليوم يجب أن يتوجه إلى من يحرض ومن يتحمل المسؤولية المعنوية، نظرا لخطورة الجريمة التي جرت عن سبق إصرار وترصد.

وفي موضوع ذي صلة، انتقد ابن كيران واقع البحث العلمي في بلاده، وقال إنه كباقي المجالات يعاني من غياب الحكامة وليس ضعف التمويل، ودعا المشاركين في ندوة حول البحث العلمي نظمت أمس في الرباط إلى التحلي بالنزاهة والصراحة وأن لا يجاملوا الحكومة بشأن الإشكالات التي يعانيها القطاع، وأضاف أن المغرب يتوفر على كفاءات عدة لكنها بحاجة إلى الظروف الملائمة لتبرز.

أما الوزير الداودي، فقال إن البلدان التي لا تنخرط في البحث العلمي لا مستقبل لها، وأضاف أنه «لا يمكن دخول العولمة دون علم».

وأوضح الداودي أن المغرب قدم عرضا على مستوى البحث العلمي بمبادرة من الوزارة وبمشاركة 155 جامعة ومقاولة أجنبية من 17 دولة يهم جميع المجالات الحيوية المرتبطة باقتصاد المغرب من قبيل الطيران والفلاحة، مشيرا إلى أن الوزارة تسعى إلى تشبيك الجامعات المغربية مع الجامعات الأجنبية الكبرى.