الإجراءات الأمنية تعرقل وصول الإرهابيين وأيضا الناخبين إلى مراكز الاقتراع في العراق

تدابير مشددة تتضمن غلق المطارات وحظر التجوال ومضاعفة عدد قوات الأمن

عناصر أمن عراقيون ينتشرون في محيط مركز انتخابي ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد سلسلة الخروقات الأمنية التي رافقت عملية الاقتراع الخاص أول من أمس وتمثلت في وقوع عدة هجمات انتحارية على عدد من المراكز الانتخابية التي أدلى بأصواتهم فيها منتسبو الأجهزة الأمنية، أعلنت كل من قيادة عمليات بغداد ووزارة الداخلية أمس عن اتخاذ جملة من الإجراءات بهدف تأمين الاقتراع العام اليوم.

وبينما أعلنت قيادة عمليات بغداد عن مضاعفة أعداد القوات الأمنية، فإن الأمانة العامة لمجلس الوزراء منحت عطلة رسمية بدءا من يوم الأحد ولمدة سبعة أيام في محاولة للحد من حركة المجاميع المسلحة والحيلولة دون استهداف مراكز الاقتراع والمواطنين بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة.

في السياق ذاته، وكجزء من الإجراءات الاحتياطية، أعلنت سلطة الطيران المدني العراقي «غلق» جميع المطارات حتى مساء اليوم. كما أعلنت وزارة الداخلية عن اتخاذ تدابير شاملة لضمان أمن الانتخابات وسلامتها. وقال عدنان الأسدي الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية في بيان إن «وزارة الداخلية اتخذت تدابير شاملة لضمان أمن الانتخابات البرلمانية وسلامتها»، داعيا جميع العراقيين إلى «المساهمة الفاعلة في الانتخابات التشريعية». وأضاف الأسدي أن «عملية التصويت ستجري في أنحاء البلاد بما في ذلك محافظة الأنبار التي تشهد أحداثا أمنية»، مؤكدا أن «المشاركة في الانتخابات تعد واجبا وطنيا وشرعيا على الجميع».

لكن عددا من المواطنين عبروا عن حزنهم لأنهم قد لا يتمكنون من الوصول إلى صناديق الاقتراع بسبب الإجراءات الأمنية، ومنها حظر التجوال. وقال المواطن عدنان حسن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «انتقل خلال الفترة الأخيرة من منطقة سكنه إلى منطقة أخرى وذلك بعد تحديث السجل الانتخابي، وبالتالي يتوجب علي الذهاب إلى المنطقة التي كنت أسكن فيها غير أن الإجراءات الأمنية التي ستمنع الانتحاري من قتل المواطنين ستقتل أمنيتي بالتغيير».

وعلى الرغم من التفجيرات يؤكد عراقيون إنهم سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع اليوم. وقال ماهر عياض، الذي قتل صديق له في تفجير انتحاري أول من أمس وشيع في بغداد أمس: «الشعب العراقي شعب مضح وصبور. مررنا بحروب كثيرة لكن الناس لا تزال تعيش حياتها الاعتيادية ولديها الجرأة ولا يهمها الموت». وأضاف قائلا لوكالة الصحافة الفرنسية «غدا (اليوم) نبدأ تغيير واقعنا لنبرهن أن دماء أصدقائنا لن تذهب هدرا».

وفي الشارع الذي ضربته ثلاثة تفجيرات في أسبوعين، بينها التفجير الذي قتل فيه أبو محلب (21 سنة)، صديق ماهر عياض، وقف أحمد عادل (40 سنة) أمام محل حلاقة وعينه على شرطي وضع كرسيا في وسط الطريق وجلس عليه تحت مظلة ملونة. وكان الشرطي يسمح لسيارات بعبور حاجزه البلاستيكي، ويأمر أخرى بالتوقف بعد الحاجز للخضوع للتفتيش. وقال عادل من خلف نظاراته الشمسية القاتمة وهو يبتسم «سأذهب غدا لأنتخب ولكي أساهم في تغيير الوضع الحالي والوجوه الحالية بعد أكثر من ثماني سنوات من الفشل الاقتصادي والأمني في بلد تبلغ موازنته عشرات مليارات الدولارات». ويضيف «يجب أن نصل إلى صناديق الاقتراع مهما كانت الظروف. الذي لا يذهب سيضيع حقه وحق غيره. نحن نعيش هذه الظروف (الأمنية) منذ أكثر من عشر سنوات، والأمر أصبح عاديا، إلا أن التغيير يبدأ بنا، رغم كل تفجيرات أمس وكل التفجيرات التي قد تقع».

وينسحب ذلك على ليث العزاوي الذي كان موجودا لحظة التفجير الانتحاري في المقهى حيث قتل أبو محلب، وقد أصيب بشظايا في بطنه ورجله. وأمام صورة أبو محلب وأربعة آخرين من قتلى التفجير، يقول العزاوي (40 عاما) «لم أخرج من البيت منذ التفجير إلا للضرورة (...) وما زلت أسمع صفيرا في أذني». ويتابع «سأنتخب غدا (اليوم)، ولن يبقى الحال على ما هو حاليا. لماذا لا نذهب للانتخابات بقوة أكبر من السنوات الماضية حتى نغير الواقع الذي نعيشه؟ لن نتحمل وضع كهذا بعد اليوم».