الفصائل الفلسطينية في لبنان تعد خطة أمنية للمخيمات خاصة عين الحلوة

قائد قوات الأمن الفلسطيني قال لـ«الشرق الأوسط» إنها ترتكز على إشراك جميع الفصائل بالقوى المشتركة

TT

بعد نجاح الخطة الأمنية اللبنانية التي بدأ تنفيذها في أكثر من منطقة مطلع الشهر الحالي، بوضع حد للتوترات الأمنية المتنقلة والتفجيرات الإرهابية التي عصفت بالبلاد منذ الصيف الماضي، قررت الفصائل الفلسطينية في لبنان وضع خطة مماثلة لضبط الأوضاع في المخيمات وخاصة أكبرها «عين الحلوة» في مدينة صيدا جنوبا.

وكانت الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان أطلقت نهاية مارس (آذار) الماضي مبادرة للتصدي للفتنة المذهبية ومنع وقوع اقتتال فلسطيني - لبناني أو فلسطيني - فلسطيني، جددت فيها التزامها بسياسة الحياد الإيجابي ورفض الزج بالفلسطينيين في التجاذبات والصراعات الداخلية اللبنانية، إلا أن أكثر من حادثة أمنية خرقت المبادرة، أبرزها عملية اغتيال مسؤول جمعية «المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) الشيخ عرسان سليمان في مخيم عين الحلوة، ومقتل ثمانية أشخاص في اشتباكات في مخيم المية ومية في الجنوب.

وأوضح قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، الذي يرأس اللجنة التي ستعد الخطة الأمنية وتشرف على تنفيذها، أن اجتماعا سيعقد الاثنين المقبل لوضع الخطوط العريضة للخطة التي تهدف إلى تعزيز القوى الأمنية المشتركة في كل المخيمات وفي عين الحلوة بوجه خاص. وقال أبو عرب لـ«الشرق الأوسط»: «تقتضي الخطة زيادة تسليح هذه القوى وتطوير إمكانياتها لتنجح بمهمة ضبط الوضع داخل المخيمات وتأمين الاستقرار المنشود».

وعما إذا كان السعي لزيادة تسليح القوى الأمنية الفلسطينية رد على بعض القوى اللبنانية التي تطالب بسحب السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات، أكد أبو عرب أن هذه القوى هي «شرطة مهماتها محددة ومعروفة وليست قوى للمواجهة».

وشدد على أن الهدف الأساسي من هذه الخطة إشراك جميع الفصائل بالقوى المشتركة كي لا يكون هناك فصيل محدد يتحكم بأمن المخيم. وأضاف: «واجهنا ونواجه مؤامرات كثيرة لضرب أمن المخيمات ومن خلاله حق العودة، ولذلك ينبغي أن نبقى على أهبة الاستعداد أمنيا، وخاصة في ظل تداعيات الأزمة السورية على المنطقة ولبنان والمخيمات الفلسطينية».

وتتولى لجنة أمنية مشتركة مؤلفة من 70 ضابطا مفرزين من الفصائل ضبط الأمن في عين الحلوة حيث لا وجود للجيش والقوى الأمنية اللبنانية تماما كما في المخيمات الفلسطينية الأخرى.

وأشار أمين سر القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة ورئيس «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب إلى أن لا قدرة لهذه اللجنة، مهما دعمت، على وضع حد للإشكالات الأمنية الكبيرة، وخاصة تلك التي تحصل أحيانا بين بعض الفصائل، مشددا على أن مهمتها لا يمكن أن تتخطى مهمة قوى الأمن الداخلي.

وقال خطاب لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن القوى الأمنية المشتركة موجودة بالاسم، لكن بكثير من الأوقات يغيب دورها عن الأرض، وهذا ما يجب تفعيله بإطار الخطة الأمنية المرتقبة».

وعن إمكانية أن تلحظ الخطة دخول الجيش اللبناني إلى عين الحلوة، شدد على أن هذه القضية «معقدة»، وهي تماما كما موضوع السلاح داخل وخارج المخيمات بحاجة لحوار فلسطيني - لبناني ولبناني - لبناني يترافق مع تحسين الظروف الحياتية للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

يذكر أن مئات الآلاف من الفلسطينيين لجأوا إلى لبنان عام 1948 مع «النكبة» الفلسطينية، وما زالوا، بعد مرور أكثر من 65 سنة، ينتشرون على 12 مخيما موزعة في أكثر من منطقة لبنانية. وتقدر الأمم المتحدة عددهم بنحو 460 ألفا، يعيش 80 ألفا منهم في عين الحلوة.

وتفاقمت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين والسوريين على حد سواء من سوريا بعد اندلاع الأزمة هناك، إلى المخيمات في لبنان، ما أدى إلى تضخم في أعداد السكان وما تبعه من تداعيات إنسانية واجتماعية وأمنية على المجتمعات اللبنانية والفلسطينية والسورية.

وكانت القوى الأمنية اللبنانية بدأت مطلع الشهر الحالي تطبيق خطة أمنية وضعها المجلس الأعلى للدفاع وأقرتها الحكومة، في المناطق المتوترة، لا سيما طرابلس والبقاع. وكلف الجيش وقوى الأمن الداخلي والأجهزة المختلفة ضبط الوضع الأمني ومنع الظهور المسلح واستعمال السلاح بكل أشكاله ومصادرة مخازن السلاح في طرابلس ومنطقتي باب التبانة وجبل محسن، وتنفيذ الإجراءات كافة لتوقيف المطلوبين، وتنفيذ الاستنابات القضائية في هذه الأعمال، وفي عمليات الخطف والابتزاز وسرقة السيارات وعمليات التزوير في مناطق البقاع الشمالي، واستعمال كل الوسائل اللازمة لتنفيذ هذه الخطة.

وبعد طرابلس والبقاع يبدو أن الخطة الأمنية وصلت إلى العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية، مع إعلان قيادة الجيش أمس أن قوة منها أوقفت في الضاحية الجنوبية لبيروت أربعة مطلوبين لارتكابهم جرائم إطلاق نار وشهر أسلحة باتجاه مواطنين، والاعتداء على عناصر من الجيش.