ابن كيران: لا نقبل بأن نحاكم من قبل التقارير الدولية

عد السياسة الجديدة للهجرة في المغرب تعزيزا للمسار الديمقراطي

رئيس الحكومة المغربية في حديث مع وزير الداخلية محمد حصاد قبيل بدء جلسة مجلس المستشارين أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

حذر عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، من فقدان المؤسسات للاستقلالية والخضوع إلى توجيهات الغير. وقال إن هذا الأمر يثير المخاوف لديه لأن بلاده لا تقبل بأن تحاكم من قبل التقارير الدولية.

وأوضح ابن كيران، الذي كان يتحدث أمس في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) التي خصصت لموضوع الهجرة والتنقل، أن المغرب لديه سياسة مستقلة وعلاقته بالدول الأوروبية مبنية على التقدير والتعاون المتبادل، وأن ما يقوم به من جهود لمحاربة الهجرة غير الشرعية وحماية الحدود يصب في مصلحة البلاد.

وجاء حديث ابن كيران ردا على الانتقادات التي وجهتها فرق من المعارضة لحكومته بشأن السياسة الجديدة للهجرة، وقبول المغرب لعب دور الدركي لأوروبا، كما جاء ردا مباشرا على استعانة حكيم ابن شماس، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة المعارض في مجلس المستشارين خلال جلسات المساءلة، بالتقارير الدولية لتوجيه الانتقادات إلى الحكومة في مختلف المجالات، ومنها قضايا المهاجرين التي نوقشت أمس.

وأشار ابن كيران، في سياق الحديث عن علاقة بلاده بالخارج، وتحديدا فيما يتعلق بنزاع الصحراء، إلى أنه لا يسعى لانتزاع أي تصريح لفائدة المغرب بشأن هذه القضية عند لقائه المسؤولين الأجانب، بل كل ما يفعله هو أنه يقدم المعطيات والبراهين والحجج لهم من أجل فهم الواقع في الصحراء، ولديهم حرية الاختيار للتعبير عن موقفهم فيما بعد، وأضاف: «نحن لا نتسول بشأن هذه القضية».

وكانت فرق المعارضة والأغلبية قد أثارت عددا من القضايا المرتبطة بسياسة الهجرة، وتساءلت عما إذا كان المغرب لديه الإمكانيات المالية لاستقبال المهاجرين، وحذرت من تنامي بعض المظاهر السلبية التي ترتبت على دخول المهاجرين الأفارقة إلى البلاد، من بينها انتشار ظاهرة التسول في الشوارع، كما جرى التطرق إلى قضايا المهاجرين المغاربة في الخارج، بيد أن ابن كيران رفض الإجابة عن موضوع المهاجرين المغاربة لأن الجلسة لم تكن مخصصة لهذا الموضوع.

وفي هذا السياق، أقر ابن كيران بأنه لم يجر الوصول بعد إلى المستوى المطلوب فيما يخص تنفيذ ما جاءت به السياسة الجديدة للهجرة التي اعتمدها المغرب، في سبتمبر (أيلول) الماضي، لأنه لم يمر وقت طويل على الشروع في تنفيذها، مشيرا إلى أن القوانين والتشريعات التي تخص هذا المجال توجد حاليا لدى الأمانة العامة للحكومة.

وقدم ابن كيران عددا من المعطيات والأرقام، وقال إنه جرت دراسة ملفات 850 شخصا حاملا لبطاقة لاجئ، المسلمة لهم من مكتب المفوضية السامية للاجئين. وجرت تسوية أوضاع 530 فردا، بينما الأشخاص الآخرون غادروا المغرب نحو دول أخرى أو نحو دولهم الأصلية بعدما عاد الاستقرار والأمن إليها. وبشأن عملية التسوية الاستثنائية للمهاجرين في وضعية غير قانونية التي أطلقتها الحكومة في يناير (كانون الثاني) الماضي، قال ابن كيران إن المكاتب المكلفة تلقي طلبات التسوية، تلقت 14311 طلبا، من 92 جنسية تشمل كل القارات، وحصل 814 شخصا على بطاقات الإقامة مدة صلاحيتها سنة.

وأوضح ابن كيران أن السياسة الجديدة للهجرة واللجوء التي تبناها المغرب بمبادرة وتوجيه من الملك محمد السادس تعبر عن مشروع مجتمعي متطور يراكم الإصلاحات ويعزز المسار الديمقراطي في البلاد، مشيرا إلى أن دخول المغرب نادي دول الاستقبال، توجه طبيعي يأتي في سياق تطور المغرب، ولكنه «يستدعي وضع نموذج متميز للهجرة، ينهل من قيمنا وحضارتنا العريقة، دون إغفال الاستفادة من النماذج الناجحة عالميا».

وتابع ابن كيران أن كسب هذا الرهان يتوقف على مدى مساهمة مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والمواطنين في تنزيل هذه السياسة على أرض الواقع و«حمايتها من كل ما يمكن أن يشوش على بعدها الحضاري ومهمتها النبيلة والإنسانية والتضامنية».