المالكي والحكيم يدعيان الفوز.. ورئيس الوزراء يرفض «التوافقية الديمقراطية»

الكتل السياسية تشيد بإقبال العراقيين على صناديق الاقتراع

عراقي يقدم زهرة لعنصر أمن وسط بغداد أمس ضمن مسيرة للاحتفال بيوم العمال (أ.ف.ب)
TT

مع البدء الأولي في فرز أصوات الناخبين العراقيين، أبدت الكتل السياسية الرئيسة ترحيبها بمشاركة العراقيين بنسبة 60 في المائة، على الرغم من المخاطر الأمنية. وفي الوقت نفسه، بدأ كل طرف العمل على وضع حربه في موقع متقدم، استعدادا للتفاوض على الانتخابات، في مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي عبد العزيز الحكيم.

وقال المالكي للصحافيين أمس: «صدرت تصريحات مسؤولة في العالم بأن ما حصل في العراق مثار للإعجاب، ودليل على الشجاعة»، رافضا التقارير التي تتحدث عن وقوع تجاوزات، قائلا إنها «محدودة». وأضاف: «لقد دفعنا ثمن تعطيل المشاريع غاليا، بل دفعنا ثمنها دماء.. أنا أقول لهم: تعالوا معنا، على الأقل من الآن حتى تشكيل الحكومة المقبلة. دعونا نتحرك. يجب أن نفتح صفحة جديدة». ونفى أن يكون يسعى بشكل شخصي للبقاء في السلطة، قائلا إن من واجبه أن يواصل الخدمة إذا طلب منه الائتلاف ذلك، موضحا: «لا أستطيع أن أخذل الناس وأتراجع».

وعبّر المالكي عن ثقته في قدرته على تشكيل حكومة أغلبية سياسية، أمس، قائلا: «لدينا ثقة في أننا نستطيع تحقيق الأغلبية السياسية (...) إذا لا محاصصة ولا توافقية ديمقراطية (...) ونحن قادرون على تحقيق أكثر من 165 مقعدا»، من بين مقاعد البرلمان البالغ عددها 328.

وقال في هذا الصدد: «أنا أحذر من عودة إلى المحاصصة، ولن أكون جزءا منها».

وعندما سُئِل عن الوقت الذي سيستغرقه تشكيل حكومة جديدة أجاب بأن ذلك مرهون بالمفاوضات مع الجماعات الأخرى. وعبر عن أمله أن يجري ذلك في أسرع وقت ممكن، لكنه أبدى مخاوفه من أن يستغرق ذلك شهورا.

ويقول حلفاء المالكي إنهم يعتقدون أنه فاز بأكثر من 90 مقعدا، الأمر الذي سيتيح له أن يملي شروطه على خصميه الرئيسين؛ المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وحركة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وتنافست تصريحات زعيمي الكتلتين الشيعيتين، المالكي عن «دولة القانون»، وعمار الحكيم «المواطن»، باستباق النتائج والتحدث بصيغة المنتصر في الانتخابات البرلمانية. وقال المالكي في أول مؤتمر صحافي عقده بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية، أمس، إن «ما يميز هذه الانتخابات وقبلها من انتخابات مجالس المحافظات هي أنها تمت بإدارة وحماية وتخطيط وتمويل من قبل الحكومة العراقية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ولم يكن على الأرض العراقية جندي واحد غريب، حتى يقال إن العراقيين لا يستطيعون إنجاز الانتخابات، ما لم تكن هناك حماية ومساعدة من الخارج».

وتحدث المالكي بصفته رئيسا للحكومة المقبلة، قائلا: «إننا نريد الآن بعد الانتهاء من الانتخابات أن نبدأ بالعمل والبناء»، مؤكدا أن «البلاد تحتاج بعد أن تخلصنا من المناكفات السياسية إلى تفعيل آليات الديمقراطية لتحقيق حكومة الأغلبية»، داعيا «جميع الوزراء في الحكومة العراقية، الذين سيعلن عن فوزهم في الانتخابات، إلى الكفّ عن ظاهرة تعطيل الخدمات، خاصة بعد انتهاء الدعاية الانتخابية»، متهما «الكتل التي ينتمي إليها هؤلاء الوزراء بتوجيههم».

من جهته، دعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم، زعيم كتلة المواطن لـ«العمل كرجال دولة ومسؤولية بعيدا عن الأنانية والنرجسية والذاتية».

وقال الحكيم في كلمة له نشرها موقع «فرات نيوز» التابع للمجلس، أمس: «إنني أوصي جميع الإخوة والشركاء في العقيدة والدين والوطن، بأن يكونوا كبارا بحجم العراق، ولنعمل معا كرجال دولة ورجال مسؤولية بعيدا عن الأنانية والنرجسية والذاتية»، معلنا عن «تقدم ائتلاف المواطن في أغلب المحافظات»، متعهدا بـ«العمل بروح الفريق الواحد والتخطيط الصحيح»، مبينا أن «العراق لن يتنازل عن تجربته الديمقراطية ومنهج الحرية والتداول السلمي للسلطة».

وكانت كل من قناة «الفرات» التابعة للحكيم و«آفاق» التابعة للمالكي قد تبادلتا، أول من أمس، الاتهامات، إذ قالت «الفرات» إن «قوات خاصة التي هي جزء من القيادة العامة للقوات المسلحة (المالكي) دخلت لمراكز انتخابية وطردت مراقبي الكيانات السياسية»، بينما ردت «آفاق» قائلة إن «ميليشيات حاولت استفزاز الناخبين في بعض المراكز الانتخابية، بسبب خسارة كتلة المواطن في الانتخابات».

ونفت مريم الريس المستشارة السياسية لرئيس الوزراء والمرشحة عن دولة القانون هذه الاتهامات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات كانت تقف أمام بعض المراكز الانتخابية في مدينة الصدر لاستفزاز الناخبين، الذين استنجدوا بالقوات الأمنية»، مشيرة إلى أن «مرشحين عن كتلة المواطن دخلوا المراكز الانتخابية في مدينة الصدر، ووزعوا دعايات انتخابية خارقين قوانين وتعليمات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كون حظوظهم بالفوز قليلة».

وعبرت الريس عن «ارتياح كتلتنا لسير العملية الانتخابية بصورة سلسة»، مشيرة إلى أنه «كانت هناك مخاوف من عدم إقبال الناخبين لمراكز الاقتراع، لكن نسبة المصوتين زادت عن 70 في المائة والاقتراع الخاص 91 في المائة، وهذه أول مرة ترتفع فيه نسبة الناخبين لهذه الأرقام منذ أول انتخابات جرت بعد تغيير النظام في 2003».

وتفاءلت الريس بـ«تحقيق قائمتنا فوزا كبيرا سيمكننا وبالتحالف مع كتل أخرى من تشكيل حكومة الأغلبية السياسية، وضم وزراء من جميع الأطياف العراقية»، مؤكدة على ترشيح المالكي لولاية ثالثة.

من جانبه، لم يستبعد جواد الجبوري، المتحدث الرسمي باسم كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري أن تكون «قوات خاصة قد استفزت بالفعل الناخبين في مراكز انتخابية بمدينة الصدر»، مشيرا إلى أن «أخبارا نقلها سكان محليون تحدثت عن هذه الاستفزازات».

وقال الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن «الانتخابات جرت بشكل جيد، بعد أن كنا نشك بإقبال الناخبين بسبب ظروف الاحتقان الأمني أو قد تستخدم السلطة القوة من أجل تأجيل موعد الانتخابات للاستئثار بالسلطة، إضافة إلى ما تتناقله الأنباء عن فعاليات (داعش) وحرب المياه في الأنبار»، مشيرا إلى أن «الانتخابات التي كفلها الدستور لتعبر عن حق الشعب في اختيار ممثليه، كان يجب أن تجري بموعدها، وهذا ما حدث».

وعبر الجبوري عن أمله في أحداث التغيير «من أجل التخلص من الفاسدين في السلطة، وتوفير الخدمات للشعب العراقي»، مشددا على أن «المالكي لن يبقى في منصبه رئيسا للوزراء». وقال: «استبعد هذا الاحتمال بحكم عدم موافقة التحالف الوطني وبقية الكتل السياسية والأكراد، كونه لم ينجح في مهمته رئيسا للحكومة».

وتفاءل إياد علاوي رئيس ائتلاف الوطنية بحصول لائحته على نتائج جيدة في الانتخابات البرلمانية، التي جرت أول من أمس، «على الرغم من الخروق الكثيرة، التي جرت في مناطق جمهورنا الانتخابي، مثل الأنبار ونينوى ومدينة الأعظمية وإغراق مناطق شرق بغداد»، مشيرا إلى أننا «لا نستطيع الآن التحدث عن النتائج، قبل أن تعلن من قبل المفوضية المستقلة للانتخابات».

وأضاف علاوي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «ائتلافنا الوطنية كان من أكثر الكيانات الانتخابية التي استهدفت قبل إجراء الانتخابات، حيث جرى استبعاد 38 من مرشحينا بحجج مختلفة»، مبديا سعادته بـ«إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع من أجل إحداث عملية التغيير المطلوبة».

وأضاف علاوي: «سنسعى، بالتحالف مع الإخوة في الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، والتيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، وكتل أخرى تتناسب برامجها الانتخابية الوطنية مع برنامجنا، لإنهاء الاستئثار بالسلطة وبناء دولة المؤسسات المدنية».