بدء تسلم الشكاوى بعد تسجيل نسبة مشاركة بلغت 60 في المائة

أوباما أشاد بالانتخابات ودعا إلى حكومة تمثل جميع العراقيين والأمم المتحدة رحبت بنجاح العملية

TT

بعد يوم من إعلانها نسبة متدنية على صعيد المشاركة في الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت أول من أمس الأربعاء والبالغة 35 في المائة بعد نحو أقل من ساعة على إغلاق مراكز الاقتراع في عموم البلاد، عادت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى تعديل النتيجة لتصبح أكثر من ستين في المائة. وقال رئيس الدائرة الانتخابية في المفوضية مقداد الشريفي في مؤتمر صحافي أمس إن «نسبة المشاركة في الاقتراع العام في جميع المحافظات العراقية بلغت نحو ستين في المائة»، مبينا أن «عدد الناخبين الذين شاركوا في الانتخابات بلغ 12 مليونا و165 ألف ناخب». وأضاف أن «المفوضية نشرت 500 فريق لمعالجة أي مشكلة تحصل في جهاز التحقق الإلكتروني خلال عملية الانتخاب»، مشيرا إلى أن «عدد المصوتين في الخارج بلغ 165 ألف و532». ولفت الشريفي إلى أن «عدد الشكاوى في انتخابات الخارج بلغ 141 شكوى». وبدأ أمس فرز الأصوات، بينما بدأت أحزاب سياسية وجهات راقبت الانتخابات بتقديم الشكاوى حول العملية. ومن المتوقع ان تستغرق عملية رصد الشكاوى والتحقق منها أسابيع عدة قبل الخروج بالنتائج النهائية للتصويت. وكان قد تنافس في هذه الانتخابات 9032 مرشحا، على 328 مقعدا، في حين بلغ عدد الناخبين المشمولين بالتصويت العام عشرين مليونا و437 ألفا و712 شخصا. كما بلغ عدد الناخبين المشمولين بالتصويت الخاص، مليونا و23 ألفا. في حين بلغ الناخبون المهجرون 26 ألفا و350، وبلغ عدد مراكز الاقتراع العام 8075 مركزا ضمت 48 ألفا و852 محطة. ووصل عدد وكلاء الكيانات السياسية أكثر من مائة ألف. أما المراقبون الدوليون فقد تم اعتماد 1249 منهم، فضلا عن اعتماد 37 ألفا و509 مراقبين محليين، كما بلغ عدد الإعلاميين الدوليين 278، والمحليين 1915 إعلاميا.

من جهته أكد الخبير في مراقبة الانتخابات والذي شارك بمراقبة انتخابات أول من أمس حسين فوزي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الذي كانت فيه التحليلات السابقة تجمع على أن المشاركة سوف تكون أعلى مما كانت عليه في الانتخابات السابقة فإننا نلاحظ أن هناك بالفعل زيادة ملحوظة في نسب التصويت التي تتراوح بين الخمسين إلى الستين في المائة»، مشيرا إلى أن «هناك عدة عوامل ساعدت في زيادة نسبة المشاركة ومنها الاصطفاف الفكري والعقائدي في إقليم كردستان حيث زادت النسبة هناك على سبعين في المائة كما أن الإحساس بالمظلومية في المناطق الغربية والسنية تحديدا زاد من نسبة المشاركة على الرغم من وجود مؤشرات على عدم إتاحة الفرصة للكثيرين هناك بالتصويت وهناك عامل آخر ويتمثل في إحساس الناخب الشيعي في المناطق الشيعية بأن من يتولى زمام السلطة لم يقدم شيئا».

وبشأن ما إذا كانت الانتخابات قد سارت بشكل طبيعي قال فوزي إن «المسار العام للانتخابات إيجابي حيث لا توجد انتهاكات حمراء تتطلب إعادة الانتخابات وهذا مؤشر جيد فضلا عن أن وعي الناخب العراقي فرض نفسه إلى حد كبير وما صدر عن المرجعيات الدينية بشأن وقوفها على الحياد كان هو الآخر عاملا إيجابيا». لكن المرشح عن القائمة العربية فصيل الزوبعي أبلغ «الشرق الأوسط» أن «في بعض مناطق حزام بغداد جرى نوع من التمييز لصالح مرشح معين قريب من دولة القانون كما أن جهات عسكرية عملت في إحدى المناطق مسرحية مكشوفة من خلال الإيحاء بوجود قناص وهو ما أدى إلى تراجع الناس عن المشاركة وهروب الكثيرين من بعض مراكز الاقتراع». أما عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي والمرشح عن التحالف المدني الديمقراطي جاسم الحلفي فأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما جرى يعد أمرا جيدا بالنسبة للديمقراطيين والمدنيين والليبراليين الذين يشاركون لأول مرة في انتخابات كان الطابع العام فيها هو العرقي والطائفي»، مشيرا إلى أن «التحالف المدني لا يريد استباق النتائج ولكن كل المؤشرات تدل على أن حظوظنا جيدة بالقياس إلى حجم الضغوط التي تعرضنا لها والتجييش والحشد الإعلامي والدعائي للكتل والقوائم التي هي في السلطة».

ومنظمة تموز لمراقبة الانتخابات أعلنت من جانبها وفي مؤتمر صحافي عقدته رئيستها فيان الشيخ علي أن «نسبة المشاركة في الانتخابات في عموم العراق بلغت 62 في المائة»، مؤكدة «تسجيل مشكلات في جهاز البصمة في التصويت الخاص الذي أدى إلى تأخير عملية التصويت». وأضافت الشيخ علي أن «الكثير من المرشحين لم يلتزموا بيوم الصمت الانتخابي واستمرت دعاياتهم سواء في بعض الفضائيات أو وسائل التواصل الاجتماعي». وتابعت الشيخ علي بأن «التصويت العام سار بشكل جيد، وتم منع التصويت بالإنابة أو التصويت المتكرر أو التصويت الجماعي، وسجلنا خرقا بمحاولة للتصويت لأشخاص يحملون أكثر من بطاقة في مركزين انتخابيين وتم إلقاء القبض عليهم».

وبينما انشغل العراقيون بالتكهن حول نتائج الانتخابات، أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما بالعملية الانتخاب، معربا عن الأمل في أن تؤدي العملية الانتخابية إلى تشكيل حكومة مدعومة من العراقيين كافة. وقال أوباما في بيان «مارس ملايين العراقيين حقهم الديمقراطي في التصويت» مشيرا إلى أن «المشاركة أظهرت للعالم بأسره أنهم يرغبون في مستقبل أكثر استقرارا وسلمي». وأضاف: «بعد أن تصبح النتائج نهائية سيجتمع برلمان جديد ويبحث تشكيل حكومة جديدة».

وتابع «إنه مهما تكن نتيجة هذا الاقتراع يجب أن يستخدم لتوحيد البلاد مع تشكيل حكومة تدعمها كافة الطوائف العراقية وتكون مستعدة لتبني برامج ملموسة وقابلة للتنفيذ».

وكانت المشاورات بين مختلف المجموعات من أجل تشكيل حكومة امتدت لأكثر من ثمانية أشهر بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة في عام 2010.

وفي الوقت الذي بلغ فيه العنف أعلى مستوياته في العراق منذ 2008، حذر أوباما من أنه «سيكون هناك المزيد من الأيام الصعبة»، لكنه وعد بأن الولايات المتحدة ستبقى «شريكة للعراقيين». وأعلنت الأمم المتحدة أمس أن الشهر الماضي شهد مقتل 750 عراقيا، بينما تقديرات وكالة الصحافة الفرنسية أشارت إلى ألف قتيل.

ومن جهته، عبر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف عن ارتياحه لسير عملية الانتخاب، موجها تهنئة إلى جميع العراقيين «الذين أظهروا قدرا لا يصدق من المرونة، تمثل في خروجهم بأعداد كبيرة للتصويت في يوم الانتخابات». وأشاد ملادينوف أيضا بالجهود التي بذلتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لضمان إجراء هذه الانتخابات بإشراف عراقي كامل. وقال في بيان صادر أمس: «جرى الإعداد للانتخابات على نحوٍ مهني»، وأضاف: «ولكن الانتخابات لم تنته بعد، وإنني أناشد جميع الكيانات السياسية الامتناع عن الأعمال والتصريحات التي قد تؤثر على عمل المفوضية».

وفي نيويورك، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بيانا يرحب بالانتخابات وأشاد «بسعي العراق لإظهار التزامه بعملية سياسية سلمية وشاملة وديمقراطية».