خبراء يرجحون ألا تلتزم «النصرة» بمطالبة الظواهري وقف قتالها مع «داعش»

دعا زعيم «الدولة الإسلامية» لتركيز جهوده على «العراق الجريح»

TT

طالب زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري جبهة «النصرة»، التي تعد ذراع التنظيم المتطرف في سوريا، وقف المعارك ضد الجهاديين الآخرين، في إشارة إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش». وذلك وسط معارك عنيفة تدور بين التنظيمين منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي على خلفية الصراع على النفوذ ومنابع النفط في مناطق شمال وشرق سوريا.

وتوجه الظواهري، في تسجيل صوتي نشر على مواقع إسلامية، إلى زعيم جبهة «النصرة» أبو محمد الجولاني «وكل جنود جبهة النصرة»، ومناشدا كل طوائف وتجمعات المجاهدين في الشام بأن «يتوقفوا فورا عن أي قتال فيه عدوان على أنفس وحرمات إخوانهم المجاهدين وسائر المسلمين، وأن يتفرغوا لقتال أعداء الإسلام من البعثيين والنصيريين وحلفائهم من الروافض».

وتسبب الصراع بين تنظيمي «داعش» و«النصرة» بمقتل نحو أربعة آلاف شخص بعد اتهامات واسعة وجهت من قبل المعارضة إلى تنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي تأسس في العراق بأنه «من صنع النظام» السوري ويقوم بـ«تنفيذ مآربه». وتأخذ الكتائب المقاتلة أيضا على تنظيم «الدولة الإسلامية» تطرفها في تطبيق الشريعة الإسلامية، وإصدارها فتاوى التكفير عشوائيا، وقيامها بعمليات خطف وإعدام طالت الكثير من المقاتلين.

ولم يستثن الظواهري في تسجيله أمس، زعيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» أبو بكر البغدادي، داعيا إياه إلى التفرغ «للعراق الجريح الذي يحتاج أضعاف جهودكم»، قائلا: «تفرغوا له حتى وإن رأيتم أنفسكم مظلومين أو منتقصا من حقكم لتوقفوا هذه المجزرة الدامية، وتتفرغوا لأعداء الإسلام والسنة في عراق الجهاد والرباط».

وفي هذا السياق، رأى عضو المجلس الوطني المعارض، والخبير في الجماعات الجهادية، عبد الرحمن الحاج في كلام الظواهري تطورا جديدا يعكس شعور القادة في تنظيم «القاعدة» بأن الموارد الجهادية البشرية بدأت تتناقص نتيجة الحرب المندلعة بين «النصرة» و«داعش»، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «عدد المقاتلين الأجانب الذي يتوافدون إلى سوريا قد تناقص كثيرا، تزامنا مع مغادرة بعض الذين كانوا يقاتلون داخل سوريا من دون أي نية بالعودة، إذ يجد هؤلاء أن القتال بين الجماعات الجهادية هو عبارة عن (فتنة) يجب ألا يتورطوا بها».

وبحسب الحاج، فإن «هدف خطاب الظواهري ليس سوى (لملمة) صفوف الجهاديين، فالقاعدة باتت مهددة بالتفكك بعد أن وصف أكبر تنظيم جهادي المعروف بـ(داعش) التنظيمات المخالفة له بالانحراف عن نهج القاعدة». وكان المتحدث باسم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني، شن منتصف الشهر الماضي هجوما على تنظيم «القاعدة»، معتبرا إياه خارجا عن «منهج الصواب»، مشددا على أن «القاعدة لم تعد قاعدة الجهاد».

واستبعد الحاج أن «يتأثر الصراع بين تنظيم (الدولة الإسلامية) وجبهة (النصرة) بكلام الظواهري»، مشيرا إلى «إصرار جبهة (النصرة) على محاربة (داعش) والقضاء عليها وإجبارها على الخروج من سوريا». وأوضح الحاج أن «مقاتلي النصرة يخضعون للظواهري بهدف الحصول على الشرعية فقط، ولكن على الصعيد الميداني فلا سلطة له عليهم، لأن تنظيم القاعدة ليس مركزيا».

ولفت الحاج إلى أن «الصراع بين التنظيمين دخل في مرحلة اللاعودة، ولا يمكن إيقافه بكلمة من الظواهري أو سواه»، مؤكدا أن «زعيم القاعدة يعرف ذلك تماما، وخطوته في دعوة الطرفين إلى وقف القتال تأتي في إطار العمل الإعلامي لتحسين صورة القاعدة ليس أكثر». ويذكر أن الظواهري كان قد حذر في وقت سابق من «الاقتتال بين المجاهدين» في سوريا. وعده «نذير شؤم» على «الجهاد» في الشام، ولم يستبعد زعيم «القاعدة» أن يكون هناك «اختراق من النظام السوري كي يتولى المجاهدون إبادة بعضهم بعضا، ويحققوا للنظام بأيديهم ما لم يستطع تحقيقه».