معركة منصب رئاسة العراق بدأت كردية ـ كردية قبل أن تتحول نحو العرب

قيادي في حزب طالباني عدّ بيان حكومة الإقليم موجها ضد تيار في حزبه

عاملون في هيئة الانتخابات العراقية يواصلون عد أصوات الناخبين في مركز للانتخاب في البصرة (أ.ب)
TT

استبقت القيادة الكردية في العراق الأحداث لتدشين معركة هجومية من اجل الدفاع عما يعتقدونه حقهم في الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية العراقية باعتباره استحقاقا لهم حسب بيان حكومة اقليم كردستان العراق الصادر اول من امس والذي اعلنت فيه تمسكهم بهذا المنصب «من اجل الشعب الكردي». وتفاجأ العراقيون أمس ببيان حكومة إقليم كردستان الذي شدد على ان الشعب الكردي هو من سيختار المرشح لمنصب رئاسة الجمهورية من خلال برلمان الاقليم، على الرغم ان لا الدستور العراقي ولا العرف السياسي في البلاد ينص ذلك.

الهجوم الدفاعي الذي شنتع حكومة اقليم كردستان وقبل اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، وفي خضم المنافسة بين الأخزاب الإسلامية الشيعية حول منصب رئاسة الحكومة العراقية، كان موجها لطرف كردي اكثر مما هو موجه لبغداد او للمكون السني من العرب الذين يسعى قادتهم لتسلم منصب رئاسة الجمهورية واسناد منصب رئاسة البرلمان للاكراد. وتدور المعركة على الرئاسة بينما الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني غائب عن مهامه لاسباب صحية وبعد اصابته بسكتة دماغية منذ أكثر من عام ويتلقى العلاج في المانيا.

وأوضح قيادي كردي في الاتحاد الوطني الكردستاني،الذي يتزعمه طالباني، امس ان» هذا البيان موجه لطرف كردي معين، خاصة وانه نص «نريد أن نعلن لشعب كردستان وجميع الأطراف السياسية في إقليم كردستان والعراق»، وهنا ذكر الاطراف السياسية في اقليم كردستان اولا ثم العراق، مستطردا (البيان) بأن «منصب رئيس الجمهورية في العراق الاتحادي هو من حق شعب كردستان وسنسعى بكل قوتنا من أجل الحصول على هذا المنصب للشعب الكردي». وأشار القيادي الذي طلب من «الشرق الاوسط» عدم نشر اسمه، الى ان البيان «موجه بالدرجة الاولى للاتحاد الوطني الذي يعتقد او يصر على ان هذا المنصب من حقهم كون الرئيس طالباني هو زعيم الحزب وكان رئيسا للجمهورية».

وعن حقيقة ترشيح الدكتور نجم الدين كريم، القيادي في حزب طالباني ومحافظ كركوك من قبل قيلدة الاتحاد الوطني الكردستاني، قال القيادي وهو يتحدث في السليمانية، ثاني مدن الاقليم الكردي: «في الحقيقة ان قيادة الاتحاد لم تجتمع وتقرر من هو المرشح لمنصب رئيس الجمهورية لكن عادل مراد، قيادي في الحزب، هو من رشح كريم لهذا المنصب في توجه واضح ضد الدكتور برهم صالح المرشح الاقوى لهذا المنصب وبعد ان تم تداول اسمه من قبل بعض قياديي الحزب وكوادره وقواعده، وبالتالي فان بيان حكومة الاقليم موجه ضد مراد وضد التيار الذي يمثله في قيادة الاتحاد». وفي رده حول هذا التيار الذي يمثله مراد ، وفيما اذا كانت هناك تيارات في حزبهم، قال القيادي في حزب طالباني: «نعم هناك تيارات او بالاحرى تيارين برزا بعد ان الغاء المؤتمر العام للاتحاد والذي كان يجب ان يعقد في بداية العام الحالي، اذ اصر صالح، نائب الامين العام للاتحاد (المستقيل) على عقد المؤتمر وترشيح قيادة جديدة للاتحاد ومراجعة اخطاء الحزب التي ادت الى خسارته في انتخابات برلمان الاقليم، وايده في ذلك كوسرت رسول نائب الامين العام للحزب، يواجهه تيار رفض عقد المؤتمر وعلى رأسهم السيدة هيرو احمد زوجة الرئيس طالباني والقيادية في الاتحاد ومعها عادل مراد وملا بختيار، بينما وقفت بعض القيادات على الحياد او لم يعلنوا عن مواقفهم الحقيقية». ولفت القيادي انه «بسبب عدم عقد المؤتمر اعلن صالح استقالته من القيادة».

ودارت تقرير في بداية العام افادت أن رئيس الاقليم مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، يرغب في تولي منصب رئيس الجمهورية. والا ان القيادي في الاتحاد الوطني استبعد ذلك، قائلا «لم اسمع بذلك ولا اعتقد بان السيد بارزاني عنده مثل هذه الرغبة وان كان من حقه الترشيح باعتباره زعيم سياسي عراقي كردي مرموق». وحول موضوع الاستحقاق الكردي لمنصب رئاسة الجمهورية والدستور الذي لا يمنح اي طائقة أو عرق استحقاق معين لرئاسة الحكومة او البرلمان او الجمهورية، قال: «الدستور يمنح كل مواطن عراقي هذا الحق، والكردي هو مواطن عراقي. ثم اين هو الدستور العراقي الذي تم خرقه علانية وبقوة من قبل جهات عديدة ببغداد وفي مقدمتهم رئيس الحكومة، نوري المالكي، خاصة فيما يتعلق بملف الاقليم والامن والأقتصاد، والاكراد هم القومية الكبيرة الثانية في تكوين المجتمع العراقي وعبروا باستمرار عن حرصهم علي القضايا الوطنية العراقية سواء من خلال مواقف الرئيس طالباني او رئيس الاقليم بارزاني».

وكان نجيرفان بارزاني، رئيس حكومة اقليم كردستان ونائب رئيس الديمقراطي الكردستاني، قد صرح لـ»الشرق الاوسط» في وقت سابق بقوله «حسب الدستور العراقي فان من حق الرئيس بارزاني الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية باعتباره مواطن عراقي»، مستطردا» لكنني لم اسمع عن مثل هذا الموضوع». حكومة اقليم كردستان وجهت ضربة استباقية فيما يتعلق بمنصب رئيس الجمهورية الذي يتطلع اليه اسامة النجيفي رئيس مجلس النواب المنتهية ولايته، وكان قبله قد طمح اليه طارق الهاشمي النائب السابق لرئيس الجمهورية باعتبار ان هذا المنصب يجب ان يشغله قيادي من «العرب السنة»، اذ تولى هذا المنصب غازي الياور لأول مرة منذ سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ومعركة الوصول الى كرسي رئاسة الجمهورية والتي اشتعلت اولا بين الاكراد انفسهم من جهة، وبين العرب والاكراد من جهة ثانية ستمنح المالكي متنفسا جديدا للمساومة من اجل بقائه في منصب رئاسة الحكومة للمرة الثالثة، اذ سينحاز للجهة التي توافق على بقائه لولاية ثالثة، وهنا سيجد المتنافسون على منصب رئيس الجمهورية انفسهم في موقف حرج لا سيما وانهم، الاكراد والعرب السنة (النجيفي) اعلنا ومنذ وقت مبكر عن عدم موافقتهما على بقاء المالكي في منصبه.

المالكي، وحسب القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني «لن يخسر اي شيء فيما اذا دعم هذا الطرف او ذاك مقابل ان يحصل على دعم لبقائه في منصبه، وسواء آل المنصب للاكراد او للنجيفي فانه سيبقى رئيسا للوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وبيده السلطة التنفيذية، بينما يبقى منصب رئاسة الجمهورية شرفيا بلا صلاحيات تنفيذية تذكر». وأشار القيادي الكري « الاكراد سيحلون المسألة فيما بينهم وسيقدم هذا الطرف او ذاك تنازلات معينة من اجل الاحتفاظ بمنصب رئاسة الجمهورية، وعند ذاك ستتحول المعركة بين الاكراد والنجيفي». وقال مختتما حديثه: «نبقى ان نعرف رأي القيادة الايرانية التي تتدخل بقوة في الملف الداخلي العراقي، خاصة بعد ان غيرت في الدورة البرلمانية الماضية مقاليد الامور وازاحت اياد علاوي، رئيس الوزراء الاسبق وزعيم ائتلاف العراقية وقتذاك، بعد فوزه في الانتخابات ولم تسمح له بتشكيل الحكومة، وحسبما يتردد فان النجيفي الطامح بمنصب رئاسة الجمهورية قام بزيارة ايران ولقاء قاسم سليماني، المسؤول الايراني وقائد فيلق القدس والذي بيده الملف العراقي». ويذكر ان النجيفي زار إيران لتعزية سليماني بوفاة والدته العام الماضي وعدت هذه الزيارة لتي انتقدتها قيادات عراقية تمهيدا على ترشيح النجيفي لرئاسة الجمهورية.