«الأصالة والمعاصرة» المغربي المعارض يطالب الدولة بتعويض المعتقلين الاحتياطيين بعد الحكم ببراءتهم

يشكلون 41 في المائة من المسجونين بالبلاد

TT

في خطوة من شأنها تقليص عدد المعتقلين الاحتياطيين في البلاد، وضع الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض أمس الثلاثاء مقترح قانون يفرض على الدولة تقديم تعويضات مالية عن الأضرار الناتجة عن الاعتقال على ذمة التحقيق الذي ينتهي بإلغاء المتابعة أو البراءة. ويراهن حزب الأصالة والمعاصرة من خلال هذا المقترح على تخفيف العبء عن السجون التي يوجد فيها 30 ألف معتقل احتياطي، أي 41 في المائة من المسجونين، وفق الأرقام الرسمية لوزارة العدل والحريات، جراء اتخاذ القضاء قرارات الوضع رهن الاعتقال الاحتياطي بدل العقوبات البديلة.

وعد فريق الأصالة والمعاصرة الضرر الذي يلحق بالشخص جراء سلبه حريته والحكم عليه فيما بعد من طرف قاضي التحقيق بالبراءة، بمثابة خطأ قضائي، وهو ما يستوجب دفع تعويض مالي للمتضررين.

ورفض مقترح الأصالة والمعاصرة استمرار إفلات قضاء التحقيق من التعويض بسبب قرارات المدعين العامين القاضية باعتقال المتهمين لمدة طويلة على ذمة التحقيق قبل أن يقرر القضاء إلغاء المتابعة أو البراءة، أو حتى الإدانة بالغرامة فقط، أو بالعقوبة السالبة للحرية لكن لمدة تقل عن مدة الاعتقال الاحتياطي التي قضاها المتهم رهن الاعتقال.

وأعطى المقترح كل من تضرر ماديا أو معنويا من مقرر قضائي بالاعتقال الاحتياطي، وانتهت مسطرة البحث والتحقيق معه بإلغاء المتابعة أو البراءة، وأصبح مقررا الإفراج عنه نهائيا، أن يطلب تعويضا شاملا ومنصفا عما لحق به من أضرار مباشرة مادية ومعنوية ومهنية وتفويت الفرصة، جراء هذا النوع من الاعتقال.

وعد المقترح أن الاعتراف المأمول بالحق في التعويض سيشكل مرحلة جديدة في تكريس دولة الحق والقانون وتوسيع الضمانات الدستورية لحماية الحريات الفردية وقرينة البراءة في غير حالة المساطر (الإجراءات) الخاصة مثل الطعن بالمراجعة، وتجريح القضاة، ورفع المفرج عنه دعوى التعويض ضد المشتكي أو الواشي أو شاهد الزور عند فشل تحريكهم للدعوى العمومية عن طريق الادعاء المباشر أو الانتصاب طرفا مدنيا.

وأشار مقترح الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة إلى أن الحق في التعويض تكرسه كل الدول الديمقراطية؛ ويدافع عنه تيار قوي في الفقه الجنائي الوطني والمقارن؛ وتطالب به الحركة الحقوقية؛ وتدعمه المنابر الإعلامية الحداثية، مؤكدا أن المغرب عرف تجربة غنية، بل ورائدة، في جبر الأضرار المادية والمعنوية؛ الفردية والجماعية، للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أن آثار هذه التجربة امتدت إلى دسترة العديد من الحقوق والحريات والضمانات، منها قرينة البراءة، والمحاكمة العادلة، والحق في السلامة الجسدية والمعنوية للأشخاص، وكذلك الحق في التعويض عن الضرر الناشئ عن الأخطاء القضائية، كما ينص على ذلك الفصل «122» من الدستور.

وبرر المقترح تعويض ضحايا الاعتقال الاحتياطي بضرورة تحمل الدولة مسؤولية السير المعيب، كمّا وكيفًا، لمرفق قضاء التحقيق بصفة عامة، عادّا أن الإفراط في الإجراء، أي «الحرية في التصرف»، من طرف قضاء البحث والتحقيق في عشرات الآلاف من الأشخاص يقول الدستور والمواثيق الدولية والمسطرة الجنائية بافتراض براءتهم، يشكل اعتداء جسيما على حرياتهم وحقوقهم ومراكزهم، أحيانا بسبب في القانون، وأحيانا بسبب أخطاء مرفقية، وأخرى بسبب سوء التقدير من طرف القاضي نفسه.

وكشف المقترح أن مجموعة من الثغرات أظهرتها الممارسة تبين أن هناك ميلا واضحا من القضاة نحو الحكم بالحد الأقصى لمدة الاعتقال الاحتياطي، التي يبلغ معدلها، حسب معطيات وزارة العدل والحريات، تسعة أشهر و18 يوما، أي 85 في المائة من المدة القصوى في الجنايات، كما أن الممارسة وفق مقترح «الأصالة والمعاصرة» أثبتت ضعف التشبع بفلسفة البدائل، حيث تقف نسبة استعمال البدائل، رغم كثرتها التي تبلغ 16 بديلا قانونيا.

وحدد المقترح عملية تحديد مبلغ التعويض عن الأضرار الناجمة عن الاعتقال الاحتياطي بناء على خبرة تجري واستنادا إلى طلب مكتوب وموقع من المتضرر من الاعتقال شخصيا.

ويجبر المقترح الهيئات القضائية المكلفة إصدار الأحكام بالإخبار الفوري للمعتقلين الاحتياطيين المفرج عنهم، وباللغة التي يفهمونها، بحقهم في طلب التعويض عن مختلف الأضرار التي لحقت به، وبالمساطر (الإجراءات) القانونية التي ينبغي اتباعها.

وكلف المقترح المحكمة الإدارية بالدائرة القضائية التي تقرر فيها الاعتقال، النظر في دعاوى التعويض المرفوعة ضد الدولة ممثلة في شخص الوكيل القضائي للمملكة. وأصبغ المقترح امتيازات خاصة على دعاوى طلب التعويض، منها الإعفاء من الرسوم القضائية وغيرها، واتسامها بالنفاذ المعجل.