«الدستور» و«البطالة» و« أسعار النفط» أهم التحديات التي تواجه الحكومة الجزائرية

71 في المائة من أجور الموظفين مصدرها صادرات البترول والغاز

TT

تواجه الحكومة الجزائرية التي أعلن عن تشكيلها أول من أمس، تحديات سياسية واقتصادية كبيرة في المرحلة المقبلة، ويتعلق الأمر بالتعديل الدستوري الذي تعهد به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المنتخب لولاية رابعة، وما سيتضمنه على صعيد توسيع هوامش ممارسة الحريات، وأزمة التشغيل التي تعد قنبلة موقوتة.

ومطلوب من حكومة عبد المالك سلال، أن تبذل جهدا مضنيا لإقناع المعارضة بالمشاركة في المشاورات المرتقبة تحسبا لـ«الدستور التوافقي» الذي تحدث عنه الرئيس بوتفليقة يوم 28 من الشهر الماضي، بمناسبة أداء القسم الدستوري إيذانا بانطلاق مهامه كرئيس لفترة رابعة. وقال بوتفليقة في خطابه، إنه «سيفتح عما قريب ورشة الإصلاحات السياسية ستفضي إلى مراجعة توافقية للدستور»، وأن الأحزاب السياسية وأبرز منظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية «ستدعى للإسهام في هذا العمل البالغ الأهمية، وفي كنف احترام المبادئ الأساسية التي يمنع الدستور بالذات المساس بها، ودون إضرار بمواقف المشاركين في الاستشارة التي سنجريها».

وجاء رد المعارضة سريعا، برفض المشاركة في الاستشارة المرتقبة، واتهمت السلطة بـ«محاولة ربح الوقت بإدارة ظهرها للمطلب الأساسي وهو تغيير النظام، بدل التوجه إلى حلول ترقيعية لإطالة عمر نظام وصل إلى مداه»، على حد تعبير عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي المعارض، «حركة مجتمع السلم» الذي يقود تكتلا معارضا يسمى «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، المكون من أحزاب إسلامية وعلمانية وليبرالية. وأعلنت «التنسيقية» عقد مؤتمر كبير في 18 من الشهر الحالي، لإعداد «وثيقة مقترحات» ستعرض على السلطة، تتعلق بتغيير النظام.

ويرى مراقبون أن غياب المعارضة عن المشاورات المنتظرة، حول تعديل الدستور سيفقد المسعى مصداقيته وسيقتصر على إشراك «أحزاب الموالاة». وتقول المعارضة أن المشاورات التي أطلقتها السلطة في 2011 بخصوص ما سمي «إصلاحات سياسية»، لم تأت بالنتائج التي كانت ترجوها على صعيد الحريات والديمقراطية، وتطالب بإصلاحات دستورية حقيقية، مثل إتاحة الفرصة للحزب الفائز بالأغلبية في البرلمان بتشكيل الحكومة، وهو غير معمول به حاليا. فـ«جبهة التحرير الوطني»، وهي حزب بوتفليقة، تملك الأغلبية في غرفتي البرلمان ولكنها لم تحصل إلا على ثلاث حقائب في الحكومة الجديدة. كما أن رئيس الوزراء لا ينتمي إليها. وتطالب المعارضة أيضا، بإعادة المادة الدستورية التي تمنع الترشح لأكثر من ولايتين، بعد أن ألغاها بوتفليقة في تعديل دستوري أجراه في 2008 ليفتح لنفسه باب الترشح لولاية ثالثة.

وأعطى بوتفليقة ملامح التعديل الدستوري المرتقب، بالحديث عن «تعزيز الفصل بين السلطات وتدعيم استقلالية القضاء ودور البرلمان، وتأكيد مكانة المعارضة وحقوقها وضمان المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين».

أما أكبر التحديات فهي تلك المطروحة على الصعيد «الشعبي». فقد تعهد الموالون للرئيس الذين خاضوا حملة الانتخابات الماضية بدلا عنه، بسبب مرضه، بحل أزمة البطالة التي تصل إلى 29 في المائة، حسب خبراء اقتصاديين مستقلين، وتسعة في المائة، كما تقول الحكومة. وعرفت مناطق واسعة من البلاد احتجاجات كبيرة، قبل الانتخابات، حيث خرج الآلاف من العاطلين عن العمل للمطالبة بالشغل وبـ«توزيع ريوع النفط بإنصاف على مناطق البلاد».

وتفيد إحصائيات الحكومة بأن 71 في المائة من أجور العمال والموظفين في القطاع العمومي، مصدرها مداخيل صادرات النفط والغاز، بمعنى أن ميزانية التسيير مرتبطة ارتباطا عضويا بما تجنيه الجزائر من مبيعات البترول والغاز. ويقول الخبراء إن الحكومة ستعجز عن صرف الأجور في حال نزل سعر برميل النفط إلى 90 دولارا. وتمثل المحروقات 95 في المائة من الصادرات الجزائرية إلى الخارج. وتدرك الحكومة هذا التحدي جيدا، لهذا السبب تحدث بوتفليقة في خطابه الأخير، عن «السهر على مواصلة التنمية وعلى بناء اقتصاد متنوع، متنامي القوة يكون مكملا لإمكانياتنا من المحروقات».