وزير الخارجية اللبناني يحذر من تحول اللاجئين السوريين إلى «قنبلة موقوتة»

«الأمن المركزي» ينفي إغلاق الحدود أمامهم.. و«رايتس ووتش» تنتقد ترحيل 41 فلسطينيا

TT

حذرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية من تداعيات منع السلطات اللبنانية اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من النزاع السوري، من دخول لبنان، على خلفية ترحيل نحو 40 فلسطينيا قدموا من سوريا وحاولوا السفر بوثائق مزورة عبر مطار بيروت الدولي قبل أيام، في وقت نفى فيه مجلس الأمن المركزي اللبناني وجود قرار رسمي بإغلاق الحدود أمام اللاجئين الفلسطينيين أو السوريين.

وفي حين وصف وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل العدد المتزايد للاجئين السوريين إلى لبنان بأنه «قنبلة موقوتة»، رأى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أنه «لا بد من إعادة تنظيم الدخول السوري بما يتلاءم مع وتيرة القتال الدائرة في المناطق على الحدود مع لبنان».

وأعرب باسيل خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير في برلين، عن اعتقاده أن «أي مساعدة تجري فقط بشكل مباشر إلى النازحين السوريين تؤدي إلى تمديد بقائهم في لبنان، وهذا أمر خطير ومخيف بالنسبة للبنان». وقال إن «موضوع النزوح السوري إلى لبنان عامل مفجر بعدما تخطى الحدود المعقولة وأصبح عدد النازحين يشكل ثلث الشعب اللبناني».

وشدد باسيل على أن «الدولة اللبنانية بمؤسساتها بحاجة إلى المساعدة المباشرة كي تستطيع العمل على عودة آمنة وكريمة للسوريين إلى وطنهم. ومن لا يمكن إعادته الآن، يمكن خلق تجمعات سكنية على الحدود اللبنانية السورية»، تزامنا مع تحذير وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني من أن «موضوع النزوح بدأ يفوق قدرة الشعب والدولة على التحمل».

وطالب درباس، خلال استقباله أمس وفدا من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، المنظمات الدولية بـ«المساعدة على تنظيم الوجود السوري في لبنان، وإقامة مراكز استقبال على الحدود اللبنانية - السورية ضمن المناطق الفاصلة بين البلدين»، لافتا نظر المفوضية إلى أن «معظم النزوح السوري في هذه الفترة يحصل لأسباب اقتصادية أكثر منها أمنية».

وشدد درباس في الوقت ذاته على «ضرورة التصدي للفقر والبطالة في لبنان، واللذين يشهدان تزايدا كبيرا في ظل الأوضاع الحالية»، مشيرا إلى أن «هذا الجانب يجب أن يبقى من ضمن أولويات عمل المنظمات الدولية من خلال السعي للتخفيف منه».

ويشكو لبنان من استمرار تدفق اللاجئين السوريين إليه مع دخول أزمة سوريا عامها الرابع. وتشير إحصائيات مفوضية شؤون اللاجئين إلى أن عدد اللاجئين المسجلين تخطى عتبة المليون لاجئ هربوا من النزاع الدائر في بلادهم، علما بأن تقديرات غير رسمية تشير إلى أن عدد اللاجئين السوريين أكبر بكثير، بحيث باتوا يشكلون ثلث عدد سكان لبنان المقدر بأربعة ملايين نسمة.

وشكل لبنان وجهة هرب اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في سوريا، بحيث بلغ عدد الوافدين بحسب المفوضية 52 ألف فلسطيني، يضافون إلى قرابة 420 ألف لاجئ فلسطيني يقيمون في 12 مخيما للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وكانت السلطات اللبنانية رفضت إقامة مخيمات للاجئين السوريين على غرار تلك المقامة لهم في تركيا والأردن، معللة ذلك بتفادي تكرار تجربة اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها.

وعمد الأمن العام اللبناني يوم الأحد الماضي إلى إعادة 41 لاجئا أتوا من سوريا وغالبيتهم من الفلسطينيين بعد توقيفهم في مطار بيروت الدولي خلال محاولتهم السفر بوثائق مزورة. وانتقدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية بشدة هذه الخطوة هذه، عادة أنها «وضعتهم في مواجهة خطر كبير».

وأكدت المنظمة في بيان، أمس، قيام الحكومة اللبنانية خلال الأيام الماضية «اعتباطا بمنع دخول الفلسطينيين عبر الحدود البرية مع سوريا»، في حين قال المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) كريس غانس: «إننا نراقب الوضع على الحدود بدقة، وتلقينا ضمانات من السلطات اللبنانية أن هذا التقييد مؤقت»، آملا في رفعه «خلال الأيام المقبلة».

لكن مجلس الأمن الداخلي المركزي اللبناني أكد، أمس، أنه «ليس هناك أي قرار يمنع دخولهم بالمطلق، وأن الحدود ليست مغلقة أمامهم»، وطلب من المديرية العامة للأمن العام اقتراح آلية تنظم دخول السوريين والفلسطينيين اللاجئين في سوريا إلى لبنان وفقا لمعايير واضحة لتعرض على مجلس الوزراء لبحثها وإقرارها.

وكان مجلس الأمن المركزي عقد اجتماعا برئاسة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بحث فيه في عملية دخول المواطنين السوريين والفلسطينيين اللاجئين في سوريا إلى لبنان عبر الحدود البرية والجوية، مشيرا إلى أن ترحيل عدد من المواطنين السوريين والفلسطينيين اللاجئين في سوريا، الذين كانوا في صدد العبور من لبنان إلى دول عربية، اتخذ «لارتكابهم فعلا جرميا بسبب حيازتهم أوراق سفر مزورة».

وتمنح السلطات اللبنانية السوريين الذين يعبرون الحدود إقامة لستة أشهر قابلة للتجديد، في حين يمنح اللاجئون الفلسطينيون القادمون من سوريا، إقامة لأسبوعين فقط، قابلة للتجديد كذلك. وفي حين رأت «هيومان رايتس ووتش» أن «الحكومة اللبنانية تتحمل عبئا لا يقارن مع اللاجئين السوريين الذين يعبرون حدودها، إلا أن منع دخول الفلسطينيين من سوريا هو سوء تعامل مع هذا الوضع»، ذكرت «الأونروا» بموقف مجلس الأمن الدولي الذي يؤكد «أهمية عدم إعادة (...) وحماية اللاجئين الذين يهربون من النزاع في سوريا، ومنهم الفلسطينيون».