إسرائيل تشن حملة دولية ضد عباس وتتهمه بـ«التحايل» على كيري

مكتب نتنياهو ينفي تعطيله اتفاقا قبل ثلاث سنوات بين بيريس وأبو مازن.. ورايس تلتقي الطرفين

الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس ومستشارة الأمن القومي لأميركي سوزان رايس لدى لقائهما في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

شن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، هجوما على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قائلا إنه «لم يرد في أي وقت الوصول إلى اتفاق سلام، وكان يبحث عن تنازلات من دون أي يدفع أي ثمن».

وجاء الهجوم الجديد في إطار نفي ديوان نتنياهو تصريحات أدلى بها الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، قال فيها إنه كان توصل قبل ثلاث سنوات إلى تفاهمات مع عباس بشأن عملية السلام، إلا أن نتنياهو عرقل هذا المسعى.

وقالت مصادر مسؤولة في مكتب نتنياهو: «إن عباس لم يتفق على أي شيء مع إسرائيل ولم يتوصل إلى أي تفاهمات في حياته إلا مع (حركة) حماس». وأوضحت المصادر في بيان: «الرئيس عباس لم يوافق على شيء، وعندما تفاوض معه بيريس أراد أبو مازن الحصول على تنازلات دون أن يقدم ثمنها». وأضافت: «كان أسلوب عباس قائما على انتزاع مواقف من إسرائيل دون ثمن». وتابع المصدر أن «أسلوب عباس قائم على الضبابية حتى يتراجع ويتهرب من أي اتفاق».

وكان بيريس قال في تصريحات للتلفزيون الإسرائيلي، إنه فوض، من قبل نتنياهو، للتفاوض مع الرئيس عباس لمدة تسعة أشهر قبل ثلاث سنوات، وجرى حينها التوافق على كل شيء، إلا أن نتنياهو «تهرب من التوقيع وأفشل الاتفاق الذي يتضمن اعتراف أبو مازن بيهودية إسرائيل».

وقال بيريس: «توصلنا إلى تفاهمات حول النقاط كافة تقريبا، ولكن نتنياهو اعتقد أن لدى مبعوث الرباعية الدولية توني بلير اقتراحا أفضل».

وكان بيريس يتحدث عن مباحثات كشف عنها في 2011، لكن السلطة الفلسطينية نفتها بشدة في ذلك الوقت، قائلة إن بيريس غير مخول إسرائيليا بمثل هذه المباحثات.

وقالت مصادر فلسطينية مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» إن «الرئيس عباس لم يوافق، ولا في لحظة، على الاعتراف بيهودية إسرائيل لا في الماضي ولا الآن ولا في المستقبل». وأضافت أن عباس «كان - وما يزال - منفتحا على الرأي العام الإسرائيلي ومستعدا لمقابلة المسؤولين الإسرائيليين في محاولة لتضييق الفجوات بين الطرفين وتشكيل جبهة ضغط إسرائيلية على الحكومة هناك، لكن من دون أن يمس ذلك بالثوابت».

وأوضحت المصادر أن شروط عباس من أجل العودة إلى المفاوضات واضحة، وهي وقف الاستيطان ووضع خريطة الحدود على الطاولة وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى.

وجاء هذا التأكيد قبل يوم من لقاء مفترض بين عباس ومستشارة الأمن القومي الأميركي، سوزان رايس، التي وصلت إسرائيل، أمس، على رأس وفد أميركي كبير، للمشاركة في اجتماعات «المجموعة الأميركية - الإسرائيلية الاستشارية». وستناقش رايس مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين إمكانية دفع عملية السلام من جديد. وكان البيت الأبيض أعلن أن وفدا أميركيا رسميا سيزور المنطقة في محاولة لإنقاذ عملية السلام التي وصلت إلى طريق مسدود.

وفي هذا الوقت، اتهم مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، يوسي كوهين، الفلسطينيين بـ«الاحتيال» على وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بشأن جدية نواياهم في المفاوضات التي جرت بين الجانبين، ودعا ممثلي الدول المعنية لتحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية عن فشل المفاوضات.

وكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، عن أن كوهين بعث خلال الأسبوعين الماضيين برسائل احتجاجية إلى البيت الأبيض وإلى سفراء عشرات الدول الأخرى لدى إسرائيل، ومنها جميع الدول الأوروبية وروسيا والصين، بهذا الخصوص.

وأرفق المستشار كوهين رسائله بوثيقة كان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات تقدم بها إلى عباس من 65 صفحة، في التاسع من مارس (آذار) الماضي أوصى فيها بتقديم طلبات الانضمام إلى مواثيق دولية مختلفة: «بما يخالف التفاهمات السابقة التي استندت إليها العملية التفاوضية»، كما قال كوهين.

وأوصى عريقات في الوثيقة بتقديم طلبات انضمام إلى اتفاقية جنيف وسلسلة من الاتفاقات الدولية الأخرى، لإبلاغ الولايات المتحدة والقوى الغربية أن الفلسطينيين لن يمددوا مفاوضات السلام أكثر من موعدها المقرر في 29 أبريل (نيسان) الماضي.

وردت وزارة الخارجية الفلسطينية على الهجوم الإسرائيلي، وأدانت التحريض الإسرائيلي المتواصل ضد القيادة الفلسطينية. وقالت في بيان: «يواصل وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان حملته التضليلية المليئة بالافتراءات والكذب ضد شعبنا، والرئيس محمود عباس خاصة، في محاولة مكشوفة لتحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية عن إفشال المفاوضات، وفي ذات الوقت يعلن تمسك الحكومة الإسرائيلية بالاحتلال والاستيطان، وبالشروط المسبقة التي طرحتها لتقويض المفاوضات عمدا وعن سبق إصرار، مثل الاعتراف بالدولة اليهودية، وتخلي الفلسطينيين عن حق العودة».

وحذرت الخارجية المجتمع الدولي من خطر الوقوع في هذا «الفخ الإعلامي الإسرائيلي الهادف لنقل مسؤولية فشل كل مشاريع التسوية من الجانب الإسرائيلي الذي لم يخف يوما معاداته لها وعمله الحثيث ضدها، وتحميله الجانب الفلسطيني كل هذا العبء».