حمص حجر زاوية الأسد لإجراء انتخابات الرئاسة ومصدر أمان العلويين

إخلاؤها من مقاتلي المعارضة ينقلها من «عاصمة الثورة» إلى «عاصمة الدويلة»

TT

وافق النظام السوري على المضي باتفاق مع المعارضة السورية وبإشراف الأمم المتحدة، لإخلاء مدينة حمص، قبل شهر تقريبا من موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الثالث من شهر يونيو (حزيران) المقبل. وتعني هذه الخطوة عمليا أن المساحة الجغرافية الممتدة من العاصمة دمشق مرورا بحمص وحماه وصولا إلى الساحل السوري، باتت آمنة تماما بالنسبة للنظام لإجراء الانتخابات فيها من دون أي خطر عسكري معارض.

وعلى الرغم من تشكيك المعارضة السورية بقدرة النظام على تنظيم الانتخابات وإجرائها في كل المناطق السورية نظرا لخروج بعض منها عن سيطرته العسكرية، لكن بات من الواضح، بعد تنفيذ اتفاق حمص، أن المنطقة الجغرافية التي سيعتمد عليها النظام لإقامة الانتخابات فيها تتطابق بالكامل مع خريطة الدولة العلوية. وكثرت في الآونة الأخيرة التقارير التي تحدثت عن إقامة هذه الدولة بموجب خطة بديلة قد يعتمدها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، علما بأنها تمتد من شمال دمشق مرورا بحمص وصولا إلى حدود لواء الإسكندرون، لتشمل بذلك شريطا ساحليا جبليا تقطنه غالبية علوية. وتتيح السيطرة النظامية على حمص فتح معبر إلى هذه «الدويلة» يربطها بمنطقة البقاع اللبناني من الجهة الشمالية، حيث معقل حزب الله، حليف القوات النظامية ميدانيا ضد كتائب المعارضة.

ويسهل خروج مقاتلي المعارضة السورية من حمص بدءا من يوم أمس تمهيدا لإنهاء كل المظاهر العسكرية المعارضة فيها، رصد التحول الديموغرافي في المدينة، إذ بات العلويون الذين يتحدر منهم الأسد يشكلون الأكثرية بعد نزوج غالبية السكان السنة نتيجة القصف على أحيائهم. وتعد حمص بالنسبة للعلويين صلة الوصل بين العاصمة دمشق ومناطق الساحل التي يشكلون غالبية سكانها.

ومع خروج معظم المناطق الشمالية والشرقية ذات الغالبية السنية عن سيطرة النظام، يتوقع مراقبون ومعارضون أن يقتصر إجراء الانتخابات الرئاسية على المناطق الوسطى وصولا للساحل، لتكون حمص بذلك حجر الزاوية جغرافيا في عملية إجراء الانتخابات.

وفي هذا السياق، يؤكد المحلل السياسي السوري سمير التقي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «إجراء الانتخابات الرئاسية في حمص بعد استكمال السيطرة عليها من قبل النظام سيكرس واقع وجود إقليم تحت سلطة الأسد وإقليم آخر خارج عن سيطرته».

ويوضح التقي في الوقت نفسه، أن ذلك «لا يعني أن النظام لن يسعى إلى السيطرة على مناطق جديدة خلال الفترة المقبلة»، عادا أن «سيطرة النظام على كامل حمص وإجراء الانتخابات فيها سيؤدي إلى المزيد من تعقيد الوضع ولن يسهم في التوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة السورية».

وعلى الرغم من أن النظام السوري يسعى عبر إصراره على إجراء الانتخابات الرئاسية إلى إعادة إنتاج شرعيته محاولا استعادة أكبر عدد من المناطق لتأمين نجاحها لوجيستيا، لكن من شأن حصولها في حمص أن ينعكس إيجابيا على العلويين ويطمئنهم بأن مناطقهم باتت بأمان ولم تعد عرضة لهجمات المعارضة.

ولعل الصور التي بثها ناشطون معارضون وتظهر بعض المقاتلين الخارجين من المدينة وهم يبكون تأثرا بسبب مغادرتهم حمص وآخرين يقبلون الأرض، تكشف عن طبيعة الخسارة التي منيت بها المعارضة بعد استعادة النظام سيطرته الكاملة على المدينة.