القربي لـ «الشرق الأوسط»: السعودية وأميركا وبريطانيا تنظر في تأهيل الجيش اليمني

قال إن مجلس الأمن ينظر في تدخلات إيران.. وصنعاء مهتمة بالشراكة الخليجية

أبو بكر القربي
TT

أكد وزير الخارجية اليمني، أبو بكر القربي، أن بناء الجيش اليمني، الذي يخوض حربا كبرى ضد عناصر تنظيم القاعدة في محافظات الجنوب، سيحتاج إلى سنوات، إلا أنه أشار إلى أن دولا كثيرة ومن بينها السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا والأردن، تنظر في كيفية تقديم العون في هذا المجال.

وقال القربي في تصريحات خص بها «الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من لندن، إن الجيش اليمني يحتاج إلى إعادة هيكلة، وتدريب، وتحديث، ليشمل عناصره جميع مناطق اليمن، مشيرا إلى أن هذه العملية تحتاج لسنوات حتى يستطيع القيام بدوره كاملا. وأشاد الوزير اليمني بالمجهودات الكبيرة التي يقوم بها القوات المسلحة هذه الأيام، حيث استطاعت «حسم كثير من المعارك الدائرة الآن في محافظات شبوة وأبين، وتدمير معسكرات القاعدة وتشريد وقتل عناصرها». وأوضح أن «الجيش تحمل مسؤولية كبرى فرضت عليه نتيجة الأعمال الإرهابية التي ينشط تنظيم القاعدة فيها خصوصا في الجنوب». وأكد أن العملية العسكرية تسير بشكل جيد، وتجد مساندة شعبية واسعة.

وأكد موقع وزارة الدفاع اليمنية أمس، أن الجيش اليمني سيطر على مدينة عزان معقل تنظيم القاعدة في محافظة شبوة الجنوبية، وذلك بعد عشرة أيام على إطلاق الحملة لطرد التنظيم من معاقله في محافظتي أبين وشبوة في الجنوب. وذكر مصدر محلي، أن مقاتلي التنظيم المتطرف انسحبوا من المدينة دون مقاومة بعد اتفاق مع وجهاء المنطقة «تجنبا لإراقة الدماء وتدمير المدينة». ونقل موقع وزارة الدفاع عن مصدر عسكري مسؤول قوله، إن «وحدات القوات المسلحة والأمن دخلت مدينة عزان بمحافظة شبوة وسط فرحة المواطنين». وأكد المصدر المسؤول، أن «الأمن والاستقرار يعودان تدريجيا إلى المناطق التي جرى تطهيرها من الإرهابيين في جول ريد وميفعة بشبوة ومديرية المحفد بأبين». وعزان، وهي من أكبر مدن محافظة شبوة، كان تعد المعقل الرئيس لتنظيم القاعدة في محافظة شبوة.

وأكد القربي أن مؤتمر أصدقاء اليمن الذي عقد في لندن في 29 أبريل (نيسان) الماضي، شكل فريق عمل للجوانب الأمنية، سينظر في الاحتياجات المالية واللوجيستية بالنسبة للأجهزة الأمنية اليمنية. وقال إن دولا عدة ستسهم في عملية تأهيل الجيش وذكر منها السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا والأردن. وبشأن إطلاق الأموال التي وعد بها المانحون لليمن، وتقدر بنحو ثمانية مليارات دولار، قال وزير الخارجية اليمني الذي حضر المؤتمر، إن هناك برنامجا للإصلاحات تقوم بإعداده الحكومة اليمنية، يشمل الجوانب الاقتصادية والأمنية، يواكبه برنامج من الأصدقاء، كشرط لإطلاق الأموال التي تهدف لتخفيف المعاناة عن المواطنين. وأشار إلى أن هذين البرنامجين يسيران في خطين متوازيين، حتى تجري الإصلاحات الشاملة وفق الخطة المنظورة.

وأوضح القربي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن معركة الإرهاب تحتاج إلى وضع استراتيجية متكاملة، ولا يمكن حسمها بالقوة العسكرية فقط، مشيرا إلى أهمية إطلاق إصلاحات شاملة، اقتصادية واجتماعية وتعليمية، ومحاولة إيجاد حل لمشكلة البطالة بين الشباب، وتوفير الخدمات للمواطنين ورفع مستوى المعيشة وهو موضوع يحتاج إلى أموال طائلة.

وأكد القربي أن مؤتمر لندن شكل ثلاث فرق، اقتصادية وسياسية وأمنية لإعادة الاستقرار في اليمن، مشيدا بخطاب الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات المتعددة الأطراف، الذي ألقاه خلال المؤتمر وأكد فيه موقف السعودية الثابت والداعم للعملية الانتقالية في اليمن. وقال إن الأمير تركي أشار إلى المبادئ التي ترتكز عليها السعودية وهي «أن أمن اليمن واستقراره من أمن واستقرار السعودية». وطالب القربي أصدقاء اليمن بالنظر إلى ما يريده اليمن وليس لرغباتهم هم كأصدقاء. وتوقع أن تبدأ الفرق الثلاث عملها قريبا من أجل إعادة هيكلة اليمن.

وكان مؤتمر لندن وافق على مراجعة آلية مجموعة أصدقاء اليمن بهدف تطوير عملها وتقديم الدعم التام لليمن في الوقت الذي يمضي في عملية الانتقال السياسي وعمليات الإصلاح ذات الصلة. وقالوا «إن المبادئ الأساسية لهذا الهيكل الجديد مبنية على الملكية اليمنية ودعم مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، في ثلاثة مجالات أساسية تشمل عملية الانتقال السياسي، والإصلاح الاقتصادي والتنمية، وإصلاح قطاع الأمن والقضاء».

واتفق أصدقاء اليمن على تشكيل لجنة تسيير وفرق عمل في كل من هذه المجالات الثلاثة، على أن تقدم فرق العمل تقاريرها للجنة التسيير التي ترفع بدورها تقريرا لاجتماعات أصدقاء اليمن السنوية التي تعقد على مستوى وزراء الخارجية على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر (أيلول) من كل عام.

وبشأن التدخلات الإيرانية في اليمن ودعمها للحوثيين، أشار القربي إلى أحاديث سابقة بشأن ضبط السلطات اليمنية أسلحة إيرانية كانت متجهة إلى الحوثيين، وقال إن «لجنة في مجلس الأمن الدولي تنظر في هذه القضية». ولفت إلى وجود بوادر إيجابية بشأن علاقات إيران مع الغرب، بخصوص ملفها النووي، لكنه أشار إلى أهمية أن تحاول إيران تحسين علاقاتها مع دول المنطقة، وخصوصا الخليج واليمن، ووقف تدخلاتها.

وبشأن الحرب التي يقودها الحوثيون في اليمن، وما إذا كانت لديهم أطماع انفصالية، أكد القربي أن «الحوثيين جزء من النسيج اليمني، وقد شاركوا بفعالية في مؤتمر الحوار الوطني، في كافة جوانبه السياسية والاقتصادية والأمنية»، وأشار إلى أنهم يعملون على إقامة دولة حديثة تلبي طلبات وحقوق الجميع.

وبشأن اكتشاف خلية في السعودية على صلة بتنظيم القاعدة في اليمن، لم يستغرب القربي هذا الأمر، مؤكدا أن هناك خلايا في اليمن مثلما توجد في السعودية، ودول أخرى، و«نفاجأ بها من فترة لأخرى». وأشاد القربي بمواقف السعودية، ودول الخليج، مشيرا إلى أن «هذه العلاقة تزداد كل يوم رسوخا وقوة». وحول احتمالات انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، قال القربي إن «المهم الآن هو الشراكة الحقيقية في كل الجوانب السياسية والاقتصادية وتوحيد المواقف وتعزيز الثقة في التعامل مع قضايا المنطقة».