الجيش العراقي ينفي اقتحام «سدة الفلوجة»

تضارب الأنباء بشأن مباحثات بين الحكومة وثوار العشائر

TT

في وقت تتعرض فيه مدينة الفلوجة (56 كم غرب بغداد) إلى هجوم بالمدفعية من قبل قوات الجيش العراقي مع إعلان جوامع المدينة النفير العام، تحسبا لاقتحامها من قبل القوات العسكرية، فقد نفت وزارة الدفاع الأنباء التي تحدثت عن «اقتحام» قوات الجيش لسدة الفلوجة بمحافظة الأنبار.

وقال بيان صدر عن وزارة الدفاع أمس إن «الوزارة تنفي ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من أخبار كاذبة حول اقتحام الجيش لسدة الفلوجة، ناسبة هذا الخبر إلى بيان صادر من قبل الوزارة»، مؤكدة أن «هذا الخبر عار عن الصحة». ودعت الوزارة خلال البيان «من يرغب في معرفة الأخبار الحقيقية المتعلقة بوزارتنا فعليه الاطلاع على الموقع الرسمي للوزارة وعلى الصفحة الرسمية للوزارة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)»، مشيرة إلى أن «ما تقوم بنشره بعض وسائل الإعلام غرضه تضليل الرأي العام».

في سياق ذلك، أعلنت جوامع مدينة الفلوجة النفير العام داعية مقاتلي «المجلس العسكري للعشائر» للتأهب تحسبا لاقتحام المدينة من قبل الجيش بعد أن بدأت أطراف مدينة الفلوجة تتعرض إلى قصف مكثف بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون. وفي هذا السياق، أكد الشيخ حميد الكرطاني، أحد شيوخ الفلوجة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفلوجة تتعرض بين فترة وأخرى إلى قصف مكثف من قبل الجيش يهدف إلى محاصرة المسلحين داخلها، فضلا عن تحفيز الأهالي للخروج منها حتى تسهل عملية اقتحامها». وأضاف الكرطاني أن «موقف الحكومة من قضية الفلوجة يبدو في غاية الصعوبة لجهة اقتحامها، لأن الجهات العسكرية لم تعرف حتى الآن حجم القوة المضادة داخل المدينة وكيفية التحصين، فضلا عن التحذيرات من المجلس المحلي وشيوخ العشائر لأن اقتحام الفلوجة ربما يحرج الكثير من الأطراف التي تقف حاليا مع الحكومة، وهو ما من شأنه أن يعقد الموقف أكثر».

على صعيد متصل، فقد نفى رئيس مجلس ثوار العشائر علي الحاتم السليمان الأنباء التي تحدثت عن تفاوضه مع الحكومة المركزية بشأن الأزمة التي تشهدها محافظة الأنبار خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الأردنية عمان. وقال الحاتم، في بيان له أمس الخميس، إنه «منذ مغادرتنا العراق بدأت وسائل الإعلام المغرضة في محاولة إلصاق التهم وإثارة الشبهات حول زيارتنا إلى الأردن»، مبينا أنه «خلال وجودي في الأردن لم يجر أي لقاء أو اتصال مع أي مسؤول تابع لحكومة المالكي، وأتحدى أي جهة تدعي إثبات ذلك».

وأضاف السليمان أن «ثورة الأنبار ماضية في طريقها لحين تنفيذ مطالب المعتصمين الـ(14)»، مؤكدا «اننا لن نقبل بأي مبادرة ما لم يتضمن انسحاب الجيش من أرض المحافظة بالكامل». وتابع السليمان أن «هناك جهات تصدر بيانات لتشتيت الجهد الذي سعى من أجله ثوار الأنبار والمجالس العسكرية»، مهددا بأن «الرد سيكون قاسيا عليهم وعلى من يدعمهم إذا ما استمروا على هذا المنوال»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه «ليست هناك أي جهة تمثل الثورة سياسيا داخل العراق أو خارجه». وأوضح السليمان أنه «منذ اللحظة الأولى كانت المظاهرات سلمية، واستمرت على مدى عام، لكن هذه الحكومة هي التي أجبرت العشائر على الوقوف والدفاع عن حقها، وأننا ماضون في خطين متوازيين، الأول استمرار الثورة العسكرية لأخذ حق أهل الأنبار والمحافظات الست، والثاني بالاتصال مع جميع الجهات لتبيان حقيقة ما يجري في الأنبار»، لافتا إلى أن «زيارته إلى الأردن تمت بنجاح، وأعلموا جميع الجهات بما يجري في الأنبار». وأكد السليمان أن «الحكومة تحاول الضغط على ثوار العشائر عن طريق العوائل النازحة واستغلال ظروفها الصعبة»، مشيرا إلى أن «الأنبار متفقة على أمرين مهمين، الأول أننا ضد جميع أنواع الإرهاب الذي أتى به حلف الغادرين وبعض السياسيين المحسوبين على حكومة المالكي، والأمر الثاني أن تستمر هذه الثورة لحين نيل حقوق الناس». وحمل السليمان «محسوبين على الأنبار مسؤولية من قام بهذه الحرب»، مشددا «ليعلم العالم أجمع أن من باع السنة وتاجر بقضيتهم هم السياسيون السنة، وأن الثورة لن ترضخ لهذه الحكومة».

من جهته، أكد عذال الفهداوي، عضو مجلس محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المباحثات التي أجراها علي الحاتم في عمان وفي أربيل إنما تستند إلى خطة كان قد أعدها محافظ الأنبار السابق قاسم محمد عبد، وتتضمن فتح حوار مع ثوار العشائر والمجلس العسكري بهدف عزل داعش عن هذه الجهات على أمل أن تلقي هذه الجهات السلاح وتقاتل (داعش) بعد أن تقوم الحكومة بتلبية كل مطالب المتظاهرين». وأضاف الفهداوي أن «تلك الخطة نالت استحسانا من قبل تلك الجهات وعدد من رجال الدين وشيوخ العشائر، غير أن أطرافا في الحكومة المحلية الحالية في الأنبار وقفت ولا تزال تقف ضدها انطلاقا من تضارب مصالح بين الطرفين على حساب مصالح المحافظة». وبشأن ما إذا كانت الحكومة موافقة على المبادرة قال الفهداوي إن «المعلومات تفيد بأن الحكومة ترحب بذلك، وأنها مستعدة للتفاهم مع كل الأطراف المعنية لإيجاد حل مع تلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين».