النظام السوري يطمح لرئيس لبناني «مقاوم».. والمعارضة تدعم جعجع

السفير علي عبد الكريم: علاقة حكومتي البلدين «تنسيق بالحد الأدنى»

TT

لا يبدو النظام السوري معنيا بشكل أساسي بالاستحقاق الرئاسي اللبناني كما كان في السنوات الماضية. فبعد أن كان له القرار النهائي بهذا الاستحقاق منذ اتفاق الطائف في عام 1989. ينشغل حاليا بأزمته الداخلية وبانتخاباته الرئاسية المرتقبة في يونيو (حزيران) المقبل، معولا على رئيس لبناني جديد يؤيد خطه السياسي اقتناعا منه بأن هويته ستحدد نوعية علاقة لبنان المستقبلية مع سوريا.

ويؤكد الأمين القطري لـ«حزب البعث العربي الاشتراكي» في لبنان فايز شكر أن الرئيس اللبناني الجديد سيكون «مع المقاومة ومنها، فالحفاظ عليها وحمايتها موضوع غير قابل للنقاش في برنامج عمل أي رئيس مقبل». ويقول شكر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سوريا، كما ورد أكثر من مرة على لسان رئيسها بشار الأسد، تطمح لرئيس لبناني يجمع عليه الشعب بما يحقق المصلحة العليا للبنان»، لافتا إلى وجوب أن يحافظ الرئيس الجديد على «كرامة وسيادة بلاده ويكون في صلب أولوياته الحفاظ على الاستقرار، فيكون حكما فوق الشبهات ومؤيدا لمشروع المقاومة».

ويعد شكر أنه لا حظوظ لرئيس حزب القوات سمير جعجع، ولا لرئيس حزب الكتائب أمين الجميل، لافتا إلى أن تجربة جعجع في الجلسات الانتخابية الماضية أثبتت أنه لا إمكانية لوصول رئيس من «14 آذار» إلى سدة الرئاسة.

وتؤكد مصادر لبنانية مقربة من النظام السوري لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية هو مرشح الأسد، لافتة إلى أن الأخير «يطمح لرئيس لبناني يثق به بالكامل وقد اختبره أكثر من مرة». وكانت العلاقة بين الرئيس اللبناني الحالي ميشال سليمان والرئيس السوري ساءت وانقطعت بين عامي 2012 و2013 على خلفية اتهام الوزير السابق ميشال سماحة المقرب من النظام السوري بنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان، والتخطيط لاستهداف تجمعات شعبية، وما تلاه من تصريح لسليمان قال فيه إنه ينتظر اتصالا من الأسد لتوضيح طبيعة الاتهامات الموجهة إلى سماحة. وكان كل الرؤساء اللبنانيين ما بعد اتفاق الطائف مقربين من النظام السوري، بدءا بالرئيس الراحل آلياس الهراوي، من ثم الرئيس إميل لحود الذي كان قائدا للجيش، وقد جرى التوافق على انتخاب سليمان رئيسا في عام 2008 بعد تسوية شارك بها النظام السوري وجرى توقيعها في الدوحة.

وتتطابق المواصفات التي يطمح إليها النظام السوري في الرئيس اللبناني الجديد مع المواصفات التي وضعها حزب الله الذي أعلن أكثر من مرة رفضه لرئيس «من دون رائحة ولا لون»، وقد أكد رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد أخيرا أنه «لن يأتي أي رئيس للجمهورية للبنان، إلا إذا كان على وفاق ووئام مع شعب المقاومة وخيار المقاومة».

ويعد سمير جعجع، رئيس حزب القوات اللبنانية، والنائب هنري حلو المقرب من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، المرشحين الرسميين الوحيدين للرئاسة اللبنانية، حيث إن باقي المرشحين المفترضين لم يعلنوا ذلك بانتظار تبلور إمكانية فوزهم، وأبرزهم رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل.

وأعلن الائتلاف الوطني السوري المعارض دعمه لترشيح جعجع، وأبلغ رئيسه أحمد الجربا الأخير خلال اتصال به بأن «الشعب السوري سوف يكون مرتاحا ومسرورا بوصولكم إلى قصر بعبدا»، في إشارة إلى القصر الجمهوري الواقع في منطقة بعبدا شرق بيروت.

وجدد جعجع أكثر من مرة موقفه الداعم لـ«الثورة السورية»، مؤكدا أنه «قلبا وقالبا مع الشعب السوري في نضاله من أجل قيام دولة مدنية، ديمقراطية، تعددية وحديثة في سوريا». وقد وعد في حال أصبح رئيسا للجمهورية، بسحب عناصر حزب الله من سوريا: «وهذا يعود للقوانين اللبنانية»، بوصفه يمكنه أن يفعل ما يريد «تحت سقف القانون».

ويؤيد عضو الائتلاف السوري المعارض هيثم المالح ترشيح جعجع، مؤكدا في الوقت عينه أن «سوريا تريد للبنان الرئيس الذي يريده الشعب اللبناني على أن يعيد له حريته التي سلبه إياها حزب الله». وينبه المالح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من رئيس يفرضه حزب الله: «فبعد أن كان النظام السوري هو من يفرض رؤساء لبنان، بات القرار اليوم في هذا الشأن بيدي حسن نصر الله الذي يأتمر بالولي الفقيه»، معربا عن أمله بأن يتمكن لبنان من انتخاب رئيس بعيدا عن «إملاءات حزب الله وسلاحه كي يتسنى له استعادة حريته». من جهة أخرى، وصف السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي، أمس، علاقة حكومة بلاده بالحكومة اللبنانية بـ«علاقة تنسيق بالحد الأدنى»، متمنيا أن تكون أكثر من ذلك. ولفت علي إلى أن الحكومة اللبنانية لا تتدخل في الشأن الداخلي السوري ولا ترغب في ذلك، وقال: «لا أظنها تستطيع بهذا المقياس أن تلبي الرغبة الأميركية، وهذه الرغبة هي تعبير مفلس، وليس التعبير الذي يريد خيرا لا لسوريا أو للبنان».